ابتعدت لفترة طويلة عن الكتابة حول أسس الاستثمار المالية، والتي كانت بداية انطلاقتي قبل أن أكون سيدة أعمال أو حتى أنشىء شركتي الخاصة في قطاع المقاولات وبناء المشاريع أو إدارة المشاريع الكبرى بالتعاون مع شركات سعودية، والتي أكنّ لها كل التقدير نظير دعمها لي خصوصاً وأنهم قبلوا النمط التقليدي بتعاونهم لأول مرة مع سيدة أعمال تتقلد إدارة المشاريع الخاصة في البناء والتشييد وهو ما كان غير مألوف آنذاك.

أفكاري الخاصة غير التقليدية في مجال الاقتصاد، نضجت بعد دراستي تحليل نظم المعلومات والمشاريع الخاصة، والذي كان حديثاً جداً في ذلك الوقت وسابقاً لأوانه، والآن وبعد أكثر من 15 عاماً من التخرج أجد شيئاً قد يصيب مما درست ويبين أهمية الدراسة الأكاديمية للجميع حتى لو تم توجه الجميع لبناء المشاريع الصغيرة أو حتى متناهية الصغر والتي قد تساهم بنجاحها النخب الجريئة فقط والمتعلمون من خريجي الجامعات أو المعاهد الاحترافية، فلا يوجد مجال في هذا الوقت بالمجازفة أو بما يسمى «خبطة الحظ» أو «ضربات الحظ»، التي قد ترفعك تارة وتسقطك ألفاً بسبب عدم إلمامك بأبسط خطوط الاقتصاد.

والآن، وبعد سنين من الأرباح الاقتصادية، بالإضافة إلى الخسائر المالية والتي هي طبيعية بالنسبة إلى أي مشروع مبتدئ إلى أن يتم تثبيت أسسه، وبعد أن انتقلنا من مستويات حجم المؤسسة من الصغيرة إلى المتوسطة تقريباً، بات يسألني الكثير من القراء والمتحاورين، حول أفضل المشاريع والأكثر ثباتاً من ناحية الدخل؟ وهل العقود الاقتصادية سواء طويلة أو قصيرة الأمد أكثر جدوى؟ وهل العقود هي التي تعطي أفضل الخيارات المضمونة؟، وذلك على الرغم من تضاؤل العقود طويلة الأمد والتي تعتبر أشد الخيارات خطراً وأقلها مردوداً!

في بداية الشرح، وخصوصاً بعد مفاجآت أزمة كورونا (كوفيد19) منذ نهاية 2019 وصولاً إلى النصف الثاني من 2021، وهي فترة ليست بالقليلة على أداء الاقتصادات التي أصابها الشلل بعد تراجع مفهوم العولمة الاقتصادية، أقول إن هناك شركات كبيرة جداً ظهرت أو تأسست معتمدة على التمويلات التجارية الضخمة وتدوير العائدات وتضخيم المشاريع بإيرادات افتراضية معتمدة على أرباح مستقبلية علمها بيد الله سبحانه وتعالى فقط.

وأضم إلى فرضية العقود طويلة الأجل أيضاً، الأسهم التجارية الطويلة والعملات الرقمية أيضاً، التي تلد عملة وتولد على أعقابها عملة مشفرة أخرى، أكثر دهاء ولربما تدر ربحاً بشكل غير متوقع لفترة وتموت لفترة لأنه من غير الطبيعي أبداً أن تصبح ثرياً وأنت نائم!!

مقالتي ليست ضد العقود وتطور شكل المؤسسة أو الشركة التجارية، لكن وجب التنويه إلى أن شح السيولة أو فسخ أي عقد ضخم مرتبط بأي مؤسسة قد يسبب تأثر مجموعة شركات تليها المؤسسات، وحتى إذا كان هذا هو الدخل الأساس والأفضل للتنويع الاقتصادي بين الإدارة المباشرة للمشاريع والعقارات والأنشطة التجارية لتحصيل الإيرادات نقداً مباشرة من الزبائن أو المؤجرين، وحتى لو أن هذا الأمر قد يكون مكلفاً ومتعباً، إلا أن فوائده أكثر بكثير من المجازفة بحبل مشنقة العقد الذي لو فض فجأة فإن الوقوف في المحاكم قد يستغرق فترة قد تصل إلى عقد من الزمان.

* سيدة أعمال ومحللة اقتصادية