في الأسبوع الماضي تكلمت عن مشكلة اقتصادية يواجهها المجتمع بشكل خاص وهي ارتفاع الأسعار، وقلة التدابير وعدم وجود خطط استراتيجية منذ عشرات السنوات استعداداً لمرحلة الأزمات، وفي نفس الأسبوع سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء يوجه إلى التحقق من وفرة السلع الاستهلاكية الكافية للمواطنين ومواصلة الرقابة لتكون هذه السلع متوازنة من حيث الجودة والسعر.

هذا التوجيه بتحليله يمكن وصفه باعتباره أنه استحداث وخلق استراتيجية وطنية لضمان تدفق السلع الأساسية وعدم حدوث نقص في الإمدادات الداخلية منها، بالإضافة إلى تحديد معايير ثابتة للجودة ومستوى صارم لتذبذب الأسعار.

عدة نقاط مهمة لو تطبق بشكل مستفيض فإنها ضمان أن لا يعاني المجتمع وخاصة الطبقات المحدودة لسنوات من التقلبات الجيوسياسية أو الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية.

النقطة الأولى، الإشراف المباشر على حجم السلع الواردة، فكل ما يدخل البحرين عبر منافذها يجب أن يكون ضمن السجلات الرسمية «متى دخلت، ما هو حجمها، ماهي تكلفتها»، ثم مقارنة ذلك بالتوزيع الجزئي أو الجملة في الأسواق «هل الكمية التي وزعت في السوق هي نفسها التي دخلت البلد، وكم من الوقت أخذت حتى توزع، هل هناك وفرة في السوق من هذه السلعة أم أنها محدودة». وهذه النقاط إن جمعت وعولجت، الأكيد أنها ستكون الضمان لاستقرار الأسواق وعدم حدوث تلاعب أو تضخم في الأسعار.

النقطة الثانية، مراقبة الجودة، ومنها جزءان أساسيان الأول، أن تكون معايير الاستيراد ضمن شروط تحددها الجهات المختصة وتراقبها بالشراكة مع المجتمع، والجزء الثاني ملاحظة الأسعار وتحليل أسباب تفاوتها، هل هناك تدخل باستخدام حجة «العرض والطلب» مثل أن تقلل كميات التوزيع بقصد رفع الأسعار بعد زيادة الطلب وقلة المعروض أم هي أسباب خارجية.

أمر مهم قيل قبل سنوات «بأن التاجر حر في تحديد سعر بضاعته وأن المستهلك لديه خيار البحث عن سلعة أخرى» ! والأمر وإن كان صحيحاً فهو خلق نظام للتجار من غير نظام، أي أن التجار هم من يحددون قوانين السوق ويطبقونها.

توجيهات سمو ولي العهد رئيس الوزراء هي تشريع وعرف يجب أن يسود السوق المحلية خاصة سوق السلع الأساسية، فهو سوق متشبع لا يؤثر فقط على المواطن وجيبه بل تمتد تبعاته على عوامل كثيرة منها اجتماعية وثقافية وسياسية، والذي بدوره ينعكس على الوضع العام في البلاد، واليوم الجهات المعنية لديها كل الدعم والخيارات، فلا مجاملة ولا مقارنة بين مصلحة البلد والفئة الجشعة من التجار.