محمد الرشيدات


البحرين تمتلك رصيداً وافراً في دعم القطاع..

سياسات الحكومة مرنة في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة


القطاع نجح في توظيف ٪75 من الأيدي العاملة البحرينية

نطالب بتعيين مسار البوصلة الاقتصادية نحو تحقيق الأهداف المنشودة


أكّد رئيس مجلس إدارة جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة د. عبدالحسن الديري، أن استراتيجية الحكومة ممثلة بمجلس التنمية الاقتصادية وتحت مظلة وزارة الصناعة والتجارة، أعدت خطة طموحة للارتقاء بمساهمة قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتفوق 35% من الناتج المحلي الإجمالي على المدى القصير، وزيادتها لتصل إلى 40% في المستقبل القريب.

وأضاف في لقاء خاص مع «الوطن»، أنّ البحرين تمتلك رصيداً وافراً في دعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والذي يمتد لأكثر من ربع قرن، مثله كمثل باقي القطاعات الخدمية التي تفخر المملكة بأنها من أوائل الدول التي نهضت بها كمجال التعليم والسياحة والصحة وغيرها الكثير.

وأشار الديري وبعودة حديثه عن قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال في البحرين، إلى العديد من البرامج الحكومية الداعمة له، والتي لها قصب السبق على هذا الصعيد، لتصبح نموذجاً يُحتذى في المنطقة والعالم أجمع، لما تمتلكه من خبرات واستراتيجيات عديدة ناهضة، أوردت خططاً بالجملة حاكت مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لتستفيد منها عدد من دول الخليج والعالم العربي برمّته .

ولفت إلى أن الجهود الحكومية مستمرة ومتميزة، ولا تعترف بالاكتفاء من الإبحار في هذا المجال والزج بالإمكانات اللوجستية والفنية والبشرية للنهوض به، خصوصاً مع التغييرات الاقتصادية التي يمر بها العالم بين الفينة والأخرى، وتحديداً في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يتطلب جهداً مضاعفاً للتعامل معه والاستفادة من دروسه.

وحول السياسات الحكومية المتّبعة في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أفاد الديري بأنها مرنة وتتجاوب مع متطلبات اللحظة، ولعل تلك السياسات التي وضعتها الحكومة خلال جائحة كورونا خير دليل لتفادي الانتكاسات التي كانت لتطال القطاع الاقتصادي لولا التدارك الرسمي لمخاطرها وإيجاد حلول وبدائل حالت دون إركاسٍ حتمي للمجال الاقتصادي وتثبيط نشاطه وحيويته، وأبقى على رونق ممارسة الأعمال وضمن استمراريتها عبر دعم حكومي سخي أنقذ الموقف، ووقف جنبا إلى جنب مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب باقي القطاعات والذي يشهد به أصحاب الأعمال أنفسهم .

وعن أبرز القوانين المؤطرة لآلية عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أشاد بما أقدمت عليه الحكومة بتقديم ما نسبته 20% من المناقصات الحكومية يتم تخصيصه لدعم تلك المؤسسات أي ما قيمته 200 مليون دينار سنوياً، إلى جانب إضافة 10% من المناقصات الخدمية للنهوض بهذا القطاع، وهو ما وضع الكرة في ملعب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للاستفادة من تلك المخصصات وتوظيفها التوظيف الأمثل، إضافة إلى ما يقدّمه صندوق العمل «تمكين» من خدمات تمويلية وغير تمويلية بالتعاون مع 9 بنوك تجارية لدعم القروض، ودفع 50% من قيمة الأرباح لتلك البنوك من جانب تمكين مقابل القروض المقدّمة من قبلها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 4%، ناهيك عن زيادة في عدد البنوك التنموية منذ العام 1990 وحتى اللحظة، ومن أبرزها بنك الأسرة، وبنك الإبداع التي توجّه خدماتها للمؤسسات الصغرى ومتناهية الصغر بقروض تصل قيمتها 7 آلاف دينار قابلة للزيادة لتنمية تلك المؤسسات وتوسيع نطاق عملها.

الديري جاء على ذكر فترة ما بعد التعافي من جائحة كورونا، وكيف تم النهوض بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، مشيراً إلى أن هذا القطاع يمثل 95% من مجموع المؤسسات العاملة في سوق العمل البحريني، والذي ينجح في توظيف أكثر من 75% من الأيدي العاملة البحرينية.

