أجرت اللقاء - سماح علام:

خدمت لأكثر من 20 سنة في سوق العمل، بدأت من الصفر وتدرجت شيئاً فشيئاً حتى أصبحت سيدة أعمال ناجحة، كافحت وتعبت ونظمت عملها، إلا أن السوق حسب وصفها "بحر" لا يعرف موجه.

لطيفة عيد.. خبيرة تجميل وصاحبة عدد من صالونات التجميل.. ترى أن سوق العمل اليوم بحاجة خطة عشرية لوضع الرسوم الجديدة بطريقة تدريجية، متمنية أن يتم فصل المؤسسات الصغيرة عن المتوسطة وعن الكبيرة والضخم منها، مشددة على أهمية وجود إجراءات تفصل بمشاكل رب العمل والعامل عند المؤسسات الصغيرة.



هم سوق العمل وتحديداً للمؤسسات الصغيرة كان موضع حديث لطيفة عيد في هذا اللقاء الذي نستعرض أهم ما جاء فيه في السطور التالية..

ارتفع صوتكم كصالونات نسائية لمواجهة سلسلة من القرارات الحكومية الرامية لرفع رسوم المعاملات المختلفة، فما سبب ردة الفعل هذه؟

سبب ردة الفعل بسيط جداً لكل من يهتم بالشأن العام اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، فالضجيج ممكن أن يكون تم أو سمع من الصالونات؛ ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح ليس علينا فقط بل أيضاً على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من كل القطاعات.

ببساطة واضحة لم يكن في رفع الرسوم أي صلة بما يسمى تصنيف حجم ونوع المؤسسة.. لقد تعاملوا مع التاجر الصغير كما يتعاملون مع المتوسط والكبير والضخم. كلهم متساوون. وهذا لا يجوز لأنه غير علمي أبداً.

كيف تضرر قطاع الصالونات من وجهة نظرك من أزمة الركود الاقتصادي؟

العملية بسيطة فمصاريف الأعمال مقسمة لسنوية، وفصلية، وشهرية أو مرة واحدة.. وقد جاء توقيت الزيادات في ظل ركود اقتصادي مخيف، ومعنى الركود أن الظروف تدفع "الشاري" ليتباطأ في عملية شرائه ويتجنب الدفع.. وبالتالي يتباطأ دوران التبادل "الشاري" والبائع على كل المستويات.

وكما كانت عملية رفع الرسوم بحد ذاتها غير مبنية على أسس حسابية نسبية، إلا من منظار الحكومة لأنها بحاجة مداخيل تعوض انخفاض مدخول لنفط. فأتت متساوية بين كل أحجام المؤسسات، وبالتالي يتوجب لدفع هذه الرسوم تحويل النسبة الكبيرة من المدخول الصغير أوالمتوسط إلى دفع الرسوم المتشابهة لم مدخول الضخم والكبير، فلا يبقى لهذه المؤسسات الصغيرة أو المتوسطة للعيش بكرامة أي ربح من مدخولها في ظل هذا الركود.

فيكون المدخول قائماً فقط لدفع الرسوم ويتسبب هذا الواقع إلى استحالة تغطية المصاريف ونصل إلى مستوى الخسارة.. ولا يجب أن ننسى أن هذه المؤسسات هي بمعظمها صغيرة وقامت على أساس الدعم من بنك التنمية وتمكين ورأسمال من صاحب المؤسسة.

فإذا قررت الحكومة في سنة واحدة "عدم اعتماد مثلاً خطة خمسية" رفع الرسوم بأضعاف، فهذا يؤدي إلى إغلاق المؤسسات الصغيرة حتماً.

*هل هناك تخبط في السجلات من الأساس؟ وهل أصبح المجتمع متخماً بسجلات تجارية لا يستوعبها الواقع الاجتماعي والاقتصادي بالمملكة؟

هناك 1413 صالوناً في البحرين "سجلات نشطة" وهذا يعتبر عدداً كبيراً مقارنة ببلد صغير كالبحرين إذا أخدنا بعين الاعتبار تعداد السكان والشريحة التي من الممكن أن تشتري خدمات الصالونات.. التخبط لا يأتي من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. بل إن التخبط يأتي من إصدار الأنظمة والقوانين التي تبنى على أسس غير ملمة بـ360 درجة أضرار ومنافع.

