- توقّف 95 مستشفى عن الخدمة دمّرتها "الدعم السريع"

- الأمم المتحدة: المعارك أسفرت عن مقتل 13 ألفاً وفرار 8.1 مليون

- توقف 70% من النشاط الاقتصادي في البلاد



- نصف مليار دولار كلفة المعارك فى السودان يومياً

- 60 مليار دولار حجم خسائر البنية التحتية

- 20% تراجعاً متوقّعاً للناتج المحلّي إذا لم تتوقّـف الحرب سريعاً

- 6 ملايين نازح وعمليات اغتصاب وحرمان 19 مليون طفل من التعليم

- حصار عنيف لا إنساني يضرب الولايات "جعل أعزّة أهلها أذلّة"

- 90 % من السكّان يواجهون خطر المجاعة في السودان


مروان الجميلي وأنس الأغبش


خلّف الاقتتال القائم منذ أكثر من عام بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، خسائر في صفوف العسكريين والمدنيين وتداعيات إنسانية فادحة، في حين كشف الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة في ولاية الخرطوم رئيس لجنة الطوارئ الصحية بالولاية د. محمد إبراهيم لـ"الوطن"، أن الحرب أودت بحياة 1517 شخصاً إلى جانب إصابة 24351 مواطناً في العاصمة الخرطوم.

ولا توجد أرقام دقيقة ورسمية حول الخسائر التي وقعت لكلا الجانبين منذ بدء الحرب، لكنّ الجانبين نفّذا آلاف العمليات العسكرية بين توغّلات برية وعمليات قصف وهجوم بالطائرات المسيرة، وفق أرقام قدّمها المرصد السوداني لحقوق الإنسان.

وأكد الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة في ولاية الخرطوم رئيس لجنة الطوارئ الصحية بالولاية، أن الحرب الدائرة منذ منتصف أبريل 2023 وحتى الثاني من أبريل الحالي، أودت بحياة 1517 شخصاً وهي الحالات الموثّقة التي استقبلتها المستشفيات.

وأشار إلى أن مستشفيات ولاية الخرطوم استقبلت خلال تلك الفترة 24351 مصاباً تتدرّج إصاباتهم، ما بين الخفيفة والمتوسطة والبليغة، لافتاً إلى أنّ عدد العمليات الجراحية التي أُجريت في مستشفيات القطاعين العام والخاص بلغت 16312 عملية تتلخّص في استخراج الأعيرة النارية من أجزاء مختلفة من الجسم لمصابي الأحداث.

خروج المستشفيات من الخدمة

وأوضح إبراهيم أن عدد المستشفيات الحكومية العاملة في ولاية الخرطوم الآن يصل إلى 25 مستشفى من أصل 55 مستشفى، مؤكداً في الوقت نفسه أن هناك 30 مستشفى توقفت عن الخدمة بعد تدميرها بشكل كامل، في حين تراجع عدد مستشفيات الخاص من 81 مستشفى، إلى 16 مستشفى أي إن هناك 65 مستشفى بات خارج الخدمة.

وأضاف أن عدد المراكز الصحية التي كانت تقدم الخدمة من المستويين الأول والثاني وصل إلى 230 مركزاً يعمل منها الآن 101 مركز فقط، بعد أن طالها الدمار أيضاً من قِبل قوات الدعم السريع.

وشدّد على أن مراكز غسيل الكلى التي تقدّم خدماتها بشكل مجاني لم تسلم هي الأُخرى، فبعد أن كان يعمل في الخرطوم 36 مركزاً تقدم خدماتها لحوالي 4 آلاف مريض، تقلّصت إلى 10 مراكز فقط تخدم 2001 مريض، أي أن هناك 26 مركزاً خارج الخدمة معظمها في المستشفيات التي تم تدميرها واتخذتها قوات الدعم السريع كثكنات عسكرية.

أممياً، حذّرت وكالات الأمم المتحدة من الحصاد الكارثي لهذه الحرب التي تطحن البلاد وتدفع الملايين إلى النزوح القسري في أسوأ أزمة إنسانية تشهدها البلاد.

ووفقا لأرقام الأمم المتحدة، راح ضحية المعارك الدائرة أكثر من 13 ألف قتيل، وفرّ نحو 8.1 مليون شخص من منازلهم فى السودان، ويشمل ذلك حوالي 6.3 مليون داخل السودان و1.8 مليون فروا إلى خارج البلاد.

