المفاوضات التي تجري بين جمهورية مصر العربية الشقيقة ومنظمة حماس في القاهرة بشأن وقف الحرب في غزة، هي في الحقيقة مفاوضات بين مصر وإيران، حيث كما هو معلوم أن "حماس" هي أحدث ذراع لإيران في المنطقة.

التقارير الإعلامية –وتحديداً الإعلام المصري- تظهر وجود تقدم وصفته بالملحوظ بشأن المفاوضات بين وفدي مصر وحماس، والتي تشمل في أبرزها: وقف الحرب، وعودة النازحين، وإغاثة الشعب الفلسطيني، وبدء إعمار غزة، وصفقة تبادل بين حماس وإسرائيل، تطلق الأولى عشرات الأسرى الإسرائيليين، في مقابل أن تطلق الثانية سراح مئات السجناء الفلسطينيين، كما ذكرت ذلك ايضاً قناة BBC، وهذه الأنباء قد تكون جيدة إذا لم يتم عرقلتها من أحد الأطراف المعنية وأعني حماس أو إيران أو إسرائيل.

وبالرغم من التفاؤل الذي أظهره الجانب المصري بشأن نتائج تلك المفاوضات، وما عرف عن الدبلوماسية المصرية الناجحة في قيادة الملف الفلسطيني على المستويين الدولي والإقليمي، ولكن المشكلة تكمن في "حماس" ومن خلفها، وأعني النظام الإيراني الذي لا يمكن ولو للحظة الوثوق فيه، لمواقفه السابقة التي لم تكن يوماً مع العرب في أي قضية أو حدث أو ظرف، بل يعمل على استغلال الظروف ومحاولة جلب مكاسب خاصة له، وهذا أمر ليس بجديد على كل من يعرف حقيقة النظام الإيراني.

إن مصر تدرك تماماً التقارب الكبير بين إيران وحماس، والدبلوماسية المصرية لا يمكن أن تغفل عن ذلك، خاصة وأنها مطلعة بالتأكيد على الأخبار التي أشارت إلى تلقي "حماس" تمويلاً شهرياً من إيران بلغ في آخر ست سنوات، بمبلغ اقترب من 200 مليون دولار، بحسب تقرير نشرته صحيفة "تايمز" البربطانية مؤخراً، بمعنى آخر، أن حماس لا تملك قرارها، وليس في يدها الحل والربط، وإنما القرار هناك في طهران، لذلك قلت في بداية المقال إن المفاوضات في حقيقة الأمر بين مصر وإيران، وأن "حماس" مجرد "ناقلة" لمتطلبات إيران من تلك المفاوضات.

ما يهم الآن، هو وقف الحرب الإسرائيلية على أشقائنا في قطاع غزة، والتي أكاد أجزم أن إيران لا يهمها إن توقفت أم لا، بقدر ما يهمها مصالحها ومكتسباتها من تلك الحرب، التي في توقفها مكسب لإيران في زيادة النفوذ والتأييد، سواء من حماس أو من بعض الفلسطينيين والعرب المنخدعين بإيران، أما في حال عدم توقف الحرب، فسيبقى ذلك ورقة تلوح بها إيران وتدغدع مشاعر بعض العرب من الذين أيضاً يظنون - وهم مخطئون - خيراً في إيران وأذرعها، وإنهم هم الناصرون للقضية الفلسطينية.