تُعنى الملكية الفكرية بحماية النتاج الفكري للإنسان، وتتعدد عناصرها لتشمل الملكية الأدبية والفنية والملكية الصناعية. ويقصد بالملكية الأدبية والفنية الحماية القانونية المقررة للمصنفات المبتكرة في مجال الآداب والفنون والعلوم، والحماية التي يمنحها القانون لمؤلفي هذه المصنفات بالإضافة لأصحاب الحقوق المجاورة كالمغنين والممثلين والعازفين. أما الملكية الصناعية، فتشمل الاختراعات والابتكارات في مجال الصناعة والعلامات التجارية التي يوفر لها المشرع الحماية بموجب أحكام قانون براءات الاختراع ونماذج المنفعة وقانون العلامات التجارية.
وتعد موضوعات الملكية الفكرية من أهم الموضوعات وأكثرها تشويقاً لارتباطها الوثيق بتفاصيل حياتنا اليومية، وتزايد الاهتمام بهذه الحقوق في السنوات الأخيرة وأدركت الدول النامية قبل المتقدمة أن حماية الابتكار والمبدعين من دعامات وركائز التنمية والتطور. وبطبيعة الحال لم تكن هذه الحقوق بمنأى عن التطور التكنلوجي الذي يشهده العالم اليوم، بل على العكس من ذلك، حيث تزايد الاهتمام بهذه الحقوق مع تطور وسائل النشر والمعرفة، وباتت المصنفات والابتكارات بمختلف صورها وأشكالها أكثر انتشاراً اليوم، فلا تخلو وسائل التواصل الاجتماعي من مظاهر الابتكار التي تتجلى في أبسط صورها بالتغريدات المبتكرة «tweets» أو بالتقاط صور فوتوغرافية وتحميلها على المنصات لمشاركة العالم بها، وقد لا يتسع المقام هنا لسرد النماذج أو تحليلها، إلا أن جميعها وبمختلف صورها تحتوي على عنصر أو أكثر من عناصر الملكية الفكرية.
ويثور التساؤل حول المركز القانوني للصحف والنشر الصحفي في ظل التحديات السابقة، فهل تملك الصحف اليوم حقوقاً حصرية على ما تنشره من أخبار؟ وهل من الممكن تداول هذه الأخبار في المواقع الإلكترونية ومن خلال الحسابات الإخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي دون إذن؟ في الواقع إن الإشكالية المطروحة هنا تستند إلى استياء عبرت عنه الصحف المحلية قبل بضع سنوات وذلك إزاء ما قامت به بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي حين بدأت بنسخ الأخبار الصحفية وإعادة نشرها من خلال تحميلها على حساباتها الإلكترونية. وبالرجوع لأحكام قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة البحريني رقم «22» لسنة 2006، نجد أن موقف المشرع البحريني كان واضحاً. حيث ينص المشرع البحريني على تمتع المؤلف بالحقوق المالية والأدبية على انتاجه الفكري، وهي حقوق حصرية – كقاعدة عامة- أي لايمكن للغير مباشرة هذه الحقوق – بعناصرها المختلفة- دون الحصول على موافقة مسبقة من صاحب الحق. وتتمتع الصحف بالحقوق المقررة للمؤلف على الإنتاج الفكري في الصحيفة، حيث تصنف الأخيرة على أنها مصنف جماعي ومن ثم يكون الناشر «صاحب الصحيفة» هو مالك حقوق المؤلف على هذا الانتاج أو المصنف كوحدة متكاملة ما يعني عدم إمكانية قيام الغير بنسخ أجزاء الصحيفة وإعادة نشرها دون موافقة مسبقة من صاحب الحق.
وتجدر الإشارة إلى أن نسخ الخبر الصحفي ونشره دون موافقة لا يدخل ضمن نطاق الاستثناءات التي حددها القانون تحت عنوان «الاستعمالات الحرة»، كما لا يعد الخبر الصحفي بعد النشر ضمن نطاق أخبار الأحداث الجارية التي تكون مجرد أخبار صحفية ليست محلا للحماية القانونية «نص المادة 4 من القانون»، ومفاد ذلك أن الخبر بحد ذاته ليس محلا للحماية ويمكن لكافة الصحف والأفراد تداول ذات الخبر، إلا أن إخراج الخبر الصحفي في صياغته وشكله النهائي يعد محلا للحماية كونه مبتكرا ويعكس شخصية كاتبه ومن ثم لا يمكن للغير الاعتداء عليه من خلال نسخه وإعادة نشره دون موافقة أو إذن.
وعلى الرغم من توفير المشرع البحريني للحماية القانونية لعناصر الملكية الفكرية من خلال القوانين المعنية، إلا أن الوصول للتطبيق الأمثل لهذه الحماية لن يتحقق دون وعي المجتمع بأهمية هذه الحقوق، وبأهمية الاعتراف بأحقية المبدعين في الحصول على ثمار إبداعاتهم وابتكاراتهم بصورة حصرية مقابل انتفاع المجتمع بنتائج هذا الابتكار والإبداع، الأمر الذي يتطلب تكاتف جهودنا جميعاً لمحاربة صور انتهاك هذه الحقوق واحترام الجهد الفكري والمادي الذي يبذله المبدعون لإخراج أعمالهم بصورتها النهائية، ولا شك أن الإنتاج الصحفي هو جزء من هذه المنظومة الإبداعية الهامة التي تستحق الدفاع عنها والعمل على حمايتها.