وعلى سبيل المثال: وقف تخبط سوق العمل في إدارة العمال واحترام العقود المبرمة بين العامل وصاحب العمل بما نصته وزارة العمل والتنمية الاجتماعية "عدم انتقال العامل بدون أي حساب للمصاريف التي تكبدها رب العمل لتوظيف العامل وتدريبه"، إلى جانب دخول هيئة سوق العمل في منافسة المؤسسات الصغيرة في عملية التوظيف عوضاً عن حماية رب العمل والعمال على السواء لضمان استمرارية سوق العمل أصلاً.

مثال آخر؛ أقرُوا بحقوق العامل بالاحتفاظ بجواز سفره، فرضينا. أما أن يسمح بمغادرة البلاد دون علم الكفيل وعدم التأكد من أنه قام بالمخالصة مع رب عمل ومن خلال تصريح.

ففي مستوى الموظفين يقوم الموظف باستئذان رب عمله قبل المغادرة. أما هذا المستوى من العمالة في المؤسسات الصغيرة وكلفة توظيفهم الباهظة.

وهناك تخبط آخر في القانون، فرب العمل يلغي كفالته لسبب أن العامل لم يفِ بعهوده. وهيئة سوق العمل تعطي العامل مهلة شهر ممكن تمديدها وباستطاعته إيجاد عمل آخر دون الأخذ بعين الاعتبار المصاريف الباهظة المتكبدة؟

من خبرتك في السوق لأكثر من 30 سنة، كيف نخرج من عنق الزجاجة، وما هو المطلوب في المرحلة القادمة؟

العوامل التي أدخلتنا في عنق الزجاج؛ انتفاؤها يخرجنا منها تتمثل في، خطة عشرية لوضع رسوم بطريقة تدريجية، وفصل الصغير عن المتوسط وعن الكبير والضخم، ووضع إجراءات تفصل سريعاً بمشاكل رب العمل والعامل عند المؤسسات الصغيرة، حيث إن المؤسسات الصغيرة تمثل الأكثرية في كل الاقتصادات.

هل تشاركون في دراسات علمية وهل هناك دراسات مسحية لواقع السوق وكيفية تطويره؟

إذا سألتني عن دراسة علمية أو مسحية لا أعتقد أنها موجودة، وإذا كانت أين هي وعلى أي فئة من التجار قد تمت. إذا درست الفئة المتوسطة أو الصغيرة فهذه المؤسسات تعاني منذ العام 2011 أزمات مالية حادة وقد كانت تزحف ببطء، وهذه المؤسسات تعيش من قوت يومها وتدفع رسومها والتزاماتها ومعيشتها من الدخل اليومي.

إذن كيف نتطور في ظل هذا التناقض؟

إننا جميعاً على يقين بأنه لا توجد دراسات جدية أو حقيقية قامت عليها المؤسسات أو الوزارات لوضع استراتيجية الرسوم عدا التنافس في كيفية ضخ المال لوزاراتها دون أدنى خلفية لما قد يحدث بعدها من تساقط تلك المؤسسات.

أما من ناحية أن نقوم بمسح فإننا كأفراد لا نقوم بهذه الدراسات ولا المسح إلا بوجود مؤسسة حكومية تكون هي العاملة على هذه الدراسات بوجود المختصين في جميع المجالات التجارية في السوق والاستماع للتجار.

وتساءلت عن أين هي تلك التطويرات في المؤسسات والوزارات ولماذا هذه الرسوم المبالغ فيها وإلى أين يتجه مصير التاجر، وأين هي الدورات والمعاهد التدريبية وأين أصبح التطوير والتدريب المدعوم؟

ولتطوير قطاع ما؛ يجب العمل على تطوير اليد العاملة التابعة له، ففي السابق كان هناك برامج مدعومة ساعدت على رفع مستوى القطاع. أما اليوم بات هذا الدعم لا يعتمد على معاهد في الداخل، وعوضاً عن دفع الدعم في البحرين وإلى معاهد متخصصة فيها، بات هذا الدعم يضخ في معاهد خارج المملكة، ما أدى إلى تعثر معظم المعاهد إلى حد الإقفال.

