أجزم بأن المذيع السابق وزير الإعلام الحالي في لبنان جورج قرداحي لم يتوقع حجم رد الفعل الغاضب إزاء تصريحاته المسيئة للسعودية والإمارات على مستوى المجتمع الخليجي والعالم العربي، بل حتى أنه لم يتوقع رد فعل المشاركين في البرنامج الذي شارك فيه، حيث قرر كل الشباب الموجودين حجب الثقة عنه. الشباب المشاركون في البرنامج المعني عبروا عن آرائهم بشأن مواقف قرداحي ووصفوه بالساعي للمتاجرة بالدماء ودعم الإرهاب والتصريح الدائم ضد القضايا العربية، وهذا كان نموذجاً مصغراً من تقييم الناس له ومن قبل مشاركين في البرنامج تداخلوا معه في النقاش والحديث. قرداحي والذي كبر اسمه من خلال برامج القنوات السعودية عبر بكل صراحة عما يكنه بداخله تجاه السعودية، وكان تعبيراً عن «قيح» قبيح و«حقد» دفين و«بغض» خبأه طوال سنين عديدة حينما كان يقبض راتبه من السعودية عبر قنواتها، قرداحي قد يكون صدم كثيراً برد الفعل، وهذا ما يفسر محاولات تبريره، ومساعيه للصق نفسه أكثر بالحكومة اللبنانية رغم أنه دائماً ما كان يدعي أن آراءه وتوجهاته تخصه هو.

لم ينجح قرداحي في بحثه عن صديق بعد تصريحاته، وأعني هنا صديقاً خليجياً وعربياً مخلصاً لقضايا أمته وعروبته، بل من ساند قرداحي كانوا أصدقاءه الإيرانيين ومن يلعبون دور الذيول لنظام المرشد الإيراني، في حين رد فعل الحكومات الخليجية والعربية كان واضحاً وجلياً بشأن من حاول الإساءة للدول التي مازالت تمد لبنان بالعون، ومازالت لبنان بحاجة لها.

هذا نموذج لشخصيات عديدة في بعض الدول والتي حينما يترك لها المجال لتعبر عن آرائها وتسلط عليها الكاميرات «تخفق» في استمرارية ارتداء قناع النفاق، بالتالي تسقط في أول اختبار وبسرعة شديدة، فتكشف عن مكنوناتها، ولنا في مسؤولين بالحكومة اللبنانية الكثير من الأمثلة. حال قرداحي كحال كثيرين ممن آثروا العمالة لإيران عوضاً عن أوطانهم، إذ في معرض أي نقاش يفشل هؤلاء فشلاً ذريعاً لو كانت الأسئلة الموجهة له تستوجب عقد مقارنة بين أوطانهم وبين إيران، إذ تجد نموذجاً غربياً لمدعي «الوطنية» حينما يعجز لسانهم عن انتقاد إيران بحرف واحد، بينما هم في شأن أوطانهم يمارسون «التشريح» و«نشر الغسيل» والادعاء بكل صنوف الشر بل وابتكار ما ليس موجوداً.

قرداحي أحد نماذج عديدة قدمت «الحقيقة المكتومة» في قلوبهم، وأكثر هذه النماذج محسوبة على أنظمة دول خيرات دول الخليج العربي عليها واضحة ودعم بلداننا تجاههم مستمر، وحتى حينما تحصل الإساءة لا تصدر الاعتذارات الرسمية بنفس سرعة التطاول، وهنا بات لزاماً مراجعة علاقات دولنا تجاه من يسيئ لنا باستمرار، بات لزاماً أن يعاد النظر في المساعدات والأموال التي ترسل خارجاً، فبقاؤها بالداخل ليستفيد منها المواطن أولى، فالمواطن سيشكر ويقدر دولته، بينما صاحب العلاقة المبنية على المصلحة هو من ديدنه الشتم ومن ثم معاودة السؤال والتسول.