مريم بوجيري
«هناك عـادات وتقاليد قديمة جدّا درجت الأسـر التقليدية على اتباعها في أثناء تزويجها أحـد أبنائها أو بناتها، ولم يكن الخيار متروكًا للأبناء في اختيار شـركاء حياتهم، بل ذلك متروك لما تقرره الأسـرة، وعادة ما يقوم كبار السـن في هـذه الأسـرة أو تلك بالتقرير سـلفًا في موضـوع الزواج حتى قبل أن يصل الأبناء إلى مرحلة البلوغ أو السـن الشـرعي للزواج».
فيقال: «إن البنت موهوبة لفلان»، أي إنها زوجته في المسـتقبل، فالفتاة تـُخطب لابن عـمها أو أحـد أقربائها وهي صـغيرة، وفي بعض الحالات تـُزف إلى عـريسها وهي لا تعرف حـتى اسـمه أو شـكله، وهـكذا تجد نفسها بحكم التقاليد المتبعة خاضـعة للزواج، وعـليها أن تقوم بكل الواجبات الزوجية، وكذلك الأمـر بالنسـبة إلى الشاب، فليس له الحرية في اختيار مـن يشـاء مـن الفتيات، فعندما تقرر العائلة عقد الزواج في موعـد محـدد ووقت متفق عليه يجب أن يلتزم بهـذا القرار فيتزوج ابنة عـمه أو إحـدى قريباته، فقد كانت أغـلب الأسـر تحافظ على الزواج الداخلي، وتعتبره أحـد أهم عـوامل المحافظة عـلى التقاليد والموروثات القـديمة».
كانت هذه بداية سرد الباحث إبراهيم سند للعادات والتقاليد القديمة للزواج في البحرين سابقًا، حيث قال «وفي حالة عـدم وجـود بنت العم أو بنت الخال أوإحـدى القريبات اللاتي يصـلحن للزواج ، فإن الأسـرة تلجأ إلى تزويج أبنائها من أسـر أخرى، وهنا يأتي دور النسـوة في عـقد الزيجات والترتيب والإعـداد لحفلة الزواج ولما بعـد الزواج، فإذا كان الرجال هم الذين يقررون البدايات الأولى، فإنه بعـد ذلك يترك الأمـر للنسـاء، فهـن اللاتي يقمن بالمشـاورات الأولية مع أهل العروس، ويقمن بوصـف محاسـن الفتاة أوالشـاب وعـرض الصـور إذا توافرت، كما يقمن بنقل الدزة والمهـر بعـد أن يجري الاتفاق بين العائلتين، ولا يقف دورهـن عـند هـذا الحـد بل إن مجالهـن يتنامى ويأخـذ في الاتساع حتى ما بعـد الزواج ، وليس مـن الغريب أن تكون مهنة الخطّابة مقتصرة عـلى النسـاء وحـدهـن من دون الرجال».
وسرد سند تفاصيل عادات الزواج وتقاليده في البحرين قديمًا، حيث تحدث عن مهنة الخطابة التي كانت تتنقل بين البيوت حاملة في ذاكرتها أوصاف بنات الحي في حالة رغبة إحدى العوائل في تزويج ابنهم، والخطابة تعد مـن المهـن القديمة التي عـرفها المجتمع القديم، وعادة ما تكون كبيرة في السـن، ولها خبرة ودراية كبيرة ومعرفة كثير مـن الخبايا والأسـرار.
