مريم بوجيري
«لاحظت اندثار الفن النسائي الخليجي الخاص بالرقصات الشعبية ووجود أزمة ثقافية في الفن الشعبي التقليدي مما يستدعي ضرورة توثيق تلك الفنون بأسرع وقت ممكن للأجيال القادمة».
هكذا بدأت شريفة الزياني حديثها، والتي دأبت لافتتاح صفحة خاصة بها عبر «إنستغرام» لتعليم النساء والفتيات أصول فنون الرقصات الشعبية التقليدية من خلال التعريف بكل رقصة شعبية على حدة وأصولها وخطوات القيام بها.
وسردت حكايتها لـ «تراثنا» مع الفنون الشعبية التقليدية النسائية، حيث قالت: «كنت أعمل مدرسة تربية رياضيه بالمدارس الحكومية لمدة 11 سنة، وكنت أقوم بتدريب الفتيات خلال المناسبات الوطنية على فقرات الرقص الشعبي ولاحظت أن أغلب الفتيات من الجيل الجديد ليست لديهن أي فكرة حول الفن الشعبي الأصيل والذي كانت تؤديه أمهاتنا وجداتنا في السابق بمختلف المناسبات، حيث تعلمت من سيدات العائلة أصول تلك الفنون الشعبية كما كنت أتعلم الخطوات وطريقة أداء الفن الشعبي عبر قنوات متخصصة على «يوتيوب»».
وأضافت: «دخلت علينا ثقافات أجنبية أو عربية في الفنون وساهمت في ابتعاد الجيل الجديد من الفتيات والنساء عن الثقافة الأصيلة للفن الشعبي، ودعت لضرورة تضمين تلك الفنون ضمن المناهج الدراسية».
بعد ذلك قررت شريفة البحث في سبب تلك الأزمة الثقافية والفجوة التي أوجدت اندثار تلك الفنون الشعبية لدى الجيل الجديد، حيث استعانت بالعديد من رواد الفن الشعبي كالأستاذ جاسم بن حربان والأستاذ رائد بحر وغيرهما من السيدات المتمرسات في تلك الفنون الشعبية.
وأردفت: «زودوني مشكورين بالمعلومات التي تخص الفن الشعبي الأصيل خصوصاً أنني أقوم حالياً بمجهود فردي لتوثيق ذلك الموروث الشعبي».
وفكرت قليلاً حتى استرشدت لافتتاح صفحة خاصة على الانستغرام لتعليم تلك الفنون والمساهمة في الحفاظ عليها بطريقة مواكبة للعصر حيث أكدت أنها تسعى لتأصيل تلك الفنون عبر إيصالها للجيل الجديد، وكان فيديو لتعليم «فن البسته» أول شرارة للانطلاقه.
وقالت: «اخترت ذلك الفن أولاً كونه مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بتاريخ وإرث البحرين كما أن تلك الرقصة تحديداً تجلب الفرحة والسرور، وحينها حصدت العديد من ردود الأفعال من فتيات الجيل الجديد اللواتي بودهن أن يتعلمن تلك الفنون الشعبية الأصيلة».
وعن طريقة الشرح، أوضحت أنها اتبعت تقنية لشرح خطوات كل فن على حدة عبر فيديو مخصص بحيث توصل المهارة للمتابعات بطريقه جزئية أولاً ومن ثم بطريقة كلّية، حيث يجب أن تكون الخطوة أثناء أداء الرقصة الشعبية متماشية مع الإيقاع الخاص بالفن الشعبي ولها سرعات وأصول معينة.
واعتبرت أن تلك الفنون الشعبية جاءت خلال حقبة من الزمن كان فيها الكثير من الكد والتعب للحصول على قوت العيش، لذلك كان أجدادنا وأمهاتنا السابقون مدركين أن النفس تحتاج للترفيه والترويح بعد ذلك التعب وبالتالي فهي تمثل انسجاماً مع الطبيعة والبيئة، واعتبرت أن الناس في تلك الحقبة كانوا مدركين بالفطرة أن الفنون الشعبية شيء مهم لنمط الحياه التي كانوا يعيشونها، لكن بكل أسف اندثرت تلك الفنون بشكل تدريجي مع الوقت إلى جانب الكثير من التغيرات في المجتمع مؤكدة ضرورة غرس ذلك الموروث الشعبي في الأجيال الجديدة والتي لم تتعرف على تلك الفنون.
وعرّجت الزياني للحديث تحديداً حول فن المراداة النسائي، والذي يعد من الفنون المتخصصة للنساء في السابق وقالت: «أسرة آل خليفة الكرام في السابق جاءت بذلك الفن وعلمته للأجيال كونها رقصة بدوية الأصل وكلمة مراداة يقال إنها جاءت من كلمة «رد» حيث تقوم مجموعة من النساء بترديد بيت للشعر وترد المجموعه الثانية عليها ببيت آخر، فيما ذهب تأويل كلمة المراداة الى أصل الرقصة، وهي «الذهاب والعوده» أثناء أداء الرقصة الشعبية».
