وليد صبري

الإنهاك الحراري أبرز مضاعفات ضربة الشمس

ضربة الشمس تسبب تلف الدماغ وربما تؤدي للوفاة



عوامل وراثية تؤثر في ردة فعل الجينات للحرارة

تجنُّب ممارسة الرياضة والمجهود في الأجواء الحارة

كشفت استشارية طب العائلة والمجتمع، وعضو جمعية اصدقاء الصحة، د. زهرة خليفة عن «6 إجراءات وقائية لابد من اتباعها لتبريد الجسم وحمايته من الإصابة بضربة الشمس»، موضحة أن «من بينها شرب الكثير من السوائل حيث يساعد على الحفاظ على درجة حرارة الجسم الطبيعية ورطوبته وتعويضه من فقدان السوائل»، مشيرة إلى أن «أول مضاعفات ضربة الشمس حدوثاً هي الإنهاك الحراري نتيجة التعرّض لدرجات حرارة مرتفعة».

وقالت في تصريحات لـ«الوطن الطبية»، «تعتبر ضربة الشمس حالة من الحالات الطارئة، تحتاج إلى رعاية طبية فورية لمنع حدوث تلف في الدماغ أو فشل في أعضاء الجسم أو حتى الوفاة. وهي نوع من أنواع حالات ارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل غير طبيعي لتصل إلى 40˚م أو أكثر قد تصل إلى الإنهاك الحراري ويتصاحب هذا الارتفاع أعراض جسدية عضلية وعصبية متعددة».

وتابعت أنه «تجدر الإشارة إلى أن الجسم في الحالات الطبيعية عادة ما ينتج الحرارة عن طريق عملية الأيض «الاستقلاب»، ويكون الجسم قادراً على تبديد هذه الحرارة، إما عن طريق إشعاعها من خلال الجلد أو عن طريق التبخر للعرق، إلا أنه في بعض الحالات، يعتمد على النشاط الذي يمارسه الشخص والذي يتضمن الحرارة المرتفعة والرطوبة الشديدة والجهد الشديد تحت أشعة الشمس، وذلك فإن الجسم قد لا يستطيع التخلص من الحرارة الزائدة، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارته لتصل أحيانا إلى 40˚م أواكثر. ومن العوامل المساعدة أيضاً والمؤدية لضربة الشمس، ارتداء الكثير من الملابس الثقيلة، مما لا يسمح للجسم بتبخير العرق بسهولة، وشرب الكحول، حيث إنه يؤثر على قدرة الجسم على تنظيم درجة الحرارة، والجفاف فالشخص المصاب بالجفاف قد لا يستطيع التعرق بسرعة كافية للتخلص من الحرارة الزائدة، مما يزيد من ارتفاع درجة حرارة جسم».

وقالت إنه «هناك عدة أسباب يجب ذكرها أيضاً مثل الأسباب البيئية، وهي حالات ضربة الشمس التي لا تحصل بسبب الجهد المبذول، بل بسبب التعرّض لظروف بيئية شديدة تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة جسم الإنسان، والتغييرات المفاجئة في درجة الحرارة خاصة فالأشخاص غير المعتادين على الطقس الحار معرضون على نحو خاص للإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة حيث إن الجسم قد يستغرق عدة أسابيع للتكيف مع الطقس الحار، وهناك أسباب مجهدة، خاصة عند الشخص الرياضي أو العامل في الخارج التي تزيد من درجة حرارة الجسم. وقد يصاب الشخص بهذا النوع من ضربات الشمس حتى وإن كان معتاداً على العمل أو القيام بالتمارين الرياضية في درجات الحرارة المرتفعة».

وتابعت أن «صغر أو كبر السن، يؤثر أيضاً، حيث إن قدرة الجسم وطاقة «حيوية» الجهاز العصبي المركزي تكون قليلة في كلتا الحالتين على التأقلم مع التغيرات في درجة حرارة الجسم الشديدة، كما أن كلاً من كبار وصغار السن يواجهون صعوبة في الإبقاء على رطوبة أجسامهم، الأمر الذي يزيد من احتمالية إصابتهم بضربة الشمس، وهناك أيضاً السمنة حيث يمكن لحمل وزن زائد أن يؤثر في قدرة الجسم على تنظيم درجة حرارته ويجعله يحتفظ بمزيد من الحرارة».