وعلى الرغم مـن أن معظم الأسـر في السابق كانت تخفي بناتها عـن العيون ولا يسـمح للبنات بالاقتراب مـن المجالس النسـائية إلا لحالاتٍ نادرة، فإن الخطابة كانت تسـتعمل مختلف الحيل للدخول إلى تلك البيوت ورؤية المسـتور، تارة كبائعة متجولة تعرض بعض السـلع الشـعبية التي يشـيع اسـتخدامها مـن قبل النسـوة، وتارة أخرى لشـراء حليب إن وجـد هناك أبقار أو ماعـز أو لشـراء بيض الدجاج أو غـيرها مـن المنتجات التي تصـنع في البيوت في ذلك الوقت، وكانت الخطابة تتنقل لترصـد حركة الفتيات في البيت، ولا يهمها كثيرًا الإجابة عـن أسـئلتها بقدر اهتمامها بوجود فتيات يصـلحن للزواج، فإذا وجدت غايتها مهـدت الأمر للدخول في موضـوع الزواج ، ذاكرة كل الصـفات الحسـنة ومعـددة كثيرًا مـن المزايا الاجتماعية والأسـرية للشـخص الذي تنوي أن تخطب له قائلة:
- فلان بن فلان ريال كفو
- ولد أياويد
- جاه ومـال
- كافٍّ عاف
أما الأوصاف التي تذكرها الخطابة في مدح مزايا البنات فهي كالآتي:
- حاشـية بنت حاشـية
- مـن رديتيها خياطة في يدها
- ومـن بغيتيها بشـوت في يدها
- ومـن بغيتيها طباخ في يدها
- ما عليها صـوق لكـن راسـها صـوق
وهـكذا تحاول الخطابة ذكر كل الصفات الحسـنة والمحببة عـن العريس أو العروس، فهي تحرص أشـد الحرص عـلى توثيق العلاقات، وكل زيجة تقوم بربطها تحصل مـن ورائها عـلى إكرامية مـن أهل العريس والعروس، وتقطع الخطابة المسافات الطويلة داخلة مـن بيت إلى آخـر في البحث عـن زوج أو زوجة مناسـبة، وتتحمل المشاق الكثيرة مـن أجل الوصـول إلى ضالتها ، وبعـد أن توفق في عـقد تلك الزيجة بين العائلتين تكافأ بمبلغ مـعين من المال، وعـند هـذه النقطة تكون مهمتها قـد انتهـت، إلا أن بعض الخطابات يواصـلن المشـوار فهناك أكثر مـن عـمل ينتظرهـن ليؤدينه، فقـد تكون إحـداهـن ماهرة في صـبغ الحنـاء أو تسـريح الشـعر أو غـيرها مـن اسـتعدادات الزواج.
ولا يأتي الرد مباشـرة مـن قبل الأسـرة الأخرى سـواء بالإيجاب أو النفي، فهم بحاجة إلى بعض الوقت لتدارس الموضـوع مع رجال الأسـرة، وبعـد مشاورات طويلة والبحث عـن أصـل الشـاب المتقدم للزواج ونسـبه وأخلاقه وعـمله والسـؤال عـنه لدى الأقرباء والجيران والمعارف يأتي الرد النهائي، وعليه يتحدد موعد الزواج.
تحـديد موعـد الحفـل:
بنرد عـليكم الراس وبنعطيكم خـبر
يسـأل أهل العريس أهل العروس عـن موعـد حفل الزواج فيرد عليهم الآخرون هـذه العبارة: «بنرد عـليكم الراس وبنعطيكم خبر»، وتعني هـذه العبارة أن يوم تحـديد الزواج سـيكون سـرًّا بينهم، وسـر الإعـلان عـن الزواج واليوم المحدد للزواج كان يــُخفى عـن الفتاة العروس فهي لا تدري ماذا يخطط لها، كل تلك الترتيبات تقوم بها النسـوة الكبيرات في السن لخبرتهن في شـئون الحياة.
أما عـن موعـد الزواج فكان يحدد بحسـب التاريخ الهجري، وكما هـو معروف بعض الشـهور لا تلقى اسـتحسـانًا لعقد الزيجات في أيامها كشـهر رمضان وشـهر محرم، كما يحرص البعض في اختيار ليلة محددة من الأسـبوع تيمنًا بها كليلة الجمعة أو الإثنين. أما أمر تحديد موعـد الزواج فكانت تقرره والدة العروس لقربها الشـديد مـن ابنتها، ويأتي بعـد ذلك شـراء كل لوازم العرس .
المهر:
عـندما يسأل أهل العريس أهل العروس عـن قيمة المهـر يمتنع أهل العروس عـن الإجابة قائلين:
- والله جليلكم كثير
- لبسـوها الدفة وخذوها
- ابنيتنا مو سـلعة نبيعها
- اللي تقولونه إحنا جادمين عليه
يرد أهل العريس قائلين :
- علينا الغالب والطالب وبنيتج مو رخيصة
- لبنية عـزيزة واحنا لو ودنا عطيناها عيونا
- بالمبارك الزواج والمطمع فيكم
وبعـد هـذه الكلمات الجميلة والمؤثرة يتفق عـلى المهـر ويتم المضي في إتمام إجراءات الزواج.
