هل كانت المملكة العربية السعودية ملزمة بدفع قرابة 70 مليار دولار إلى حكومة دولة يبرز بين الفترة والأخرى جمع من وزرائها ليمارسوا أبشع أنواع الإساءة لها؟!

الإجابة طبعاً «لا»، لكن لأنها السعودية عمقنا الخليجي والعربي فإنها تتحرك دائماً من منطلق مسؤولية وحرص على دعم أشقائها والوقوف معهم في المحن، ولبنان كمثال صارخ على ذلك، لكن للأسف ما الذي طال السعودية منهم، وما الذي طال دول الخليج العربي منهم؟!

على سبيل المثال لا الحصر، يكفي بأن الإرهاب الذي يستهدف دول الخليج ينبع من جنوب لبنان من معاقل «حزب الله» الموالي لإيران، من خلال تدريب الإرهابيين عسكرياً، ومن خلال عمليات تهريب الأسلحة، ومن خلال تهريب المخدرات إلى دول الخليج، أي أن الضرر الذي يأتينا من أراضي دولة مدعومة بقوة من دولنا أكثر بكثير من الفائدة التي تأتينا منهم.

وصلنا إلى المستوى الأقصى من قبل «التخرصات» الصادرة عن مسؤولين لبنانيين يتناسون بأنه لولا وقفة السعودية ودول الخليج معهم لانهار بلدهم بالكامل، ولكان الخيار الوحيد هو القبول بابتلاع إيراني كامل لأرضهم بدل الاقتصار على الجنوب اللبناني المحتل من قبل إيران بواسطة حسن نصرالله ومليشياته.

الإساءة للسعودية والإمارات ليست مقصورة على الدولتين الشقيقتين، بل هي إساءة لكل دول الخليج العربي، فمن يقبل بما قيل من إساءات بحق إخوانه هو يقبلها على نفسه، لذلك وجدنا استنفار دول الخليج عبر استدعاء الدبلوماسيين اللبنانيين وطلبهم المغادرة من أراضينا، إذ لا يقبل الاستمرار بالعلاقات الدبلوماسية ووزير يمثل الإعلام الرسمي في لبنان يتطاول ويسيء، وكذلك رئيس وزراء يصرح بـ«خجل» رافضاً الاعتذار الرسمي.

وحينما نتحدث عن موقف رئيس الوزراء اللبناني ميقاتي بشأن ما صدر عن جورج قرداحي نستغرب بشدة، إذ كيف تريد الحكومة اللبنانية الحفاظ على علاقاتها مع السعودية «بالأصح ضمان استمرار الدعم المالي السعودي الضخم» بينما تعجز هذه الحكومة عن استنكار تصريحات أحد وزرائها، بل ترفض عزله، قابلة في المقابل أن تتضرر علاقاتها الدبلوماسية وحتى التجارية؟!

حتى موقف المغنية اللبنانية أليسا كان أكثر وضوحاً وصراحة وقوة من رئيس وزراء بلدها، فهي ردت على قرداحي مستنكرة ما قال، بل قالت له اذهب للحوثيين وإيران والنظام السوري إن كانوا يعجبونك أكثر من السعودية الداعمة بقوة وصدق للبنان!

الآن سيعلو البكاء والصياح بشأن الإجراءات التي اتخذتها السعودية بالأخص على الجانب الاقتصادي، وكذلك الإجراءات التي اتخذتها دول الخليج بشأن التمثيل الدبلوماسي، في وقت تقدم دول الخليج أرقى صور الاحترام والتقدير للمواطنين اللبنانيين المقيمين في أراضيها وضمان عدم تضررهم جراء أفعال وأقوال غير رصينة وغير مسؤولة لسياسيي بلدهم.

كل ما تابعناه مصدره شيء واحد لا غير، ويتمثل بأن علاقة بعض الدول مع بلداننا الخليجية لا تتعدى للأسف علاقات مصلحة ورغبة في التحصل على مساعدات وأموال لا تتوقف، في المقابل هناك «حقد دفين» في نفوس بعضهم علينا، والدليل الانبطاح لإيران وأجنداتها الصريحة في معاداتها للخليج وللسعودية على وجه الخصوص.

كلنا مع الشقيقة الكبرى، اليوم نرى كيف يغضب الحليم، وكيف إذا ضرب فإنه يوجع أيما وجع.