ونوهت إلى أن «هناك عوامل وراثية أيضاً تؤثر في كيفية ردة فعل الجينات للحرارة ويعتقد الباحثون أن الجينات تؤدي دوراً مهماً في تحديد طريقة استجابة الجسم لدرجات الحرارة العالية، وكذلك استخدام أدوية معينة، حيث تزيد بعض الأدوية من احتمالية الإصابة بضربة الشمس والحالات المرضية الأخرى المرتبطة بالحرارة، وذلك لكونها تؤثر في قدرة الجسم على المحافظة على الرطوبة وعلى قدرته على التعامل مع الحرارة المرتفعة، خاصة مع الأدوية المدرة للبول والتي تعالج ضغط الدم المرتفع أو الأدوية المستخدمة للأمراض النفسية».

وفي رد على سؤال حول أعراض ضربة الشمس، قالت إنه «تختلف أعراض ضربة الشمس من شخص إلى آخر، وقد تبدأ الأعراض عادة بالتعرق الشديد والإجهاد والعطش، وقد يشعر المصاب بألم أو تقلص في العضلات في المراحل المبكرة من ضربة الشمس، إلا أن العضلات فيما بعد قد تتصلب أو ترتخي. ومن أهم الأعراض والعلامات الشائعة هو ارتفاع درجة حرارة الجسم قد تصل إلى 40˚م أو أكثر، وتزداد الحالة إلى درجة عدم التعرق مع ارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل كبير. ويصبح الجلد حاراً وجافاً، أما إذا كان سببها النشاط المجهد، فإن الجلد يصبح في أغلب الأحيان رطباً».

وذكرت أن «من بين الأعراض تسارع ضربات القلب وسرعة في التنفس على الرغم من أن ضغط الدم عادة ما يبقى ضمن المعدل الطبيعي، إلا أن سرعة نبضات القلب تزيد لتصل إلى حوالي 130 نبضة في الدقيقة، وذلك أعلى بشكل ملحوظ من المعدل الطبيعي الذي يتراوح ما بين 60-100 نبضة في الدقيقة، والسبب في ذلك هو أن ارتفاع درجة الحرارة يزيد العبء على القلب بشكل كبير لمحاولاته أن يقوم بخفضها».

وقالت إنه «قد يتمكّن المصاب من علاج نفسه بنفسه في بعض الأحيان، وذلك باتباع نفس التعليمات الخاصة وعادة ما يتم علاج هذه الحالة بشرب السوائل المحتوية على الإلكترولايت مثل المشروبات الرياضية واللجوء إلى الراحة في مكان معتدل البرودة مثل أماكن الظل أو الأماكن المكيفة. أما إن استمرت الأعراض، فيجب عندها مراجعة الطبيب فوراً».

وفيما يتعلّق بمضاعفات ضربة الشمس، أفادت د.زهرة خليفة بأن «أول مضاعفات ضربة الشمس حدوثاً هي الإنهاك الحراري نتيجة التعرض لدرجات حرارة مرتفعة وخاصة عندما يصاحبها ارتفاع الرطوبة ونشاط بدني شاق، وقد تتضمن أعراضها التعرق بغزارة والنبض السريع، نتيجة لارتفاع درجة حرارة الجسم العالية. في حال لم يتم علاج الأعراض، الأمر الذي يجعل الحالة تزداد سوءاً تدريجياً وتشمل علامات الصداع والدوار والغثيان وبرودة الجلد ورطوبته، كما وقد تؤدي إلى أن يصبح لون البول غامقاً».

وذكرت أن «من بين الأعراض الصدمة والتشنجات الحرارية، وهي حالة تشكل تهديداً على الحياة تحدث عندما لا يحصل الجسم على كمية كافية من ضخ الدم، الأمر الذي قد يؤدي إلى تلف أعضاء الجسم إن لم يتم علاج الحالة بسرعة. وقد يصاب الشخص بنوبات مشابهة لنوبات الصرع والهلوسة وقد تصل الحالة إلى فقدان الوعي أو الغيبوبة».

