وليد صبري




* 143 مليون مصاب بالسكري في جميع أنحاء العالم


* 110 مليون شخص يعانون من المرض في دول العالم الثالث

* 1.5 مليون مصاب بالسكري في دول الخليج

* 20 مليون مصاب بالمرض في مصر وشمال وأفريقيا

* سكري النوع الثاني يشكل 90٪ من حالات الإصابة بالمرض

* حصر زراعة البنكرياس أو خلاياه كعلاج لمرض السكري في 3 طرق رئيسة

* عملية استخلاص خلايا البنكرياس معقدة وتحتاج لخطوات تعقيمية وعزلية

* العلاج بالخلايا الجذعية يقلل أدوية الإنسولين أو التوقف عن تناولها

* علاج الخلايا الجذعية يخفف المضاعفات المزمنة لمريض السكري

* استخدام الخلايا الجذعية في إنتاج خلايا متخصصة جديدة داخل الجسم


أكد استشاري طب العائلة، وأمراض السكري، د. فيصل المحروس، أن "علاج مرض السكري بالخلايا الجذعية يعد ثورة في عالم الطب"، موضحاً أن "الهدف الرئيس من العلاج بالخلايا الجذعية هو تقليل أدوية الإنسولين وأدوية تقليل مستوى السكري في الدم أو التوقف عن تناولها كلية"، مشيراً إلى أن "العلاج الجديد يعمل على تخفيف المضاعفات المزمنة لمرض السكري".

وأضاف في لقاء مع "الوطن الطبية" أنه "يمكن حصر مجال زراعة البنكرياس أو خلاياه كعلاج لمرض السكري في 3 طرق رئيسة وهي كالتالي، زراعة البنكرياس كعضو كامل أو زراعة خلايا البنكرياس أو زراعة الخلايا الجذعية بعد تحويلها إلى خلايا بنكرياسية قادرة على إفراز هرمون الإنسولين".

وذكر استشاري طب العائلة، وأمراض السكري أن "داء السكري أو مرض السكري يعد من الأمراض المزمنة الشائعة بين الإنسان البشري، ويوجد 143 مليون مصاب بالسكري في جميع أنحاء العالم، منهم 110 ملايين في دول العالم الثالث، ومن المتوقع أن هذا الرقم سيتضاعف حتى عام 2030 أكثر من مرتين، نظراً للاعتماد على أنظمة غذائية غير صحية وعدم ممارسة الفعاليات الرياضية".

وتابع أنه "يقدر عدد المصابين حالياً بالسكري في دول الخليج العربية بنحو 1.5 مليون مصاب، ويوجد في مصر ودول شمال أفريقيا أكثر من 20 مليون مصاب بالمرض".

وقال إنه "على الرغم من تعدد أساليب العلاج، لكن لا توجد حتى الآن أي وسيلة علاجية تستأصل هذا المرض من جذوره، ولكن مؤخرا حقق العلماء نجاح جديد في علاج مرض السكري الذي يقلق مضاجع مئات الملايين حول العالم ويتسبب في آلام ومعاناة لهم. العلاج الجديد المعتمد على الخلايا الجذعية يقضي على السكري في 10 أيام في تجاربه المخبرية حتى الآن، مما يفتح نافذة كبيرة من الأمل لمرضى السكري من النوع الأول، الذين يضطرون لاستخدام الإبر يوميا في حقن الأنسولين فضلاً عن المضاعفات الصحية الخطيرة على الكبد والكلى والأعصاب والعين".

واعتبر أن "مرض السكرى هو حالة مزمنة تحدث عندما يعجز الجسم عن إنتاج الأنسولين بكميات كافية أو لا يستخدمه بصورة فعالة. والأنسولين هو هرمون يفرزه البنكرياس ويسمح للجلوكوز بدخول خلايا الجسم حيث يتحول إلى طاقة ضرورية للعضلات والأنسجة للقيام بوظائفها. ونتيجة لذلك، لا يمتص جسم مريض السكري الجلوكوز على نحو ملائم مما يضر بالأنسجة مع مرور الوقت، وهذا بدوره يؤدي إلى مضاعفات صحية تهدد حياة المريض".

وأوضح د. المحروس أن "مرض السكري ينتج عادة من اضطرابات مستمرة في الأيض مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم الأمر الذي يؤدي بدوره إلى عدم القدرة على إنتاج أو استخدام الأنسولين أيضاً، وسكري النمط الثاني هو اضطراب استقلابي يتميز بارتفاع معدّل السكر في الدم، وهو على النقيض من داء السكري من النوع الأول الذي يتصف بنقص الانسولين المطلق بسبب تدمير خلايا الجزر في البنكرياس. ويوجد ثلاثة أنواع رئيسة للسكري: النوع الأول، والنوع الثاني، وسكري الحمل "سكر الحمل"".