وأوضحت وكالات الأمم المتحدة أن نصف سكان السودان، أي حوالي 25 مليون شخص، يحتاج إلى الدعم والحماية والمساعدات الإنسانية العاجلة، مشيرة إلى أن الأموال المطلوبة ستخصص لمساعدة ملايين المدنيين في السودان وغيرهم ممن فروا إلى الخارج.

وخلّف الاقتتال آثاراً كارثية على الخدمات والوضع الاقتصادي للبلاد، وبحسب أرقام قدّمتها الحكومة السودانية يقدّر حجم الدمار والتخريب الذي طال القطاع الصحي بنحو 11 مليار دولار، كما تسبّبت العمليات القتالية في تعطيل عمل المستشفيات التي تعرضت للتخريب ونهب الأجهزة والمعدات.

على المستوى الاقتصادي، بلغ حجم الخسائر التي لحقت البنية التحتية للبلاد نحو 60 مليار دولار، وسط توقعات بأن ترتفع الخسائر بشكل كبير فى ظل استمرار الحرب، في وقت تقدّر الحكومة أن يتراجع الناتج المحلّي بنحو 20% إذا لم تتوقّـف الحرب سريعاً.

وتوقّـعت دراسة أجراها المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية ونقلتها وسائل إعلام سودانية، أن تبلغ خسائر الاقتصاد السوداني بسبب الحرب 15 مليار دولار بنهاية العام الحالي، أي ما يُعادل 48% من الناتج المحلّي الإجمالي.

ووفقا لدراسة نشرها المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، فقد توقّف 70% من النشاط الاقتصادي في السودان، وتُقدر تكلفة المعارك فى السودان بنحو نصف مليار دولار يوميا.

كارثة المجاعة والوقت ينفد

وعلى الصعيد الإنساني، لم يعد ثمّة أحد آمن في سِربه إطلاقاً، وتم تهجير ما يفوق 6 ملايين شخص من منازلهم، واغتصاب مئات النساء، وحرمان 19 مليون طفل من التعليم، وتدمير ونهب الجامعات والمصانع، وإضرام النيران في مصفاة الجيلي، شمال الخرطوم، على أهميتها الإستراتيجية بالطبع، لتصل الخسائر المادية أرقاما يصعُب حصرها.

فيما يواجه بنك الجينات للموارد الوراثية النباتية النادرة – بمدينة ود مدني، والذي يضم أكثر من 15 ألف مدخل من الموارد الوراثية النباتية المتنوعة للأغذية والزراعة – تهديداً وجودياً جراء هذه الحرب، التي لم يسلم منها إنسان أو حيوان أو نبات.

وتعاني مدن وقرى ولاية الجزيرة، التي تضم أهم مشروع زراعي، من حصار عنيف، جعل أعزّة أهلها أذلّة، كما حدث في الحصاحيصا والمعيلق والعزازة وغيرها، وبعض قرى ولاية النيل الأبيض، فيما لا تزال دارفور تنزف، وقد حدثت فيها انتهاكات فظيعة ترقى إلى جرائم حرب، استهدفت مكوّنات سكانية بعينها؛ بهدف إزالتها من الوجود.

وفي وقت سابق، أكدت مسؤولة الأمم المتحدة إيديم وسورنو، أن السودان يواجه واحدة من "أسوأ الكوارث الإنسانية في الذاكرة الحديثة"، حيث يلوح شبح المجاعة بعد نحو عام من الحرب، مندّدة أمام مجلس الأمن بتقاعس المجتمع الدولي.

ويواجه حوالي 18 مليون سوداني خطر المجاعة، أي بزيادة 10 ملايين شخص مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويعاني 730 ألف طفل من سوء التغذية الحاد.

واستنكرت وسورنو قائلة "يحدث استهزاء إنساني في السودان، خلف ستار من الإهمال والتقاعس الدولي وببساطة، نحن نخذل الشعب السوداني"، متحدثة عن اليأس الذي يعيشه السكان.

وكان مجلس الأمن الدولي دعا مطلع مارس الماضي، إلى وقف فوري لإطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بلا عوائق.