إيران انترناشونال

تشهد إيران هذه الأيام صخبا كبيرا في الأوساط الشعبية ودعوات مستمرة للتظاهر والاحتجاج بعد موجة كبيرة من الغلاء تضرب قطاعات واسعة في الاقتصاد الإيراني، لاسيما في الخبز والمعكرونة.

والحديث عن تقنين الخبز وبيعه للمواطنين وفق نظام الحصص بعد أن قامت الحكومة بتجربة مشروع توصيل المخابز في المحافظة بقارئات البطاقات الذكية في "زنجان"؛ لتلقي دعم الخبز مقابل عدد الأرغفة المباعة.

وأعربت معظم الصحف الصادرة اليوم السبت 7 مايو (أيار) عن مخاوفها من سياسات الحكومة والقرارات الآنية التي أصبحت ديدن الحكومة ونهجها المعتمد في التعامل مع الأزمات الاقتصادية.

ولم تشذ من هذه الصحف سوى صحيفة "كيهان"، ومن سار في فلكها، حيث بررت سياسات حكومة رئيسي ودافعت عنها، واصفة إياها بجراحة اضطرارية لا بد منها.

أما الصحف الأخرى مثل "ستاره صبح" فقد أشارت إلى مساعي الحكومة في مجال تقنين الخبز واضطرار كل مواطن لشراء الخبز وفق التسعير الحر إذا ما أراد الحصول على خبز أكثر من الحصة التي ستقررها الحكومة.

فيما رأت صحيفة "تعادل" الاقتصادية في تقرير لها أن تبعات قرارات الحكومة فيما يتعلق برفع أسعار الطحين سوف تظهر في الأيام والأسابيع القادمة على الاقتصاد الإيراني.

وفي المقابل شددت صحيفة "جوان" المقربة من الحرس الثوري على ضرورة قيام الحكومة بتخصيص الدعم للطبقات الفقيرة قبل رفع أسعار الطحين.

وفي السياق نفسه حذر رئيس تحرير صحيفة "جمهوري إسلامي" من تبعات رفع أسعار الطحين والخبز وذكر أن تقنين الخبز هو بمثابة رمي النار في مستودع من البارود.

ونوه الكاتب إلى أن سياسات الحكومة هذه إما تمت تحت تأثير المندسين والعاملين على إسقاط النظام وإما أنها نتيجة لضعف إدارة الحكومة.

وأضاف مسيح مهاجري رئيس تحرير الصحيفة إلى أن مشكلة الطحين هي نتيجة للحرب الروسية على أوكرانيا. وتساءل بالقول: "لماذا لا تدين إيران بشكل صريح اعتداء روسيا على أوكرانيا؟ لماذا لا يتم إحياء الاتفاق النووي عندما تعلمون أن العقوبات مؤثرة سلبا على الاقتصاد؟ لماذا تخلقون أزمة جديدة في حياة الناس كل يوم؟".

رأت صحيفة "سازندكي" في مقال تحليلي لها أن جذور أزمة الخبز والمعكرونة ترجع إلى الاقتصاد المعيب، معتقدة أن الحكومة ستكون مضطرة لرفع أسعار الطحين والخبز لأنها باتت عاجزة عن توفير الخبز بسعر مدعوم.

ومع ذلك فقد أيدت الصحيفة عزم الحكومة رفع الدعم الحكومي عن الدولار والسياسات الاقتصادية الداعمة للقطاعات الحيوية لافتة إلى أن تحديد الأسعار من قبل الحكومة أو دعم الدولار في توفير السلع الأساسية لن يؤدي إلى كبح جماح الأسعار بل إنه سيتيح للسماسرة والدلالين ممارسة نشاطهم وتوسيع دائرة الفساد الحكومي في البلاد.

لكن الصحيفة تنتقد طريقة تنفيذ هذه السياسة من قبل الحكومة لأنها ترى أن هذه الطريقة ستكون لها آثار تضخم مضاعفة.

رأت صحيفة "فرهیختكان" الأصولية أن سياسات الحكومة الحالية ستقود إلى تقوية أشكال الاحتكار في الاقتصاد، منتقدة القرارات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة في ليلة وضحاها دون مصارحة الناس وإعلامهم بما تريد الإقدام عليه، حيث تبادر الحكومة في كثير من الأحيان إلى رفع أسعار السلع الأساسية عدة أضعاف دفعة واحدة ودون تمهيد ولا تقديم.

ونصحت الصحيفة الحكومة بإعادة النظر في تنفيذ قراراتها الاقتصادية بأسرع وقت ممكن وذكرت أن على الحكومة في المقام الأول أن تقنع الناس ثم تبادر بإجراءاتها وقراراتها.

وهاجمت صحيفة "جهان صنعت" حكومة إبراهيم رئيسي التي تنوي رفع الدعم الحكومي عن الخبز والطحين وذكرت أن إلغاء الدعم عن العملة الصعبة في هذه القطاعات وبشكل مفاجئ قبل السيطرة على التضخم سيكون عاملا في إدخال صدمة معيشية على المواطنين والمجتمع، موضحة أن هذه السياسة هي بمثابة سكين حادة تقوم بسلخ الاقتصاد الإيراني.

وعارضت الصحيفة ما ذهبت إليه صحيفة "كيهان" الموالية للحكومة والتي وصفت إجراء حكومة رئيسي بعملية جراحية اضطرارية ورأت "جهان صنعت" في المقابل أن سياسات الحكومة هذه وبدل أن تقود إلى إصلاحات اقتصادية هيكلية فإنها ستقود إلى رفع الأسعار وزيادة الغلاء وتوسيع دائرة الفقر والحرمان بين المواطنين.

أشار رئيس تحرير صحيفة "ستاره صبح" علي صالح آبادي إلى تداعيات قرارات الحكومة والغلاء الكبير في إيران، قائلا إن مطالب الشعب من النظام وصلت إلى مستويات منخفضة للغاية، حيث بات المطلب الرئيسي للمواطنين من الحكومة هو توفير الحقوق الأساسية من خبز وماء وهواء.

أما عن الحلول التي يعتقد الكاتب بفاعليتها، فتتمثل في إعادة إيران النظر في سياساتها الخارجية الهجومية التي اعتمدها النظام منذ 40 سنة والعمل على إحياء الاتفاق النووي لإلغاء العقوبات الاقتصادية وكذلك الابتعاد عن روسيا وسياساتها في العالم.

أما الكاتب والمحلل الاقتصادي محمد قلي يوسفي فقد رأى أن الحكومة أصبحت تستفيد من سياسة إفقار الشعب لأنه كلما أصبح المواطنون أشد فقرا قل اهتمامهم بالسياسة ولم يصبح لديهم الوقت الكافي للخوض في السياسة ونقد الحكومة بل سيقتصر همهم على توفير لقمة العيش وقوت يومهم.

وأضاف الكاتب أن فقر المواطنين أصبح نعمة بالنسبة للحكومة لأنها بذلك توسع من دائرة نفوذها وتزيد من حجم تدخلاتها في الاقتصاد.