* أستاذ قانون الملكية الفكرية المساعد – كلية الحقوق - جامعة البحرين
{{ article.visit_count }}
وتعد موضوعات الملكية الفكرية من أهم الموضوعات وأكثرها تشويقاً لارتباطها الوثيق بتفاصيل حياتنا اليومية، وتزايد الاهتمام بهذه الحقوق في السنوات الأخيرة وأدركت الدول النامية قبل المتقدمة أن حماية الابتكار والمبدعين من دعامات وركائز التنمية والتطور. وبطبيعة الحال لم تكن هذه الحقوق بمنأى عن التطور التكنلوجي الذي يشهده العالم اليوم، بل على العكس من ذلك، حيث تزايد الاهتمام بهذه الحقوق مع تطور وسائل النشر والمعرفة، وباتت المصنفات والابتكارات بمختلف صورها وأشكالها أكثر انتشاراً اليوم، فلا تخلو وسائل التواصل الاجتماعي من مظاهر الابتكار التي تتجلى في أبسط صورها بالتغريدات المبتكرة «tweets» أو بالتقاط صور فوتوغرافية وتحميلها على المنصات لمشاركة العالم بها، وقد لا يتسع المقام هنا لسرد النماذج أو تحليلها، إلا أن جميعها وبمختلف صورها تحتوي على عنصر أو أكثر من عناصر الملكية الفكرية.
ويثور التساؤل حول المركز القانوني للصحف والنشر الصحفي في ظل التحديات السابقة، فهل تملك الصحف اليوم حقوقاً حصرية على ما تنشره من أخبار؟ وهل من الممكن تداول هذه الأخبار في المواقع الإلكترونية ومن خلال الحسابات الإخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي دون إذن؟ في الواقع إن الإشكالية المطروحة هنا تستند إلى استياء عبرت عنه الصحف المحلية قبل بضع سنوات وذلك إزاء ما قامت به بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي حين بدأت بنسخ الأخبار الصحفية وإعادة نشرها من خلال تحميلها على حساباتها الإلكترونية. وبالرجوع لأحكام قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة البحريني رقم «22» لسنة 2006، نجد أن موقف المشرع البحريني كان واضحاً. حيث ينص المشرع البحريني على تمتع المؤلف بالحقوق المالية والأدبية على انتاجه الفكري، وهي حقوق حصرية – كقاعدة عامة- أي لايمكن للغير مباشرة هذه الحقوق – بعناصرها المختلفة- دون الحصول على موافقة مسبقة من صاحب الحق. وتتمتع الصحف بالحقوق المقررة للمؤلف على الإنتاج الفكري في الصحيفة، حيث تصنف الأخيرة على أنها مصنف جماعي ومن ثم يكون الناشر «صاحب الصحيفة» هو مالك حقوق المؤلف على هذا الانتاج أو المصنف كوحدة متكاملة ما يعني عدم إمكانية قيام الغير بنسخ أجزاء الصحيفة وإعادة نشرها دون موافقة مسبقة من صاحب الحق.
وتجدر الإشارة إلى أن نسخ الخبر الصحفي ونشره دون موافقة لا يدخل ضمن نطاق الاستثناءات التي حددها القانون تحت عنوان «الاستعمالات الحرة»، كما لا يعد الخبر الصحفي بعد النشر ضمن نطاق أخبار الأحداث الجارية التي تكون مجرد أخبار صحفية ليست محلا للحماية القانونية «نص المادة 4 من القانون»، ومفاد ذلك أن الخبر بحد ذاته ليس محلا للحماية ويمكن لكافة الصحف والأفراد تداول ذات الخبر، إلا أن إخراج الخبر الصحفي في صياغته وشكله النهائي يعد محلا للحماية كونه مبتكرا ويعكس شخصية كاتبه ومن ثم لا يمكن للغير الاعتداء عليه من خلال نسخه وإعادة نشره دون موافقة أو إذن.
وعلى الرغم من توفير المشرع البحريني للحماية القانونية لعناصر الملكية الفكرية من خلال القوانين المعنية، إلا أن الوصول للتطبيق الأمثل لهذه الحماية لن يتحقق دون وعي المجتمع بأهمية هذه الحقوق، وبأهمية الاعتراف بأحقية المبدعين في الحصول على ثمار إبداعاتهم وابتكاراتهم بصورة حصرية مقابل انتفاع المجتمع بنتائج هذا الابتكار والإبداع، الأمر الذي يتطلب تكاتف جهودنا جميعاً لمحاربة صور انتهاك هذه الحقوق واحترام الجهد الفكري والمادي الذي يبذله المبدعون لإخراج أعمالهم بصورتها النهائية، ولا شك أن الإنتاج الصحفي هو جزء من هذه المنظومة الإبداعية الهامة التي تستحق الدفاع عنها والعمل على حمايتها.
* أستاذ قانون الملكية الفكرية المساعد – كلية الحقوق - جامعة البحرين