عمدة بلغراد وافق على تسليم بلغراد لفريتز كلينغنبرغ خوفا من تعرض العاصمة اليوغسلافية لقصف مكثف

خلال فترات الحروب، لعبت الخدع دورا هاما في حسم العديد المعارك، فقبيل إنزال نورماندي يوم 6 حزيران/يونيو 1944، اتجه الحلفاء للاعتماد على مجموعة من مجسمات الدبابات المطاطية للتمويه وإرباك الألمان حول موقع عملية الإنزال.

وبفضل ذلك، آمن عدد كبير من المسؤولين الألمان بحتمية قيام الحلفاء بإنزال قواتهم عند منطقة كاليه (Calais).

وبوقت سابق من الحرب العالمية الثانية، تابع العالم عن كثب حادثة وقوع عاصمة يوغوسلافيا بقبضة الألمان بخدعة غريبة ودون مقاومة. فبفضل دهائه، تمكن الشتاندارتن فوهرر (Standartenführer)، رتبة شبه عسكرية بفرق الأس أس الألمانية، فريتز كلينغنبرغ (Fritz Klingenberg) من إخضاع بلغراد رفقة 6 رجال فقط.

خلال شهر نيسان/أبريل 1941، كان فريتز كلينغنبرغ متواجدا ضمن فرق الأس أس التي رافقت الجيش الألماني بغزو يوغوسلافيا، ومع اقترابهم من بلغراد، كلّف كلينغنبرغ رفقة ستة من جنوده بمهمة تمشيط المناطق حول العاصمة اليوغوسلافية والقيام بمهام استطلاعية للبحث عن جسر لدخولها، فعقب مغادرتها للمنطقة، اتجهت القوات اليوغوسلافية لتدمير جميع الجسور حول العاصمة وتخريب الطرقات التي قادت لوسط المدينة.

وأثناء تمشيطه للمنطقة، عثر كلينغنبرغ ورفاقه الستة، على قارب، مزود بمحرك، استخدموه لعبور النهر ودخول أحد أطراف العاصمة اليوغوسلافية.

وعقب عصيانه للأوامر ودخوله لبلغراد، اشتبك كلينغنبرغ مع فرقة من الجنود اليوغسلافيين، المزودين بشاحنة نقل جنود، الذين سرعان ما استسلموا. وعقب تفتيشه للشاحنة، عثر كلينغنبرغ على سائح ألماني معتقل. وبالتزامن مع ذلك، قرر جنود فرقة الأس أس الألمانية الاعتماد على هذا السائح كمترجم.

لاحقا، تنقلت فرقة كلينغنبرغ داخل العاصمة بلغراد واشتبكت مع عدد من الجنود والمقاومين اليوغسلافيين. وفي الأثناء، تنقل هؤلاء الجنود الألمان، المنتمون لفرق الأس أس، نحو وزارة الحرب اليوغسلافية، التي كانت خالية عقب صدور قرار الخروج من المدينة، كما تنقلوا أيضا نحو مقر السفارة الألمانية ببلغراد، حيث عمدوا لإنزال العلم اليوغسلافي ورفع العلم الألماني.

بالفترة التالية، التقى كلينغنبرغ بعمدة بلغراد. وخلال هذا اللقاء، تحدث كلينغنبرغ عن محاصرة بلغراد من قبل القوات الألمانية وانتحل صفة مبعوث ألماني أرسل للتفاوض. وفي الأثناء، هدد كلينغنبرغ عمدة المدينة وتحدث عن استعداده لإصدار أوامر بقصف بلغراد باستخدام المدفعية والطائرات وتحويلها لكومة حجارة.

إلى ذلك، مثلت تصريحات كلينغنبرغ ادعاءات كاذبة حيث لم يمتلك الأخير جهاز راديو للاتصال ببقية القوات الألمانية كما لم يمتلك جنوده الستة كميات كافية من الرصاص لمواصلة القتال. فضلا عن ذلك، عصى الأخير أوامر المسؤولين الألمان بدخوله لبلغراد تزامنا مع تصنيفه ضمن عداد المفقودين من قبل القيادة العسكرية الألمانية التي عجزت عن تحديد مكان تواجده وفقدان أثره خلال المهمة الاستطلاعية.

أمام هذه التهديدات، وافق عمدة بلغراد على الاستسلام وتسليم العاصمة اليوغسلافية لكلينغنبرغ. وبالتزامن مع ذلك، أصدر عمدة بلغراد أوامره لجميع المقاومين والجنود المتبقين بالعاصمة، المقدر عددهم بنحو 1300 عنصر، بإلقاء أسلحتهم.

باليوم التالي، دخلت القوات الألمانية بلغراد من دون أية مقاومة تذكر. وحسب المسؤولين الألمان، وضعت القيادة العسكرية الألمانية خططا لتطويق بلغراد واحتلالها متوقعة حينها سقوط ما لا يقل عن ألف قتيل من الجنود الألمان.

عقب هذه الخدعة التي أسفرت عن سقوط بلغراد، نال فريتز كلينغنبرغ وسام الفارس الصليبي الحديدي كتكريم له. وخلال العام 1944، قتل كلينغنبرغ، وهو في 32 من العمر، عقب إصابته بقذيفة دبابة أثناء إحدى المعارك ضد الأميركيين.