ما أكثر الرهانات القطرية الخاسرة، ما أكثر هدر الأموال وضياعها، ما أكثر انقلابات السحر على الساحر! وضع النظام القطري رهانه على حصانين لحكم الشمال الإفريقي، صرف عليهما وموّلهما ودعمهما وقدمهما إعلامياً ودرّبهما في حضانة خاصة منتظراً اللحظة المناسبة لوضعهما في المكان الذي هيأهما له؛ الأول مرسي، والثاني المرزوقي. الأول كي يحكم مصر، والثاني كي يحكم تونس، على أمل أن الحصانين سيكونان تحت إمرة ولي النعمة وحضانة التهيئة والتدريب للإخوان المسلمين «حمد بن خليفة»، فيحكم من خلالهما الشمال العربي الإفريقي «كان الله في عونه». الأول وعرفنا مصيره ومصير جماعته، أما الثاني فقصته قصة.لنبدأ من نهاية المرزوقي، إذ أصدر قاضي التحقيق في تونس الأسبوع الماضي مذكرة اعتقال للرئيس المؤقت السابق المنصف المرزوقي بسبب تصريحاته التي أطلقها على قناة فرانس 24 والتي تفاخر فيها أنه قضى الأيام الأخيرة يجوب أوروبا بجوازه الدبلوماسي يحرض الدول الأوروبية على بلده، ويحثهم على عدم الحضور لقمة فرانكوفونية كان مزمعاً عقدها في تونس، أي إنه كان يعمل ضد المصلحة والمنفعة والفائدة لبلده، وعموماً هذا ليس بغريب عن أي منتمٍ لجماعة الإخوان المسلمين.لذلك صدرت مذكرة الاعتقال بحقه، والآن هو خائف من العودة إلى تونس، وسيعيش في الغربة. وتقول المصادر التونسية إنه لن يتأثر مادياً فقد كوّن ثروته من الأموال القطرية منذ أن كان موظفاً في قناة الجزيرة براتب شهري بلغ 50 ألف يورو ومازالت قطر تصرف عليه، إنما المهم ضاع كل ريال قطري صرف عليه هباء منثوراً.هذا الشخص وضع على سدة الحكم بعد عزل بن علي كرئيس مؤقت، فكان متقدماً في السبق وحصاناً رابحاً تعب النظام القطري على تهيئته وتدريبه وإجلاسه على الكرسي، فظن حمد بن خليفة أنه حقق حلمه، وأول قرار اتخذه المرزوقي هو صرف تعويضات له ولزملائه «المناضلين» كتعويضات!! ثم رد الجميل لقطر حين وقف عند السفارة البحرينية في تونس يهتف ضد آل خليفة عام 2011، ثم رد لها الجميل مرة أخرى حين وقف عند السفارة القطرية داعماً لها حين قرر التحالف الرباعي مقاطعة قطر عام 2017، واليوم هو مطرود من بلده، وصدرت بحقه مذكرة اعتقال.إنما لِمَ يسميه التونسيون «الطرطور»؟ لأنه يدافع عن قطر بطريقة مضحكة، تثير السخرية، لا يعنيه كشف عمالته لقطر فلا يعتني بالبحث عن تبريرات منطقية، لذلك أطلقوا عليه اسم طرطور قطر.فحين سألوه لماذا تدافع عن دولة غير ديمقراطية ليس لها برلمان ولا انتخابات ولا حتى دستور كقطر قال «وإن لم تدعِ قطر أنها دولة ديمقراطية لظروفها الخاصة فإنها دعّمت دوماً شعوباً...»، أعطى الطرطور لدولة قطر عذر «الظروف الخاصة» لكنه لم يُجِب ما هي الظروف الخاصة حين سُئِل عن ذلك، فأكمل التوانسة العبارة على طريقة أكمل الفراغ نيابة عنه، فقالوا «الديمقراطية لا تلزم قطر بعد لأنها لم تبلغ سن الرشد». وتهكم آخر «يوم فرقوا الديمقراطية لم تحضر قطر لأسباب خاصة».وقال معلقون تهماً للمرزوقي على غرار «الحقوقي المزيف» و«المُتاجر بالديمقراطية وحقوق الإنسان» و«عبد الريال القطري».ويقدم المرزوقي نفسه كدكتور وحقوقي ومثقف وسياسي.ويتساءل مغرد: «بالمناسبة دكتور هل ستصبح زميلنا في البطالة عندما تقطع عنك قطر المرتب لظروفها الخاصة أم ستغير الصنعة؟».وقال معلق «نص متناقض دليل علی أن المرزوقي هو مجرد عميل».وصحح معلقون تدوينة المرزوقي، فكتب معلقٌ «أولاً قطر لم تموّل الثورات العربية بل موّلت ميليشيات، وأنت وحزبك كنتما أحد هذه البيادق، ثانياً ما دخلنا نحن في معركة بين دول الخليج». وكتب معلقٌ ثانٍ «رهنتم قرارنا ومستقبل أبنائنا. اصطفاف هذه «النخبة» في هذه المحاور لا يدل إلا على إفلاس سياسي ندفع ثمنه يومياً».وقال ثالث «دعمتك أنت قطر يا طرطور ومولتك حتى تخرب تونس وتبث فيها سموم الجهوية والعروشية وتخرب مجتمعها وركائزه وتشوه رجالات البلاد».وتساءلت معلقة «لماذا تتكلم في ما لا يعنيك همك الوحيد أن تأتي بتصريح ترضي به أسيادك؟».وأعاد مغردون تداول مقطع فيديو تحت شعار «هذا تاريخك المخزي»، ظهر فيه المرزوقي مع الأمير السابق لقطر الشيخ خليفة بن حمد يعدل ملابس المرزوقي ويعلمه كيف يصافح»، «المصدر صحيفة العرب 7 يونيو 2017».نحتاج إلى من يحسب حجم الأموال التي صرفها النظام القطري على مشروع إسقاط الأنظمة وهدم الدول وتنصيب الأخوان المسلمين، وتشويه صورة الأنظمة العربية الأخرى؟ وكذلك كم دفع لتزوير الوثائق ورشاوى المحكمين والقضاة، فقط لمعرفة حجم خسائرهم، فكل يوم يسقط لهم طرطور!!