وأضافت: «كانت الرقصة تؤدى أثناء التجمعات النسائية سواء في مناسبة معينة أو أثناء زيارة النساء لبعضهن في وقت الضحى، فيما كانت المراداة تؤدى في حالة رغبة إحدى السيدات بتزويج ابنها فتتجمع فتيات الحي اللاتي يكنّ في عمر الزواج لأداء الرقصة بحضور السيدات وتختار الأم الفتاة المناسبة لابنها»، وعند تأدية الرقصة كانت النساء ينقسمن لمجموعتين بحيث يكون العدد الإجمالي 20 أو 30 سيده لكن حفظ الأبيات الشعرية هو الأساس في تأدية ذلك الفن الشعبي».
وأشارت أن ذلك الفن اندثر للأسف وأصبح طيّ النسيان نظراً لعدم وجود مناسبات لإحيائه خلال هذا الزمن، مؤكدة أنها تحاول من خلال حسابها الحاص توثيق ذلك النوع من الفنون عن طريق التعلم ذاتياً لمنع التراث الشعبي الأصيل من الاندثار.
وأشارت استناداً لكتاب «مراداة أهل المحرق» لجاسم بن حربان، أنه من ضمن الأغاني المعروفة التي كانت تقال في فن المرادة منها «يالنبي خير الأبرار» للدعاء، «يا باني الخيمة» في الفخر والحماسة، «لنا شور وظلالي، الخويتم بيمناه» للمديح، «يدّفوها على السيف» للشكوى، «شيخة اشوينه» للهجاء، «ياشوق هايم، في الهوى طاب» للغزل والرثاء للنساء والرجال.
ومن ضمن أشهر البيوت التي كانت تقام فيها المراداة بالمحرق بيت المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وبيت المغفور له الشيخ علي بن عبدالله بن عيسى آل خليفة،و بيت علي بن عبدالله العبيدلي، وبيت يوسف بن عبدالرحمن فخرو وغيرهم.
ومن ضمن السيدات الرواة والحفظة لفن المراداة منها الشيخة هيا بنت علي آل خليفة، الباحثة الشعبية نورة الشيراوي، الباحثة فاطمة السليطي، الباحثة ليلى الحدي وغيرهن الكثيرات من السيدات.
{{ article.visit_count }}
«لاحظت اندثار الفن النسائي الخليجي الخاص بالرقصات الشعبية ووجود أزمة ثقافية في الفن الشعبي التقليدي مما يستدعي ضرورة توثيق تلك الفنون بأسرع وقت ممكن للأجيال القادمة».
هكذا بدأت شريفة الزياني حديثها، والتي دأبت لافتتاح صفحة خاصة بها عبر «إنستغرام» لتعليم النساء والفتيات أصول فنون الرقصات الشعبية التقليدية من خلال التعريف بكل رقصة شعبية على حدة وأصولها وخطوات القيام بها.
وسردت حكايتها لـ «تراثنا» مع الفنون الشعبية التقليدية النسائية، حيث قالت: «كنت أعمل مدرسة تربية رياضيه بالمدارس الحكومية لمدة 11 سنة، وكنت أقوم بتدريب الفتيات خلال المناسبات الوطنية على فقرات الرقص الشعبي ولاحظت أن أغلب الفتيات من الجيل الجديد ليست لديهن أي فكرة حول الفن الشعبي الأصيل والذي كانت تؤديه أمهاتنا وجداتنا في السابق بمختلف المناسبات، حيث تعلمت من سيدات العائلة أصول تلك الفنون الشعبية كما كنت أتعلم الخطوات وطريقة أداء الفن الشعبي عبر قنوات متخصصة على «يوتيوب»».
وأضافت: «دخلت علينا ثقافات أجنبية أو عربية في الفنون وساهمت في ابتعاد الجيل الجديد من الفتيات والنساء عن الثقافة الأصيلة للفن الشعبي، ودعت لضرورة تضمين تلك الفنون ضمن المناهج الدراسية».
بعد ذلك قررت شريفة البحث في سبب تلك الأزمة الثقافية والفجوة التي أوجدت اندثار تلك الفنون الشعبية لدى الجيل الجديد، حيث استعانت بالعديد من رواد الفن الشعبي كالأستاذ جاسم بن حربان والأستاذ رائد بحر وغيرهما من السيدات المتمرسات في تلك الفنون الشعبية.
وأردفت: «زودوني مشكورين بالمعلومات التي تخص الفن الشعبي الأصيل خصوصاً أنني أقوم حالياً بمجهود فردي لتوثيق ذلك الموروث الشعبي».