استشاري أمراض السكري، نوه إلى أن "النوع الثاني يشكل 90٪ من حالات مرض السكري، ويعتقد أن السمنة هي السبب الرئيسي للسكري من النوع الثاني لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي لهذا المرض، والسكري من النوع الثاني هو النوع الأكثر شيوعاً ويصيب عادة البالغين، بيد أنه آخذ بالازدياد بين الأطفال والمراهقين، وفي هذا المرض يكون الجسم قادراً على إنتاج الأنسولين، ولكن إما أن يكون بكميات غير كافية أو أن الجسم لا يستجيب لتأثيراته ما يؤدي لتراكم الجلوكوز في الدم. وتزداد أعداد المصابين بهذا النوع بسرعة في كافة أرجاء العالم، وترتبط هذه الزيادة بالنمو الاقتصادي، والشيخوخة، وازدياد التمدن، والتغيرات في النظام الغذائي، وانخفاض النشاط البدني، والتغيرات في أنماط أسلوب الحياة".

وذكر أنه "من المعروف أن خلايا "بيتا" في البنكرياس السليم هي التي تقوم بإفراز هرمون الإنسولين الذي يتحكم في مستوى السكر في الدم، ويتم الحفاظ على تلك الخلايا عن طريق التجدد والانقسام المستمر وموت الخلايا المبرمج. ولكن يفقد هذا التوازن الدقيق في مرضى السكري".

وفيما يتعلق بالطرق التقليدية لعلاج مرض السكري، أفاد د. المحروس بأنها "تتمثل في حقن الأنسولين وأدوية ضبط مستوي السكر بالدم والتي تؤخذ عن طريق الفم وتعمل على تخفيف أو تأخير ظهور المضاعفات المرتبطة بمرض السكري ولكنها لا تعالج العيوب في وظائف خلايا "بيتا" من الجذور، ولقد حاول العلماء والأطباء حل هذه المشكلة، وتنوعت الأساليب التي حاولت حماية خلايا "بيتا" المتبقية والحفاظ عليها وكذلك إضافة الأعداد الكافية من هذه الخلايا اللازمة للحفاظ على مستوى السكر في الدم، والمشكلة الأزلية التي تعيق عملية زراعة خلايا البنكرياس كعلاج جذري لمرض السكري النوع الأول هي عدم توفر عدد كاف من هذه الخلايا، حيث إن الشخص المصاب بمرض السكري النوع الأول يحتاج إلى أكثر من متبرعين أو 3 متبرعين بعضو البنكرياس للحصول على العدد الكافي من هذه الخلايا وبالتالي التخلص من حقن الإنسولين بعد الزرع، ولهذا أدى التقدم في تقنيات زراعة الخلايا الجذعية لتجدد الآمال في استخدامها لعلاج مرض السكري".

وقال د. المحروس إن "الهدف الرئيس من العلاج بالخلايا الجذعية هو تقليل أدوية الإنسولين وأدوية تقليل مستوى السكر في الدم أو التوقف عن تناولها كلية، كما يعمل العلاج على تخفيف المضاعفات المزمنة لمرض السكري، ويمكن حصر مجال زراعة البنكرياس أو خلاياه كعلاج لمرض السكري في ثلاثة طرق رئيسية وهي كالتالي، زراعة البنكرياس كعضو كامل أو زراعة خلايا البنكرياس أو زراعة الخلايا الجذعية بعد تحويلها إلى خلايا بنكرياسية قادرة على إفراز هرمون الإنسولين".

وفي رد على سؤال حول مسألة زراعة البنكرياس لعلاج مرض السكري، أفاد د. المحروس بأن "زراعة البنكرياس كعضو كامل بدأت في الستينيات وقد نجح هذا النوع من العمليات لمرضى السكري الذي يعانون من فشل كلوي، ويحتاج المريض بطبيعة الحال إلى أدوية مهبطة للمناعة بصورة كاملة وأبدية وتكون هذه الأدوية قوية المفعول، وعادة لا يجرى هذا النوع من الزراعة إلا لمرضى الفشل الكلوي المصاحب لمرض السكري، حيث إن وضع مريض السكري على أدوية مهبطة للمناعة ليس بالأمر السهل وخاصة إن كانت هذه الأدوية المناعية ستصرف للمريض مدى الحياة، كما أن حالة مريض السكري الصحية بعد زراعة البنكرياس وحتمية استخدامه للأدوية المهبطة للمناعة أيضاً أمر ليس بالسهل، ولذا لا تتم عملية زراعة البنكرياس كعضو كامل إلا إذا احتاج مريض السكري إلى كلية وفي حالة الفشل الكلوي فقط".

