القدس المحتلة - عز الدين أبو عيشة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تجمع الخان الأحمر منطقة عسكرية مغلقة، وأخطر سكان المكان بإخلائه، وأجرى ممثلي الإدارة المدنية التابعة للاحتلال عمليات قياس ومسحًا للقرية الفلسطينية البدوية المهددة بالهدم.



ويقع الخان الأحمر بين القدس وأريحا ويعيش فيه عشرات التجمعات العربية الفلسطينية البدوية، ويقدر عدد سكانه نحو 700 فردًا، وتفاقمت معاناة هذه التجمعات في أعقاب اتفاقية أوسلو، وتوسيع المستوطنات وشق الطرق الالتفافية.

ويعيش البدو هناك في منازل بدائية من الصفيح والطوب، ومدرسة الخان تمّ بنائها من إطارات السيارات المهترئة ورغم ذلك أصدر الاحتلال قرارًا بهدم المدرسة التي تضم 170 طالبًا، إلى جانب منازل القرية، وفرض على سكان المنطقة التهجير.

وينحدر سكان الخان الأحمر من منطقة في النقب التي هجروا منها، ويلاحقهم الاحتلال مرة أخرى لترحيلهم؛ وعلى بعد 2 كلم من القرية التي تعاني شظف العيش تزدهر مستوطنة "كفار أدوميم".

ويخوض السكان في منطقة خان الأحمر منذ 2009 نضالا ضد أوامر الهدم، وضد الأوامر التي تمنع إقامة مبان عامة، كالعيادات والمدارس، ويفتقر الخان لأبسط مقومات الحياة، فلا يوجد به شبكة كهرباء ولا صرف صحي ولا مياه واصلة للناس.

ولم تتمكن منظمات المجتمع المدني التي تدخلت من منع تنفيذ أوامر الهدم، وإنما اقتصر ذلك على تأجيل تنفيذ أوامر الهدم، وقدم سكان الخان الأحمر التماسًا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، ضد أوامر وقف أعمال البناء في القرية، لكن المحكمة رفضت ذلك الالتماس، وأصرّت على قرارات الهدم.

وبعد مصادقة المحكمة الإسرائيلية على هدم منازل القرية، اقتحم ممثلو الادارة المدنية المكان حوالي خمس مرات، وفحصوا إمكانية إدخال مركبات وجرافات الهدم والتجريف.

وطلب الاحتلال من نحو 200 من سكان خان الأحمر الانتقال إلى المنطقة التي خصصتها الإدارة المدنية الإسرائيلي على أراضي قرية أبو ديس شمال القدس المحتلة، أو منطقة تسمى "النعيمة" لكن السكان رفضوا التهجير علاوة أنّ المنطقة المذكورة لا تلبي احتياجاتهم الأساسية ولا يسمح بمواصلة طريقة حياتهم البدوية.



وبدأت قوات كبيرة من جيش الاحتلال برفقة جرافات باقتحام الخان الأحمر، وشرعت بشق طرق ومداخل داخل التجمع، تمهيدًا لتنفيذ عملية الهدم، واعتدى جنود الاحتلال على عدد من الأهالي والمتضامنين المعتصمين داخل التجمع بالضرب، أثناء تصديهم للجرافات التي ما زالت تواصل عملها.

وأغلقت قوات الاحتلال كافة مداخل الخان الأحمر، واعتدت تلك القوات على الأهالي والنشطاء بالضرب المبرح، ما أدى لإصابة 35 فلسطينيا، نقل أربعة منهم للعلاج في المستشفيات، بحسب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

واقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال منطقة البدوان في عرب الجهالين تمهيدا لترحيل الأهالي وهدم مساكنهم، تزامنا مع تواجد 60 ناشطا تضامنا مع الأهالي.

ويتواجد عشرات المتضامنين داخل تجمع الخان الأحمر منهم قناصل 9 دول أوروبية، فيما تقوم الجرافات بتسوية الطريق من أجل تسهيل الهدم.

واعتقل الاحتلال 14 متضامنًا، بينهم سيدة وثلاثة آخرين من هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، و ثلاثة متضامنين أجانب، ومنع الصحافيين من الوصول إلى القرية، ومنعهم من أداء عملهم بذريعة تحرير مخالفات سير.

كما وصادرت سلطات الاحتلال معدات لحديقة ألعاب تقدمت بها الحكومة الإيطالية لسكان قرية الخان الأحمر، تحت ذريعة أنّ المعدات التي نقلت تهدف إلى إقامة حديقة ألعاب على الأرضِ الاسرائيلية.



وشكل أهالي الخان برفقة نشطاء المقاومة الشعبية سلسلة بشرية بأجسادهم، لمنع جرافات وآليات الاحتلال من هدم المساكن والمنشآت في الخان الأحمر.

وأثناء عملية الهجوم على الخان الأحمر وبدء تنفيذ قرارات الهدم بوجود جرافات كبيرة ومعززة بالشرطة الاسرائيلية، لاحقت قوات الاحتلال الإعلاميين، وقمعت الطواقم الصحافية خلال عملها الميداني في تغطية وتوثيق ممارسات الاحتلال بهدم التجمع البدوي

وصادرت قوات الاحتلال أربع مركبات إحداها تتبع لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، وحررت مخالفات بمبالغ باهظة بحق مركبات أخرى لصحافيين وطواقم إعلامية، بدعوى وقوفها في منطقة عسكرية مغلقة.

كما حررت شرطة الاحتلال مخالفات بحق سيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، التي كانت تحاول الوصول إلى الخان الأحمر لتقديم الخدمات الطبية للمواطنين، وحررت مخالفات أيضا بحق الصحافيين والمواطنين المشاة الذين حاولوا عبور الشارع الرئيسي للوصول إلى القرية.



ولمناهضة قرار هدم الخان الأحمر وتهجير سكانه، وقّع أكثر من 300 شخصية دولية، على رسالة عبروا فيها عن معارضتهم لمخطط الاحتلال تهجير آلاف الفلسطينيين بالقوة ممن يعيشون على الرعاية والزراعة.

وأكد الاتحاد الأوروبي أن سياسة هدم المنازل التي تعتمدها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية ستؤدي لهجرة قسرية للفلسطينيين الأمر الذي سيعتبر انتهاكا لمعاهدة جنيف.