{{ article.visit_count }}
«هناك عـادات وتقاليد قديمة جدّا درجت الأسـر التقليدية على اتباعها في أثناء تزويجها أحـد أبنائها أو بناتها، ولم يكن الخيار متروكًا للأبناء في اختيار شـركاء حياتهم، بل ذلك متروك لما تقرره الأسـرة، وعادة ما يقوم كبار السـن في هـذه الأسـرة أو تلك بالتقرير سـلفًا في موضـوع الزواج حتى قبل أن يصل الأبناء إلى مرحلة البلوغ أو السـن الشـرعي للزواج».
فيقال: «إن البنت موهوبة لفلان»، أي إنها زوجته في المسـتقبل، فالفتاة تـُخطب لابن عـمها أو أحـد أقربائها وهي صـغيرة، وفي بعض الحالات تـُزف إلى عـريسها وهي لا تعرف حـتى اسـمه أو شـكله، وهـكذا تجد نفسها بحكم التقاليد المتبعة خاضـعة للزواج، وعـليها أن تقوم بكل الواجبات الزوجية، وكذلك الأمـر بالنسـبة إلى الشاب، فليس له الحرية في اختيار مـن يشـاء مـن الفتيات، فعندما تقرر العائلة عقد الزواج في موعـد محـدد ووقت متفق عليه يجب أن يلتزم بهـذا القرار فيتزوج ابنة عـمه أو إحـدى قريباته، فقد كانت أغـلب الأسـر تحافظ على الزواج الداخلي، وتعتبره أحـد أهم عـوامل المحافظة عـلى التقاليد والموروثات القـديمة».
كانت هذه بداية سرد الباحث إبراهيم سند للعادات والتقاليد القديمة للزواج في البحرين سابقًا، حيث قال «وفي حالة عـدم وجـود بنت العم أو بنت الخال أوإحـدى القريبات اللاتي يصـلحن للزواج ، فإن الأسـرة تلجأ إلى تزويج أبنائها من أسـر أخرى، وهنا يأتي دور النسـوة في عـقد الزيجات والترتيب والإعـداد لحفلة الزواج ولما بعـد الزواج، فإذا كان الرجال هم الذين يقررون البدايات الأولى، فإنه بعـد ذلك يترك الأمـر للنسـاء، فهـن اللاتي يقمن بالمشـاورات الأولية مع أهل العروس، ويقمن بوصـف محاسـن الفتاة أوالشـاب وعـرض الصـور إذا توافرت، كما يقمن بنقل الدزة والمهـر بعـد أن يجري الاتفاق بين العائلتين، ولا يقف دورهـن عـند هـذا الحـد بل إن مجالهـن يتنامى ويأخـذ في الاتساع حتى ما بعـد الزواج ، وليس مـن الغريب أن تكون مهنة الخطّابة مقتصرة عـلى النسـاء وحـدهـن من دون الرجال».
وسرد سند تفاصيل عادات الزواج وتقاليده في البحرين قديمًا، حيث تحدث عن مهنة الخطابة التي كانت تتنقل بين البيوت حاملة في ذاكرتها أوصاف بنات الحي في حالة رغبة إحدى العوائل في تزويج ابنهم، والخطابة تعد مـن المهـن القديمة التي عـرفها المجتمع القديم، وعادة ما تكون كبيرة في السـن، ولها خبرة ودراية كبيرة ومعرفة كثير مـن الخبايا والأسـرار.
