* وزير الخارجية اللبناني يعلن إجراءات ضد "مفوضية اللاجئين" اعتباراً من الجمعة

بيروت - بديع قرحاني، وكالات

أعلن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الجمعة إيقاف طلبات الإقامة المقدمة لصالح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، متهماً إياها بـ"تخويف" النازحين السوريين من العودة إلى بلادهم، فيما يبقى ملف عودة النازحين السوريين من أكبر الملفات التي يتم العمل على حلها وسط عدم توحيد الرؤية بين القوى السياسية في لبنان فيما يخَص عودتهم الآمنة إلى بلادهم والآلية التي ستعتمدها الحكومة الجديدة وسط معارضة أكثر من طرف سياسي لبناني التفاوض والتنسيق مع حكومة الرئيس بشار الأسد لإتمام عملية عودة النازحين السوريين إلى بلدهم.



وجاء في بيان لوزارة الخارجية أنه "أصدر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل تعليماته إلى مديرية المراسم لايقاف طلبات الإقامات المقدمة إلى الوزارة والموجودة فيها لصالح المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان إلى حين صدور تعليمات أخرى". وطلب باسيل دراسة "إجراءات تصاعدية" أخرى قد تتخذ بحق المفوضية.

واستند باسيل في قراره إلى التقرير الخطي الذي رفعته إليه البعثة المرسلة من قبله إلى منطقة عرسال البارحة، والتي تبين لها من خلال مقابلاتها مع نازحين سوريين راغبين طوعاً بالعودة إلى سوريا، ومع موظفين في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، إلى أنها تعتمد إلى عدم تشجيع النازحين للعودة، لا بل إلى تخويفهم عبر طرح أسئلة محددة تثير في نفوسهم الرعب من العودة نتيجة اخافتهم من الخدمة العسكرية والوضع الأمني وحالة السكن والعيش وقطع المساعدات عنهم وعودتهم دون رعاية اممية، وغيرها من المسائل التي تدفعهم إلى عدم العودة.

"جاء هذا التدبير بعد عدة تنبيهات من الوزارة وجهت مباشرة إلى مديرة المفوضية في بيروت ميراي جيرار، وبعد استدعائها مرتين إلى وزارة الخارجية وتنبيهها من هذه السياسة، وبعد مراسلات مباشرة من الوزير باسيل إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ومراسلات من الوزارة إلى المفوضية والأمم المتحدة، دون أي تجاوب لا بل أمعنت المفوضية في نفس سياسة التخويف"، وفقاً لما ذكرته مصادر في وزارة الخارجية اللبنانية.

وفي وقت سابق، أعلن باسيل إجراءات يبدأ تنفيذها ضد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة التي اتهمها بعرقلة عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

واتهم باسيل المفوضية "بتخويف النازحين" من العودة، في وقت حث مسؤولون لبنانيون مراراً خلال الفترة الماضية اللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم خصوصاً بعدما استعادت القوات الحكومية السيطرة على مناطق واسعة.

وقال باسيل في تغريدة على حسابه في تويتر "إجراءاتنا بحق مفوضية اللاجئين تبدأ غداً وستكون تصاعدية وصولا الى اقصى ما يمكن ان يقوم به لبنان السيد في حق منظمة تعمل ضد سياسته القائمة على منع التوطين وتحقيق عودة النازحين الى ارضهم".

وأضاف "ارسلنا بعثة تحققت من قيام مفوضية اللاجئين بتخويف النازحين الراغبين بالعودة طوعا ووثقنا المعلومات وهناك شهود".

واعتبر أنها "تواجه السياسة اللبنانية القائمة على رفض التوطين واندماج السوريين النازحين في لبنان ورغم تنبيهنا استمرت العملية".

ونفى المتحدث باسم المفوضية في جنيف ويليام سبيندلر أن تكون المنظمة لا تشجع اللاجئين على العودة.

وقال لصحافيين "نحن لا نعيق او نعارض العودة إن إن كانت خياراً شخصياً، هذا حقهم (...) لكن من وجهة نظرنا، فإن الظروف في سوريا ليست مؤاتية بعد للمساعدة على العودة برغم ان الوضع يتغير، ونحن نتابع عن كثب"، مضيفاً "يجدر علينا اذا اردنا تنظيم العودة ان نضمن ان ذلك سيكون مستداماً، وانهم لن يكونوا في خطر".

ولم يحدد باسيل الإجراءات التي يعتزم القيام بها. وقال مصدر دبلوماسي إن "القرار يأتي بعد عدم تجاوب المفوضية مع طلبات عدة للبنان للحصول على معلومات اضافية بشأن اللاجئين"، مضيفاً "قد تتضمن المرحلة الاولى عدم تجديد الاقامة لبعض معاوني" ممثلة المفوضية.

وأوضح "قد تصل الذروة إلى اعتبار أحدهم وقد يكون من العاملين الميدانيين شخصاً غير مرغوب فيه والطلب منه مغادرة بالبلاد".

وبرز التوتر بين الطرفين في أبريل الماضي حين أعلنت المفوضية عدم مشاركتها في عملية غادر بموجبها 500 لاجئ إلى سوريا محذرة من "الوضع الإنساني والأمني". وردت وزارة الخارجية اللبنانية على المفوضية معتبرة أنها "تخوف النازحين"، وقالت إن ذلك يدفعها إلى "إعادة تقييم" عملها.

وحذرت منظمات دولية من اجبار اللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم، في وقت تضع الحكومة اللبنانية هذه المسألة على قائمة أولوياتها.

وفي الأشهر الأخيرة كرر مسؤولون بارزون بينهم رئيس الجمهورية والحكومة مطالبة المجتمع الدولي بتأمين عودة اللاجئين السوريين إلا أن باسيل هو الوحيد الذي صعد من خطابه تجاه المنظمة واستدعى ممثليها لاجتماعات عدة.

ويقدر لبنان راهناً وجود نحو مليون ونصف لاجئ سوري فروا خلال سنوات الحرب من مناطقهم ويعانون من ظروف إنسانية صعبة للغاية. وتتحدث المفوضية عن أقل مليون لاجئ مسجل لديها.

ويرتب وجودهم أعباء اجتماعية واقتصادية على البلد الصغير ذو الامكانات الضعيفة. لكن منظمات دولية وغير حكومية تؤكد أن وجودهم يساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية من خلال المساعدات المالية التي يصرفونها في الأسواق المحلية.

وتسبب النزاع السوري المستمر منذ عام 2011 بتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها بينهم أكثر من 5 ملايين لجأوا إلى دول الجوار، لبنان وتركيا والأردن.