اليرقان يظهر في المراحل المتقدمة من تشمع المرارة

تخلخل العظام أحد المضاعفات المتأخرة للمرض

سائل المرارة هو سائل يتم إنتاجه في الكبد ومن ثم إفرازه إلى الأمعاء الدقيقة وهو عنصر أساس جداً في عملية تحليل الدهون، بالإضافة إلى ذلك يلعب سائل المرارة دوراً هاماً بتحليل مركبات كريات الدم الحمراء وإفراز المواد السامة والكوليسترول من الجسم.



في حالة تشمع المرارة الأولي يحدث ضرر لقنوات المرارة في الكبد إلى درجة لا يعود فيها أي مجال لإفراز سائل المرارة إلى الجهاز الهضمي، حيث هنالك أنواع من الأدوية القادرة على إبطاء تطور المرض وكلما تم الكشف عن المرض أبكر كان بالإمكان علاجه بصورة أكثر فعالية، بحسب «ويب طب».

في بعض الحالات يحتاج الأمر لسنوات عديدة إلى أن تبدأ بوادر وأعراض المرض بالظهور، كما أن هنالك بعض الأشخاص الذين لا يعانون من ظهور أية أعراض أو علامات إطلاقاً على الرغم من تشخيص إصابتهم بتشمع المرارة.

أما من يعانون من الأعراض في مراحل مبكرة فإنهم عادةً ما يشتكون من:

1- التعب والضعف: إن التعب والضعف يميزان مرض تشمع المرارة على الرغم من عدم وجود علاقة مباشرة بين مستوى التعب الذي يشتكي منه المريض وبين حدّة الإصابة بالمرض؛ لذلك من الممكن أن يشعر مريض ما في مرحلة متقدمة من المرض بقدر أقل من الضعف مما يشعر به مريض آخر في المراحل المبكرة من المرض.

2- الحكة: هي إحدى الشكاوى المنتشرة بين مرضى تشمع المرارة خاصةً في منطقة الرجلين، اليدين، وفي الظهر، حيث تتغير حدّة الحكة خلال ساعات النهار وعلى الأغلب تزداد خلال ساعات الليل. كما أنه من الممكن أن تؤدي الحكة القوية للإزعاج عند النوم ولزيادة التعب وحتى الاكتئاب، وليس من الواضح تماماً لماذا يتسبب تشمع المرارة بظهور الحكة.

3- الجفاف بالعينين والفم: يميز الكثير من أمراض المناعة الذاتية والتي تشمل تشمع المرارة، حيث ينتج الجفاف عن تدمير خلايا الغدد المسؤولة عن ترطيب العينين والفم مما يؤدي لانخفاض قدرتها على إفراز سوائلها بشكل كافٍ.

ومع تقدم المرض وازدياد الأضرار اللاحقة بقنوات المرارة تبدأ أعراض أخرى بالظهور، وتشمل ما يأتي:

1- اليرقان: هو أحد العلامات الفارقة التي تدل على الإصابة بأمراض الكبد وهو يظهر أيضاً في المراحل المتقدمة من تشمع المرارة، حيث يظهر اللون الأصفر على الجلد وفي المنطقة البيضاء من العين. يحدث هذا التغيير باللون نتيجة ارتفاع كبير بمستوى البيليروبين (Bilirubin) حيث في الحالات العادية تقوم المرارة بإفراز البيليروبين إلى خارج الجسم، لكن كلما تقدم المرض وكلما ازداد عدد قنوات المرارة المتضررة تقل القدرة على إفراز البيليروبين ويبدأ بالتراكم في الجسم.

2- فرط التصبّغ: ظهور البقع الداكنة على الجلد حيث تبدأ هذه البقع بالظهور في مختلف أنحاء الجسم دون علاقة بالتعرض لأشعة الشمس، يعود سبب ذلك إلى ارتفاع مستويات هرمون الميلاتونين بسبب تراجع وتيرة تدفق المرارة في الجسم.

3- انتفاخ بالقدمين: يبدأ بالتفاقم خلال ساعات النهار ويصل الذروة في المساء، يظهر هذا الانتفاخ في المراحل الأولى وبعده يظهر انتفاخ في منطقة البطن. سبب هذه الانتفاخات هو أنه كلما تزايد الضرر اللاحق بالكبد كلما تراكمت في الجسم كميات أكبر من الأملاح والماء حيث يبدأ الماء بالتجمع في أماكن مختلفة من الجسم.

4- ورم صفراوي: تظهر في أماكن متفرقة من الجسم فالمرارة هامة جدًا من أجل إفراز الكوليسترول إلى خارج الجسم، ولذلك ومع انخفاض إفراز سائل المرارة ترتفع مستويات الكوليسترول في الجسم. تميل الرواسب الدهنية للتراكم بحيث أن أكثر الأماكن عرضة لتراكمها هي منطقة العينين، وطيات راحة اليدين والقدمين، والكوعين والركبتين، هذا العارض يعد نادراً نسبياً نظراً لأن رواسب الكوليسترول تبدأ بالتراكم فقط عندما يكون مستوى الكوليسترول مرتفعاً جداً.

وما زال العامل الأساس المسبب لحالة تشمع المرارة موضوعَ نقاش بين الكثير من المختصين، وعلى ما يبدو فإن المرض ناتج عن عملية يقوم خلالها جهاز المناعة بمهاجمة خلايا الجسم السليمة عن طريق الخطأ إلا أن لهذا المرض أيضًا مؤثرات وراثية وبيئية وعدوى بكتيرية.