وقالت إنه «من الجدير بالذكر أن التأخر في علاج الأعراض الأخرى لضربة الشمس قد يؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة أو حدوث تلف في الدماغ أو أعضاء الجسم الحيوية الأخرى، فإن لم تنخفض درجة حرارة الجسم بسرعة، فإن التلف قد يكون دائماً».

وفيما يتعلق بأساسيات الإسعافات الأولية لضربات الشمس، أوضحت د.زهرة خليفة أنها تتضمن الآتي:

- قم بإبعاد المصاب عن الشمس وانقله إلى منطقة مظللة أو مكيفة.

- اطلب الإسعاف فوراً مع عمل اللازم على تبريد حرارة المصاب إلى حين وصول الخدمات المساندة بإزالة الملابس غير الضرورية عنه ووضع ماء فاتر أو بارد على جلده «مثلاً يمكن رش الشخص بماء بارد وتهويته لتحفيز التعرق والتبخر في مناطق الرقبة وتحت الإبط والمناطق الحساسة حيث توجد الأوعية الدموية الكبيرة بالقرب من سطح الجلد».

- مساعدة المصاب على شرب الماء البارد إن كان في وعيه ويستطيع ذلك.

وقالت إنه «رغم خطورة ضربة الشمس، عند ارتفاع درجة الحرارة إلا أنه باتخاذ عدد من الاحتياطات يمكن الوقاية من الإنهاك الحراري وغيره من الأمراض المرتبطة بالحرارة».

وتحدثت د.زهرة خليفة عن مجموعة من الإجراءات الوقائية التي يجب اتباعها لتبريد الجسم، وهي:

- ينصح بشرب الكثير من السوائل حيث يساعد على الحفاظ على درجة حرارة الجسم الطبيعية ورطوبته وتعويضه من فقدان السوائل.

- ينصح بارتداء ملابس فاتحة اللون، فضفاضة وخفيفة الوزن، حيث إن ارتداء الكثير من الملابس أو الملابس الضيقة لن يسمح للجسم بالتبريد بالشكل المناسب عن طريق التعرق.

- كما ينصح بارتداء القبعات عند العمل الخارجي واختيار المناطق الأبرد، مثل الأماكن المكيفة أو المظللة. وتوخي المزيد من الحذر للأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة التي قد تزيد من خطر الإصابة بمشكلات مرتبطة بالحرارة. خاصة من يستخدمون بعض الأدوية التي قد تؤثر على قدرة حفاظ الجسم على رطوبته ومن لديهم تاريخ سابق من الإصابة بمرض مرتبط بالحرارة.

- تجنُّب ممارسة النشاطات الرياضية وعمل أي مجهود في الأجواء الحارة. أما إن كان لابد من ذلك، فيجب اتباع نفس المحاذير، والحرص على أخذ قسط من الراحة بشكل متكرر في منطقة باردة من وقت لآخر، وذلك لأن الاستراحة وتعويض السوائل المفقودة هما أمران يساعدان الجسم على تنظيم درجة حرارته. حمِاية الجسم من حروق الشمس بارتداء قبعة واسعة الحواف والنظارات الشمسية واستخدام واقٍ من الشمس واسع الطيف مع عامل حماية من الشمس (SPF) 15 على الأقل كل ساعتين أو أكثر إن أمكن.

- ليس من الأمان ترك شخص في سيارة متوقفة في الطقس الدافئ أو الحار، حتى إن كانت النوافذ مفتوحة قليلاً أو السيارة متوقفة في الظل. فهذا سبب شائع للوفيات المرتبطة بالحرارة في الأطفال. فعند توقفها في الشمس، يمكن لدرجة الحرارة في السيارة أن ترتفع أكثر من 6.7 درجة مئوية من حرارة الجو الخارجي في 10 دقائق.

- التصرّف بسرعة، في حالات ارتفاع الحرارة الطارئة عند ظهور أعراض ارتفاع في درجة الحرارة، كما يجب التأكد من توافر الخدمات الطبية القريبة من موقع الحدث في حال المشاركة في حدث أو نشاط رياضي شاق في الطقس الحار.