محمد الرشيدات

إن اختلاف الدول في تصنيفاتها العالمية التي يتم تقييمها من خلال بعض التقارير الصادرة عن المجلات المعتمدة دولياً تُكوّن صورة فعلية وشاملة عن ترتيبها وواقع قطاعاتها الحيوية عندما تصبح في مرمى الحديث عنها والاسترسال بتناولها، وما يُثارُ من فضول يعتري المهتمين في بلد ما، إمّا للإقامة داخله، أو الاستثمار فيه، وحتى زيارته، وهذا ما يُتيحُ الإلمام بكل جانب من جوانب الحياة المختلفة التي يتميّز بها عن غيره من البلدان من جهة، وفي ما يتعلّق بقلّة إمكاناته في جزئية معيّنة من جهة أخرى.

هذا التقرير السنوي يستعرض القدرة التنافسية للمراكز المالية العالمية حتى نهاية مارس من العام الحالي، كانت قد طرحته مجلة CEOWORLD مؤخّراً استناداً إلى مؤشّر المراكز المالية الدولية، الذي أوضح احتلال لندن المرتبة الأولى كأكثر المراكز المالية جاذبية في العالم لعام 2024 برصيدٍ نُقطي بلغ 960 نقطة، لتتبعهما نيويورك وسنغافورة في المركزين الثاني والثالث على التوالي، ومن ثَمَّ هونج كونج رابعاً، وأمستردام خامساً، تليهما باقي الدول حسب الحصيلة النقطية التي نالتها، وذلك بالاعتماد على معايير معيّنة.



عربياً، جاءت المنامة خامسةً برصيد 725 من النقاط والمرتبة الـ84 عالمياً، خلف دبي التي جاءت الأولى عربياً بـ922 نقطة والـ12 عالمياً، وأبو ظبي الثانية بـ905 عربياً والـ20 عالمياً، ومن بعدها مدينة الدار البيضاء ثالثاً في الترتيب العربي برصيد 806 نقطة و الـ52 دولياً، لتأتي العاصمة القطرية الدوحة رابعاً بـ767 نقطة وباحتلال المرتبة الـ68 عالمياً.

وإذا ما نظرنا إلى تلك العوامل التي تفصل بين المدن الكبرى الصاخبة والمراكز المالية الدولية، نجد أن مؤشّر المراكز المالية الدولية استند في تصنيفه لـ115 مركزاً مالياً من أصل 900 مدينة، إلى مجموعة من التقييمات وُضِعت في استبيان كانت حصيلته عدد كبير من البيانات التي تم جمعها من أكثر من 220 ألفاً من المتخصصين في الخدمات المالية والمصرفيين العالميين ممن فاضت عقولهم بأجوبة جاءت على ذكر أبرز المواصفات التي تُظهِرُ القدرة التنافسية التي يجب أن تتصفَ بها المراكز المالية العالمية، بالإضافة إلى أكثر من 50 عاملاً في 7 مجالات واسعة، تحرص على وجودها المنظمات الدولية الرسمية، كمثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والبنك الدولي، ووحدة الاستخبارات الاقتصادية، تتمحور في مجملها حول بيئة الأعمال، وحجم الأنشطة المالية، ومقدار رأس المال في السوق، ناهيك عن توافر رأس المال البشري، ووجود قاعدة رصينة للأعمال، والسمعة التي يتمتّع بها المركز المالي للدولة إقليمياً ودولياً، وصولاً إلى إدارة الثروات الدولية.

ولطالما تم تعريف المركز المالي على أنه مكان يتركّز فيه المشاركون في القطاعات المالية المختلفة، كالبنوك والشركات التجارية وأسواق الأوراق المالية وغيرها من المؤسسات، في منطقة واحدة، فهو من الواجب أن يتميّز ببنية تحتية متينة، وبيئات تنظيمية وسياسية مستقرة، وقواعد ضريبية جذّابة، فضلاً عن توافر فرص متنوعة للمساعدة في نمو التجارة والأعمال داخل أروقة مجمّعاته الممتدة.