فعند الإصابة بتشمع المرارة، يقوم جهاز المناعة، وخصوصا الخلايا التائية بمهاجمة الخلايا التي تبني قنوات المرارة وتستبدلها بنسيج ندبيّ يسد الطريق أمام سائل المرارة داخل الكبد.

وتشمل المضاعفات ما يأتي:

1- تشمع الكبد: في مثل هذه الحالة من الممكن أن يحدث تراكم للمواد الضارة في الجسم عامةً وفي الكبد بشكل خاص ومن الممكن أن يؤدي لتندّب الكبد بصورة بالغة وغير قابلة للعلاج بل ولتشمع الكبد. والمرحلة النهائية من مرض تشمع المرارة هي الإصابة بتشمع الكبد والذي من الممكن أن يظهر بعد الإصابة الفعلية بعدة سنوات، يؤدي تشمع الكبد لفشل كبدي تام ويشكل خطورة فورية على الحياة.

2- ارتفاع بضغط الدم في وريد الباب الكبدي: فالدم من الأمعاء، والطحال، والبنكرياس، يصب في هذا الوريد وعندما يسبب تشقق الأنسجة في الكبد تضيّق هذا الوريد، يرتفع الضغط فيه ويتضرر وصول الدم إلى الكبد، وهذا الوضع يؤدي لأداء غير سليم للكبد مما يضر بعملية تصفية الدم وتنقيته من المواد السامة، والهرمونات، وبقايا الأدوية.

3- الدوالي: عندما يرتفع ضغط الدم في وريد الباب الكبدي يعود الدم إلى الخلف ويزداد جريانه في وريد المريء والمعدة، هذه الأوردة لا تلائم عبور كميات كبيرة من الدم بضغط عالٍ مما يؤدي لانتفاخها وحتى تمزقها حيث قد يكوّن النزيف في المريء أو المعدة وضعاً يشكل خطورة كبيرة على الحياة.

4- سرطان الكبد: إن الإصابة بتشمع المرارة الأولى يزيد من احتمال الإصابة بسرطان الكبد.

5- تخلخل العظام: هو أحد المضاعفات المتأخرة لمرض تشمع المرارة وينتج عن إلحاق الضرر بقدرة الكبد على توزيع مخزون الكالسيوم في الجسم وبإنتاج الفيتامين د.

6- انخفاض القدرة على امتصاص الفيتامينات: انخفاض القدرة على امتصاص الدهون يؤدي لانخفاض بالقدرة على امتصاص الفيتامينات الذائبة بالدهون وتشمل فيتامين د، وفيتامين أ، وفيتامين هـ، وفيتامين ك.

7- اضطرابات ذهنية: حيث إن الإصابة بتشمع المرارة الأولي قد يؤدي إلى انخفاض القدرة على التركيز وتراجع الذاكرة.

8- أمراض أخرى: لدى المصابين بتشمع المرارة، يظهر ازدياد بالإصابة بأمراض أخرى مثل:

- تصلب الجلد.

- التهاب المفاصل الروماتيزمي.

- متلازمة رايوناود.

- اضطرابات في الغدة الدرقية.

في كثير من الحالات يتم تشخيص الإصابة بالمرض حتى قبل ظهور الأعراض، وذلك باستخدام:

- فحص دم عادي يكشف عن ارتفاع مستوى إنزيمات كبدية معينة في الدم.

- التصوير بواسطة الأمواج فوق الصوتية للكبد بعد فحص الدم للتأكد من عدم وجود أسباب أخرى لارتفاع إنزيمات الكبد.

- أخذ عينة من أنسجة الكبد.

بالنسبة لأقارب المصاب بتشمع المرارة من الدرجة الأولى يتم إجراء فحص المضادات الذاتية في مراحل مبكرة وقبل ظهور ارتفاع مستويات إنزيمات الكبد، بهذا الشكل من الممكن فحص احتمالات أن يصاب هؤلاء بالمرض وحتى علاجهم بمرحلة مبكرة إذا اقتضى الأمر.

ونظرًا لعدم وجود أي دواء قادر على شفاء هذا المرض فإن علاج تشمع المرارة الأولى يتمحور حول تأخير تفاقمه قدر الإمكان، إضافةً للتخفيف من أعراضه ومنع مضاعفاته.

1- علاج المرض: حمض الأرسوديول يساعد على تفريغ سائل المرارة من الكبد ويستخدم كعلاج في المراحل الأولى من الإصابة بالمرض، غير أنه لا يبقى فعّالًا في المراحل المتقدمة. ومن أعراض استخدام هذا الدواء الجانبية: ازدياد الوزن، وفقدان الشعر والإسهال.

واليوم هنالك الكثير من الأدوية التي تتم تجربتها مخبرياً وسريرياً والتي من الممكن أن تكون علاجات مستقبلية، لكن عندما يتفاقم المرض ويخرج عن السيطرة تصبح هنالك حاجة لزرع كبد إلا أن هذا لا يمنع إمكانية أن يعاود تشمع المرارة إصابة الكبد الجديد المزروع.

2- علاج الأعراض: تشمل طرق علاج الأعراض ما يأتي:

- الأدوية التي تعمل على تخفيض مستويات الكوليسترول منها كوليستريمين، وكوليستيفول، ريفامبين.

- أدوية تُساعد بعض المرضى على مواجهة الحكة الشديدة.

- هناك علاجات خاصة وظيفتها منع المضاعفات الناتجة عن ارتفاع ضغط الدم في وريد الباب الكبدي، وتخلخل العظام، ونقص الفيتامينات الذائبة بالدهون.

الجدير بالذكر أنه لا يمكن الوقاية من الإصابة بمرض تشمع المرارة الأولي.