أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه موقف مملكة البحرين تجاه القضايا الإقليمية والدولية الراهنة وأهمية التنسيق والتعاون العربي الثنائي والجماعي وبخاصة في ظل الاتفاقيات والمعاهدات التي تأتي في إطار جامعة الدول العربية وميثاقها وإعادة التضامن لمواجهة التحديات والأزمات التي تحاصر الوطن العربي والتدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية.

جاء ذلك في الكلمة التي وجهها جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه إلى القمة العربية في دورتها الحادية والثلاثين التي تستضيفها الجمهوريةُ الجزائرية الديمقراطية الشعبية، والتي ألقاها سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة الممثل الخاص لجلالة الملك المعظم لدى تؤس سموه وفد مملكة البحرين المشارك في أعمال القمة العربية، هذا نصها:

فخامة الرئيس عبدالمجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة، أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، معالي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكرام ،،، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، يشرفني أن أنقل إليكم تحيات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم، وتمنيات جلالته حفظه الله ورعاه بنجاح القمة، معبرا عن اعتزازي بالمشاركة ممثلا لجلالته في أعمال هذه القمة، التي تمثل منعطفًا في مسيرة العمل العربي المشترك، وسبيلاً لإعادة التضامن، تحقيقًا لآمال وتطلعات دولنا العربية وشعوبها الشقيقة.



ويشرفني يا فخامة الرئيس أن ألقي الكلمة الموجهة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى هذه القمة .

بسم الله الرحمن الرحيم

يسرنا أن نتقدم لأخينا فخامة الرئيس عبدالمجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة، بخالص التهنئة على تسلمه رئاسة القمة العربية في دورتها الاعتيادية الحادية والثلاثين، متمنين لفخامته كل التوفيق في قيادة مسيرة العمل العربي المشترك في الفترة المقبلة لما يعزز مصالحنا المشتركة ويخدم قضايانا العربية العادلة.

كما نعرب عن أخلص التهاني للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وشعبها الشقيق بمناسبة حلول ذكرى اليوم الوطني، مقدرين لفخامة الرئيس عبد المجيد تبون وحكومته الموقرة الدعوة لانعقاد القمة واستضافة أعمالها، ولما بذله من جهود وما قام به من اتصالات لضمان انعقادها.

ونعبر عن الشكر إلى الجمهورية التونسية الشقيقة بقيادة فخامة الرئيس قيس سعيد، على إسهاماتها الطيبة في تعزيز العمل العربي المشترك، وإدارتها الحكيمة للقمة الثلاثين "قمة العزم والتضامن".

والشكر والتقدير موصول لمعالي أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية وجهاز الأمانة العامة للجامعة لجهودهم في الإعداد والتحضير للقمة والعمل على نجاح أعمالها في مجالاتها المختلفة.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ،،، يأتي اجتماع اليوم تأكيدا لإدراكنا التام بما يحيط بدولنا وشعوبنا من مخاطر وتحديات تهدد أمننا القومي وتعطل عملنا المشترك، تستوجب سرعة العمل للوصول بالتنسيق والتعاون العربي العربي الثنائي والجماعي لأعلى مستوياته وذلك في ظل الاتفاقيات والمعاهدات التي تؤطرها جامعتنا العربية وميثاقها، لمواجهة التحديات المشتركة، والأزمات والظروف التي تحاصر وطننا العربي الكبير والصراعات السياسية والعسكرية التي تعاني منها بعض دولنا العربية ، وما تشهده من تدخلات خارجية في شؤونها الداخلية. كما أن مشكلات الغذاء والطاقة والمياه وانتشار الأوبئة والأمن السيبراني من التحديات التي تهدد الأمن الوطني والقومي في وطننا العربي. كل ذلك يفرض علينا جميعا ضرورة توحيد الصف والتضامن.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ،،،

إن حل القضية الفلسطينية من أهم المطالب والأهداف التي تعمل من أجلها مملكة البحرين باعتبارها القضية المركزية والتي لن يتحقق السلام الشامل والعادل في المنطقة ، ولن نضمن أمنها واستقرارها ونموها إلا بحل هذه القضية العادلة بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، على أساس مبدأ حل الدولتين ، ومبادرة السلام العربية ، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وفي هذا السياق، فإنه من الواجب الإشادة بجهود الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة لاستضافتها ورعايتها لاجتماع الفصائل الفلسطينية، الذي أسفر عن وثيقة "إعلان الجزائر"، آملين أن يحقق هذا الإنجاز وحدة الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله العادل على الأصعدة كافة لنيل حقوقه المشروعة.

وفيما يخص الأزمات الأخرى، فإن عدم الالتزام بأسس ومباديء حسن الجوار واحترام سيادة الدول، والإصرار والتمادي في التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية، فإن ذلك من التحديات التي ينبغي التنسيق والعمل على حلها من خلال الحوار الوطني ما بين الأطراف ذات العلاقة على أساس مبادئ ُحسن الجوار، وسيادة الدول واستقرارها وسلامتها الإقليمية. وفي الإطار ذاته ، تجدد مملكة البحرين دعمها لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في السيادة على الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، وإدانتها لاستمرار إيران في احتلالها لهذه الجزر ، وعلى ضرورة استجابتها لمساعي دولة الإمارات العربية المتحدة لحل هذه القضية، عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