وأوضح أن مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ما يزال يولّد العديد من فرص العمل الجديدة بشكل مستمر، ولذلك، هو دائماً على رأس أولويات الحكومة التي وضعت هذه المؤسسات في قلب رؤية البحرين الاقتصادية 2030، باعتبارها الحصان الرابح للنهوض باقتصاد أي دولة حسب قوله.

وبيّن الديري، موقع البحرين الحقيقي على خارطة الدول الداعمة لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال الإشادات التي توضع في مقام المملكة وحضورها البارز والمؤثر في كبرى الفعاليات الخليجية والعربية والعالمية المتعلقة بهذا الحقل الاقتصادي الواسع، وهذا انعكاس لما يحظى به القطاع من دعم ومساندة ملكية من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظّم، وبتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء.

وعلى صعيد التقاربات التي تجمع الجمعيّة بمؤسسات المجتمع المدني المختلفة، وبغرفة تجارة وصناعة البحرين، أفاد الديري بأن اليد الواحدة لا تصفّق ولا يُسمَعُ لها صوتاً، مضيفاً بوجود فسيفساء اقتصادية في البحرين تجمع أطراف العمل كافّة، تتمثل بوجود 500 من منظمات المجتمع المدني في المملكة تعمل جنباً إلى جنب مع بعضها البعض ،في جو تجاري رحب يخلق ظاهرة فريدة من الانسجام فيما بينها، بالإضافة إلى وجود بيئة تمتزج فيها الألوان المتناغمة لطبيعة التفاهمات وتبادل الأفكار والخبرات بين ممثلي القطاعين العام والخاص وعلى خط واحد مع تلك المنظمات، لتشكّل وحسب وصفه ثلاثيّة منمّقة وطيفا بحرينياً واحداً يستمد وهجه من علاقة تكاملية تقود نحو هدف سامٍ ألا وهو ازدهار المملكة ونمائها.

وفي معرض ردّه على سؤال حول أبرز القطاعات الناشطة في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تشغل الحيز الوافي من هذا القطاع، بيّن بأن مجالات التكنولوجيا والأغذية والتعليم والتدريب والمجال العقاري والمالي هي التي تحظى بالنصيب الأكبر إلى جانب قطاعات النفط والغاز و البيتروكيماويات والألمنيوم وغيرها من المجالات التي لا تقلّ أهمية عما ذُكِر.

وركّز على سبيل الحصر، على أهمية مجال الأغذية لكونه المحرّك لباقي المجالات، والذي يقود نحو اكتفاء ذاتي، مشيداً بالجهود التي تبذلها صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، وتبنيها للعديد من المبادرات في هذا الخصوص، ولعل من أبرزها «المبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي» لتتشارك في تنفيذها جميع الجهات المعنية في المملكة، لتفادي أي تحولات عالمية، وضمان حصول أمن غذائي بعيد المدى لا يلتفت لمجمل التحديات، خصوصاً كتلك التي يشهدها العالم حالياً والمتمثّل باستهداف ميليشيا الحوثي للسفن التجارية المارّة بالبحر الأحمر، وما ترتّب عليه من ارتفاع في تكاليف البضائع الغذائية وغير الغذائية.

وفيما يتعلّق بأبرز العقبات التي قد تعترض طريق عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أوضح الديري، بأن هناك سلسلة من المعيقات التي تعمل الحكومة وبخط متوازٍ مع القطاع الخاص لكبح جماحها ، وفي مقدمتها تصدير المنتج البحريني والتسويق له بشكل واسع، وتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة التي تشكّل ما قيمته 70% من إجمالي السلع الموجودة في السوق المحلّي، مشدداً على ضرورة استغلال الصناعات التحويلية كالألمنيوم والبلاستيك والنحاس في التصنيع.

ولم يُخف رئيس مجلس إدارة جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تفاؤله من وراء العائد الآتي من عمق المشاريع التنموية وأثره على تنمية جميع القطاعات الحيوية في المملكة.

وطالب بإعادة تموضع البوصلة الاقتصادية وتعيين مسارها نحو تحقيق الأهداف المنشودة لتكون صالحة لكل زمان ومكان، ولديها القدرة على مواجهة المشكلات الإقليمية والدولية التي تفرض ذاتها على حين غِرّة، بما يتواءم وتطلعات القيادة الحكيمة التي تؤمن بالريادة وعمق الإنجاز، وبضرورة تفعيل أوجه الشراكات الوطنية بقطبيها الحكومي والخاص.