ليس من مصلحتنا معاداة إيران كبلد، فإيران جار منذ آلاف السنين، وبلد إسلامي يجب أن يكون صديقاً وليس عدواً. وبالرغم من أن البعض يرجع ويحكي عن عداوة تاريخية بين العرب والفرس، ويحاول أن يوظفها في السياق الحالي، لكن هذا المنطق يؤخر ولا يقدم. من مصلحة العرب كما من مصلحة الإيرانيين أن نكون على علاقة ودية، ولكن للأسف، النظام الإيراني أخذ منحى هجومياً حين تبنى منهج «تصدير الثورة» إلى الجوار، وبانتهاجه هذه السياسة خلق عداوة لا مبرر لها ولا أساس لها سوى الأيديولوجية. ونحن كشعوب عربية لا نضمر لإيران عداوة، ولكن هناك قلق دائم من نوايا نظام الملالي تجاه المنطقة. وبالنهاية صراعنا مع إيران لم يفدنا ولم يفد الإيرانيين. فلنسأل أنفسنا ولنسأل الجيران، ماذا كانت فائدة الحرب العراقية الإيرانية التي امتدت سبعة أعوام واستنزفت البلدين وكلفت الخليج المليارات؟ الجواب لا شيء، ولكن تهديد الخميني للجوار جعل من الحرب شراً لا بد منه لصد مد الثورة، ومنعها من تهديد أمن الخليج. واليوم نلتقي نحن والشعب الإيراني على نقطة مهمة وهي عبثية الصراعات التي يخلقها نظام الملالي، ويغذيها بالمال والعتاد والأيديولوجيا، والتي بالنهاية الشعب الإيراني ليس له فيها لا ناقة ولا جمل. فالمواطن الإيراني هو الخاسر الأكبر من أطماع النظام التوسعية. فالدولة تجند طاقاتها لقضايا خارجية بدل أن تستثمرها في تحسين الاقتصاد وتوظيف العاطلين. أما من جهة أخرى، فمحاولة النظام زعزعة أمن دول الجوار تجعل من المواطن الإيراني شخصاً غير مرغوب فيه في تلك الدول، فهو ينظر إليه بحذر وريبة، حتى لو لم يكن له صلة لا بالحكومة ولا بالنظام، فالمواطن الإيراني يدفع ضريبة الصورة السلبية التي رسمها نظام الملالي لإيران. واليوم المواطن الإيراني وخاصة الشباب الإيراني الذي يطمح لمستقبل أفضل والذي سئم من النظام البالي نزل إلى الشارع ليحتج. وقد شجعت الإصلاحات التي قامت بها السعودية أيضاً الناس على المطالبة بالتغيير. فوسائل التواصل الاجتماعي في إيران تداولت استياء الإيرانيين الذين أحسوا بالحسرة حين رؤوا إصلاحات قامت بها السعودية خلال أربعة أشهر عجز عن القيام بها النظام خلال أربعة عقود. وبالنهاية فمطالبنا كعرب هي نفس مطالب الشعب الإيراني وهي التركيز على التنمية الداخلية وعدم التدخل في شؤون الدول العربية وبناء علاقات معها على أسس حسن الجوار. ولنتذكر مجدداً الحرب العراقية الإيرانية ألم يكن أجدى بتلك الأموال والطاقات أن تصرف على الاقتصاد والتعليم بدل أن تصرف على الحرب والدمار؟ لعل تلك المظاهرات ستدفع النظام لمراجعة أولوياته ولتلبية مطالب الشعب بدل التضحية بكل شيء من أجل الأيديولوجيا.