ما الأسباب التي أدت إلى مواجهة هذه التحديات الاقتصادية التي باتت تهدد استمراريتكم في العمل؟

أساس المشكلة يكمن في الاعتماد على مداخيل بيع النفط ومشتقاته وعند وصول مستويات أسعار النفط إلى "متدنية جداً"؛ بدأت الحكومات المعتمدة على النفط المحاولة لإيجاد مداخيل بديلة. ومن هنا أتت الرسوم العالية وكانت مفاجئة عوضاً أن تكون تدريجية على مدار سنوات وليس سنة واحدة.

والكل مدرك اليوم ماذا يحدث في الشارع التجاري من تعثرات وانزعاج وغلق لمحلات كثيرة وهذا أيضاً يهدد بكارثة اقتصادية أخرى.

وللأسف، إن وصول التجار والتجارة إلى هذا هو بسبب بعض القائمين على هذه المجالات وكلنا نوجه أصابعنا كتجار لغرفة تجارة وصناعة البحرين ومجلس النواب وبعض المسؤولين في الوزارات والمؤسسات، حيث أغرقوا السوق بالسجلات وبالتالي إغراق صغار التجار بالديون.

اليوم التاجر الصغير والمتوسط يغرق لوحده، ولا توجد آذان صاغية، فهذا الصمت قد يفاقم التعثر وقد ينقلب على الجميع بالخسارة الفادحة، أما العمالة السائبة تطبيقها خطأ وخاصة في هذه الظروف والركود الاقتصادي، مما يؤدي تعثراً أكبر في السوق.. نحن مع التطوير وبكل قوة ولكننا نتأمل مراجعة سريعة لتلك الرسوم.

ما الحلول البديلة المقترحة من قبلكم، لتحسين واقع المحلات التجارية والسجلات الصغيرة والمتوسطة؟

إن مراكز التجميل وأغلبها أصلاً قامت برأس مال شخصي، مضاف إليه دعم حكومي تمويلي كـ"تمكين" وبنك البحرين للتنمية أو ما شابه، إذن هذا يعلمنا أن هذه المهنة هي مؤسسات أدنى من المؤسسات الصغيرة، وتقلب السوق وارتفاع الرسوم المفاجئ من كل جهة قد يثقل كيان هذه المهنة وأصحابها.

أيضاً مطلوب وقف الرسوم غير المتوازنة والعادلة على مستوى السوق المحلي، فالرسوم لها ميزان اقتصادي عادل بين التاجر وظروف التجارة، فلا نريد رفع الرسوم على الأقل في هذه الفترة، ليس بهذا الشكل غير المدروس.

أخيراً؛ نحن بحاجة إلى وضع قانون وجهة تفصل وبسرعة بين العامل وصاحب العمل دون تأخير حتى لا يضيع وقت صاحب العمل في الإجراءات المطولة مما يؤدي إلى تضرر الأعمال.

* نشرتم سلسلة مقاطع صوتية بوسائل التواصل الاجتماعي.. لماذا اتخذت هذه الخطوة، وهل وصلت رسالتك؟

جاء صوتي كصوت مواطن يتألم لحاله وحال غيره من التجار المتعثرين، أناشد فيه المسؤولين..أريد أن يصل صوتي كمواطن محب لوطنه بأن يسمعوا صوتي وصوت الكثيرين من المواطنين. أتمنى أن يكون صوتي حمامة تحية وإجلال لبلدي وحكومتي آملة أن ينظر لحالنا اليوم فنحن جنود البحرين وأبناؤها المخلصون لها، ونشكر قيادتنا على ما تبذله من تطوير وتذليل للمصاعب على المواطنين.