كما تثمن مملكة البحرين الجهود المخلصة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية الشقيقة من أجل إعادة الأمن والاستقرار والتنمية في الجمهورية اليمنية، وتعرب المملكة عن دعمها الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، ومساندتها لجهود الأمم المتحدة من أجل التوصل الى حل سياسي للأزمة اليمنية وفق المرجعيات الدولية المعتمدة، بما يحقق تطلعات الشعب اليمني الشقيق في الأمن والسلم والازدهار.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ،،،

تشاطر مملكة البحرين دول المنطقة والمجتمع الدولي القلق إزاء تصاعد الصراعات الإقليمية والدولية في ظل التهديد باستخدام الأسلحة النووية، وتجدد موقفها إزاء خطر امتلاك هذه الأسلحة، ودعوتها للمجتمع الدولي لإخلاء المنطقة منها، ومن غيرها من أسلحة الدمار الشامل، وتدعو إلى احترام سيادة الدول، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها، كما تدعو إلى وقف أعمال القرصنة البحرية، حمايةً للملاحة الدولية وتأمين إمدادات النفط وسبل التجارة العالمية، وصيانة المصالح المشتركة للدول والشعوب والتزاما بالمواثيق والقوانين والمعاهدات الدولية.

ومن القضايا المصيرية التي باتت أكثر ارتباطا بأمننا القومي ومن أهم متطلبات نجاح واستدامة مسارنا التنموي، تحقيق الأمن الغذائي العربي، والاكتفاء الذاتي، وذلك بالاستثمار الأمثل لمواردنا الطبيعية ومصادرنا الذاتية وتنمية قدراتنا، وصولاً للتكامل بين الدول العربية التي تمتلك من الإمكانيات ما يؤهلها لبلوغ هذه الأهداف، ويمكنها من التكيف مع التغيرات البيئية والمناخية التي طرأت على عالمنا، وما يشهده من نزاعات وتغيرات اقتصادية وسياسية واستراتيجية. ويرتبط الأمن المائي ارتباطا وثيقًا بالأمن الغذائي، مما يجعل من قضية المياه في الوطن العربي قضية استراتيجية تستوجب تكثيف الجهود بشأنها. وفي هذا السياق، نجدد مساندة مملكة البحرين للحقوق التاريخية لجمهورية مصر العربية وجمهورية السودان الشقيقتين في مياه نهر النيل، وضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الأثيوبي يحفظ حقوق جميع الأطراف. مؤكدين أيضًا على أهمية التعاون المشترك في حماية البيئة والحد من التغيـرات المناخية، في ضوء تأييدنا لمبادرتي: "السعودية الخضراء"، و"الشرق الأوسط الأخضر"، متمنين النجاح لجمهورية مصر العربية الشقيقة في استضافِة ورئاسة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (كوب 27)، ولدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في استضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر ( كوب 28) العام المقبل.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ،،،

إن جدول أعمال قمتنا يتضمن البنود والقضايا التي تشمل وتغطي مختلف قضايا العمل العربي المشترك في شتى مجالاته، ونتطلع بكل تفاؤل أن تكون هذه القمة قمة إنجاز على مختلف الأصعدة ، وذلك بالخروج بقرارات تسهم في تعزيز مسارات عملنا الجماعي، ونتائج تلبي تطلعات دولنا وشعوبنا العربية جميعا، وأن تكون قمة التنسيق والتعاون والتكامل وذلك من خلال:

- تعزيز دور جامعة الدول العربية وتمكينها من أداء دورها القومي في تعميق التعاون العربي وتدعيم الروابط بين الدول العربية ومواجهة التحديات الكبرى التي تهددها.

- اعتماد التحرك والنهج الجماعي إزاء القضايا والأزمات الإقليمية والدولية والتعامل مع مختلف التحديات والمخاطر التي تواجه الدول العربية في ظل ما يجمعنا من أواصر ووحدة المصير.

- التمسك والتوافق على دور عربي يساعد في التوصل لتسوية لأزمات المنطقة، وتقوم على الحوار الوطني والحل السياسي واحترام خصوصيات الدول والمجتمعات وعدم السماح بالتدخلات الخارجية باعتبار ذلك السبيل الأمثل لحل الصراعات واحتواء الخلافات وإنهاء معاناة الشعوب.

- تعميق الشراكة الدولية والحوارات الاستراتيجية مع المجموعات والمنظمات الإقليمية والدولية، والبناء على ما تحقق من مكتسبات في الحوارات العربية الأوروبية والأفريقية والأمريكية الجنوبية، ونجاح "قمة جدة للأمن والتنمية"، معربين عن ترحيب مملكة البحرين باستضافة المملكة العربية السعودية الشقيقة للقمة العربية الصينية في ديسمبر المقبل، متمنين لها التوفيق والنجاح.

- تنمية التجارة فيما بين الدول العربية لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي، وتعزيز مكانتها بين دول العالم.

- العمل على بلورة استراتيجية متكاملة للأمن الغذائي العربي لما تمثله هذه القضية من أهمية متقدمة في أجندة حاضر ومستقبل العمل العربي.

- التعاون في قطاعات التربية والتعليم والبحث العلمي في ضوء "وثيقة تطوير التعليم في العالم العربي" التي تم إطلاقها في مملكة البحرين هذا العام .

وفي الختام ، نجدد شكرنا وتقديرنا إلى فخامة الرئيس عبدالمجيد تبون وللحكومة والشعب الجزائري الشقيق، سائلين المولى عز وجل أن يوفقنا جميعا لما فيه خيـر وصالح أمتنا العربية، وضمان أمنها وتقدمها وازدهارها في المجالات كافة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..