وفكرت قليلاً حتى استرشدت لافتتاح صفحة خاصة على الانستغرام لتعليم تلك الفنون والمساهمة في الحفاظ عليها بطريقة مواكبة للعصر حيث أكدت أنها تسعى لتأصيل تلك الفنون عبر إيصالها للجيل الجديد، وكان فيديو لتعليم «فن البسته» أول شرارة للانطلاقه.
وقالت: «اخترت ذلك الفن أولاً كونه مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بتاريخ وإرث البحرين كما أن تلك الرقصة تحديداً تجلب الفرحة والسرور، وحينها حصدت العديد من ردود الأفعال من فتيات الجيل الجديد اللواتي بودهن أن يتعلمن تلك الفنون الشعبية الأصيلة».
وعن طريقة الشرح، أوضحت أنها اتبعت تقنية لشرح خطوات كل فن على حدة عبر فيديو مخصص بحيث توصل المهارة للمتابعات بطريقه جزئية أولاً ومن ثم بطريقة كلّية، حيث يجب أن تكون الخطوة أثناء أداء الرقصة الشعبية متماشية مع الإيقاع الخاص بالفن الشعبي ولها سرعات وأصول معينة.
واعتبرت أن تلك الفنون الشعبية جاءت خلال حقبة من الزمن كان فيها الكثير من الكد والتعب للحصول على قوت العيش، لذلك كان أجدادنا وأمهاتنا السابقون مدركين أن النفس تحتاج للترفيه والترويح بعد ذلك التعب وبالتالي فهي تمثل انسجاماً مع الطبيعة والبيئة، واعتبرت أن الناس في تلك الحقبة كانوا مدركين بالفطرة أن الفنون الشعبية شيء مهم لنمط الحياه التي كانوا يعيشونها، لكن بكل أسف اندثرت تلك الفنون بشكل تدريجي مع الوقت إلى جانب الكثير من التغيرات في المجتمع مؤكدة ضرورة غرس ذلك الموروث الشعبي في الأجيال الجديدة والتي لم تتعرف على تلك الفنون.
وعرّجت الزياني للحديث تحديداً حول فن المراداة النسائي، والذي يعد من الفنون المتخصصة للنساء في السابق وقالت: «أسرة آل خليفة الكرام في السابق جاءت بذلك الفن وعلمته للأجيال كونها رقصة بدوية الأصل وكلمة مراداة يقال إنها جاءت من كلمة «رد» حيث تقوم مجموعة من النساء بترديد بيت للشعر وترد المجموعه الثانية عليها ببيت آخر، فيما ذهب تأويل كلمة المراداة الى أصل الرقصة، وهي «الذهاب والعوده» أثناء أداء الرقصة الشعبية».
وأضافت: «كانت الرقصة تؤدى أثناء التجمعات النسائية سواء في مناسبة معينة أو أثناء زيارة النساء لبعضهن في وقت الضحى، فيما كانت المراداة تؤدى في حالة رغبة إحدى السيدات بتزويج ابنها فتتجمع فتيات الحي اللاتي يكنّ في عمر الزواج لأداء الرقصة بحضور السيدات وتختار الأم الفتاة المناسبة لابنها»، وعند تأدية الرقصة كانت النساء ينقسمن لمجموعتين بحيث يكون العدد الإجمالي 20 أو 30 سيده لكن حفظ الأبيات الشعرية هو الأساس في تأدية ذلك الفن الشعبي».
وأشارت أن ذلك الفن اندثر للأسف وأصبح طيّ النسيان نظراً لعدم وجود مناسبات لإحيائه خلال هذا الزمن، مؤكدة أنها تحاول من خلال حسابها الحاص توثيق ذلك النوع من الفنون عن طريق التعلم ذاتياً لمنع التراث الشعبي الأصيل من الاندثار.
وأشارت استناداً لكتاب «مراداة أهل المحرق» لجاسم بن حربان، أنه من ضمن الأغاني المعروفة التي كانت تقال في فن المرادة منها «يالنبي خير الأبرار» للدعاء، «يا باني الخيمة» في الفخر والحماسة، «لنا شور وظلالي، الخويتم بيمناه» للمديح، «يدّفوها على السيف» للشكوى، «شيخة اشوينه» للهجاء، «ياشوق هايم، في الهوى طاب» للغزل والرثاء للنساء والرجال.
ومن ضمن أشهر البيوت التي كانت تقام فيها المراداة بالمحرق بيت المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وبيت المغفور له الشيخ علي بن عبدالله بن عيسى آل خليفة،و بيت علي بن عبدالله العبيدلي، وبيت يوسف بن عبدالرحمن فخرو وغيرهم.
ومن ضمن السيدات الرواة والحفظة لفن المراداة منها الشيخة هيا بنت علي آل خليفة، الباحثة الشعبية نورة الشيراوي، الباحثة فاطمة السليطي، الباحثة ليلى الحدي وغيرهن الكثيرات من السيدات.