وتابع أنه "لتفادي الاستخدام المرهق للأدوية المهبطة للمناعة لجأ الباحثون إلى ما يعرف بزراعة خلايا البنكرياس التي لا تحتاج إلى أدوية مهبطة للمناعة بشكل كبير كما هو الحال بعد زراعة البنكرياس كعضو كامل، وذلك باستخلاص هذه الخلايا من شخص متوفى ونقلها إلى مريض السكري المصاب بالنوع الأول من السكري المعتمد على الإنسولين. وقد اصطدم العلماء بمسألة توفر هذه الخلايا وكون مريض السكري يحتاج إلى متبرعين اثنين أو ثلاثة أو حتى أربعة متوفين لاستخلاص كم كافٍ من هذه الخلايا. وكلما كان المختبر أكثر خبرة في مجال تنقية خلايا البنكرياس واستخلاصها، كلما كانت له القدرة على استخلاص كم كافٍ من هذه الخلايا من عدد أقل من المتبرعين".

وذكر أن "نجاحات العلماء في جامعة أدمونتن في كندا توالت بعد تعديلات هامة في مجال عزل الخلايا واستخلاصها، ولكن بعد عدة سنوات ظهرت بعض المشاكل الصحية لهؤلاء المرضى منها انسداد الوريد البابي في الكبد وهو الطريق الذي تزرع منه الخلايا وبعض المشاكل الأخرى، وقد حاولت المراكز الأمريكية والكندية إجراء تعديلات كثيرة لبروتوكولات زراعة الخلايا لتقلل من جوانبها السلبية ومازال البحث مستمراً في هذا المجال".

وتطرق د. المحروس للحديث عن عملية استخلاص خلايا البنكرياس من البنكرياس، موضحاً أنها "عملية معقدة تحتاج إلى عدة خطوات تعقيمية وعزلية تؤدي إلى تلف عدد كبير من هذه الخلايا، وبالتالي تكون المحصلة النهائية من هذه الخلايا غير كافية لإنجاح عملية الزراعة، ويقوم الجهاز المناعي لمريض السكري بعد الزراعة برفض عدد كبير من هذه الخلايا مما يقلل بشكل أكبر المحصلة النهائية لهذه الخلايا أيضاً".

ولفت إلى أنه "كانت هناك دراسات تتحدث عن وضع هذه الخلايا في كبسولة مجهرية دقيقة لكي تتفادى تأثير الجهاز المناعي الرافض لها، ولذلك يصب البحث العلمي على إيجاد وسيلة أخرى غير التبرع بالبنكرياس لعلاج مرض السكري النوع الأول بشكل جذري، ومن هذه الوسائل هو التوصل إلى علاج يهبط مناعة المريض المتلقي للزراعة أو توفير عدد أكبر من خلايا البنكرياس عن طريق عملية تحوير الخلايا الجذعية".

وفي رد على سؤال حول تقنية تحوير الخلايا الجذعية إلى خلايا بنكرياسية، أوضح د. المحروس أن "الخلايا الجذعية هي الخلايا الأم والتي تمتلك القدرة على الانقسام والتحول إلى أي نوع من الخلايا في الجسم البشري، ومن أهم مواصفات هذه الخلايا هي قدرتها على التجديد وصيانة نفسها بنفسها وكذلك قدرتها على التكاثر والانقسام مع المحافظة في نفس الوقت على القدرة على التحول إلى أي نوع من خلايا الجسم الأخرى".

وقال إن "هذه الخلايا يمكنها التحول إلى خلايا دم "كريات الدم الحمراء أو البيضاء أو الصفائح الدموية"، كما يمكنها التحول إلى خلايا قلب، ودماغ، وعظام، وعضلات، وجلد وغيرها، وتوجد العديد من المصادر للحصول على الخلايا الجذعية ومهما تعددت أنواع تلك الخلايا الجذعية إلا أنها جميعاً تشترك في أن لها القدرة على التحول إلى أي نوع من خلايا وأنسجة الجسم المختلفة في ظروف معينة مما يجعلها مصدراً خصباً للباحثين لمحاولة علاج العديد من الأمراض المستعصية حال أصبحت هذه التقنية قابلة للتطبيق العملي".

وخلص د. المحروس إلى أن "أهم استخدام للخلايا الجذعية هو استخدامها في إنتاج خلايا متخصصة جديدة يمكن زرعها داخل أعضاء جسم الإنسان المصابة واستبدال الخلايا التالفة".