وعلى الرغم مـن أن معظم الأسـر في السابق كانت تخفي بناتها عـن العيون ولا يسـمح للبنات بالاقتراب مـن المجالس النسـائية إلا لحالاتٍ نادرة، فإن الخطابة كانت تسـتعمل مختلف الحيل للدخول إلى تلك البيوت ورؤية المسـتور، تارة كبائعة متجولة تعرض بعض السـلع الشـعبية التي يشـيع اسـتخدامها مـن قبل النسـوة، وتارة أخرى لشـراء حليب إن وجـد هناك أبقار أو ماعـز أو لشـراء بيض الدجاج أو غـيرها مـن المنتجات التي تصـنع في البيوت في ذلك الوقت، وكانت الخطابة تتنقل لترصـد حركة الفتيات في البيت، ولا يهمها كثيرًا الإجابة عـن أسـئلتها بقدر اهتمامها بوجود فتيات يصـلحن للزواج، فإذا وجدت غايتها مهـدت الأمر للدخول في موضـوع الزواج ، ذاكرة كل الصـفات الحسـنة ومعـددة كثيرًا مـن المزايا الاجتماعية والأسـرية للشـخص الذي تنوي أن تخطب له قائلة:
- فلان بن فلان ريال كفو
- ولد أياويد
- جاه ومـال
- كافٍّ عاف
أما الأوصاف التي تذكرها الخطابة في مدح مزايا البنات فهي كالآتي:
- حاشـية بنت حاشـية
- مـن رديتيها خياطة في يدها
- ومـن بغيتيها بشـوت في يدها
- ومـن بغيتيها طباخ في يدها
- ما عليها صـوق لكـن راسـها صـوق
وهـكذا تحاول الخطابة ذكر كل الصفات الحسـنة والمحببة عـن العريس أو العروس، فهي تحرص أشـد الحرص عـلى توثيق العلاقات، وكل زيجة تقوم بربطها تحصل مـن ورائها عـلى إكرامية مـن أهل العريس والعروس، وتقطع الخطابة المسافات الطويلة داخلة مـن بيت إلى آخـر في البحث عـن زوج أو زوجة مناسـبة، وتتحمل المشاق الكثيرة مـن أجل الوصـول إلى ضالتها ، وبعـد أن توفق في عـقد تلك الزيجة بين العائلتين تكافأ بمبلغ مـعين من المال، وعـند هـذه النقطة تكون مهمتها قـد انتهـت، إلا أن بعض الخطابات يواصـلن المشـوار فهناك أكثر مـن عـمل ينتظرهـن ليؤدينه، فقـد تكون إحـداهـن ماهرة في صـبغ الحنـاء أو تسـريح الشـعر أو غـيرها مـن اسـتعدادات الزواج.
ولا يأتي الرد مباشـرة مـن قبل الأسـرة الأخرى سـواء بالإيجاب أو النفي، فهم بحاجة إلى بعض الوقت لتدارس الموضـوع مع رجال الأسـرة، وبعـد مشاورات طويلة والبحث عـن أصـل الشـاب المتقدم للزواج ونسـبه وأخلاقه وعـمله والسـؤال عـنه لدى الأقرباء والجيران والمعارف يأتي الرد النهائي، وعليه يتحدد موعد الزواج.
تحـديد موعـد الحفـل:
بنرد عـليكم الراس وبنعطيكم خـبر
يسـأل أهل العريس أهل العروس عـن موعـد حفل الزواج فيرد عليهم الآخرون هـذه العبارة: «بنرد عـليكم الراس وبنعطيكم خبر»، وتعني هـذه العبارة أن يوم تحـديد الزواج سـيكون سـرًّا بينهم، وسـر الإعـلان عـن الزواج واليوم المحدد للزواج كان يــُخفى عـن الفتاة العروس فهي لا تدري ماذا يخطط لها، كل تلك الترتيبات تقوم بها النسـوة الكبيرات في السن لخبرتهن في شـئون الحياة.
أما عـن موعـد الزواج فكان يحدد بحسـب التاريخ الهجري، وكما هـو معروف بعض الشـهور لا تلقى اسـتحسـانًا لعقد الزيجات في أيامها كشـهر رمضان وشـهر محرم، كما يحرص البعض في اختيار ليلة محددة من الأسـبوع تيمنًا بها كليلة الجمعة أو الإثنين. أما أمر تحديد موعـد الزواج فكانت تقرره والدة العروس لقربها الشـديد مـن ابنتها، ويأتي بعـد ذلك شـراء كل لوازم العرس .
المهر:
عـندما يسأل أهل العريس أهل العروس عـن قيمة المهـر يمتنع أهل العروس عـن الإجابة قائلين:
- والله جليلكم كثير
- لبسـوها الدفة وخذوها
- ابنيتنا مو سـلعة نبيعها
- اللي تقولونه إحنا جادمين عليه
يرد أهل العريس قائلين :
- علينا الغالب والطالب وبنيتج مو رخيصة
- لبنية عـزيزة واحنا لو ودنا عطيناها عيونا
- بالمبارك الزواج والمطمع فيكم
وبعـد هـذه الكلمات الجميلة والمؤثرة يتفق عـلى المهـر ويتم المضي في إتمام إجراءات الزواج.