محمد الرشيدات

في دفاعها المستمر ومنذ عقود عن القضية الفلسطينية ونصرتها لتنال كامل حقوقها، كانت وما انفكّت مملكة البحرين تنطلق في نشاط دائم وحراك سياسي ودبلوماسي مستمر مع الدول الشقيقة والصديقة للوصول إلى حل عادل وشامل لقضية العرب المركزية الأولى، ونجدة شعبها وجلب حقوقه المشروعة، فلطالما تبنت البحرين مواقف وطنية وقومية راسخة لدعم القضية الفلسطينية التي لا يدخر حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم أي جهد للدفاع عن الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة كاملة والوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

التي بالأصل ينعدم الاعتراف بها في قاموس العدوان الإسرائيلي، ضارباً بالقوانين والأعراف الدولية والإنسانية عُرضَ الحائط، مخلّفاً حروباً وأزمات وكوارث بشرية ترسمها آلته العسكرية المدمّرة، التي تزيد الوضع تفاقماً وحِدّة، بحصدها آلاف الأرواح يومياً منذ إعلان استباحته لمحيط أصحاب الحق والأرض، أي قبل ما يزيد على 76 عاماً، عندما حصلت النكبة الأولى لتبدأ أولى العناوين في حكاية الفصل العنصري التي كتبتها وما برحت ترويها إسرائيل بجرأة وعدم اكتراثٍ أمام الرأي العام العالمي، متماديةً باتباع سياسات أُحادية الجانب تتبنى تقليص وجود الأصليين من الفلسطينيين على أراضيهم وحصر مناطقهم وتحجيمها، فضلاً عن تهجيرهم وجعلهم نازحين لا يستقر بهم الحال على بقعة من محيطهم الداخلي.



البحرين ومن عمق مساعيها الإقليمية والدولية الدؤوبة، تتحرّك ضمن مواقف وطنية وقومية ثابتة وراسخة لمؤازرة القضايا العربية وبذل ما أمكن من الجهود في سبيل الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلام في الدول العربية جميعها، وتعزيز التضامن العربي في مواجهة مختلف التحديات، وتوحيد المواقف الخليجية والعربية ومواصلة جهود التنسيق على قدم وساق.

ولطالما سعت المنامة وطوال سنوات خلت إلى تحقيق الحلم العربي الذي طال انتظاره، والمتمثّل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لحل الدولتين على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وضمن بنود المبادرة العربية وقرارات الشرعية الدولية، وإبطال استمرار حدوث الظروف الإنسانية الصعبة التي يشهدها الشعب الفلسطيني ويمرُّ بها بين الحين والآخر، مناصرةً لحقه في السيادة والاستقلال ورفع الظلم عنه عن طريق تفعيل مبادرات التعاون العربي الموحّد والمفصّل على قدْر الملمات والأوضاع الطارئة والظروف الصعبة التي يعيشها الأشقاء في الأراضي المحتلة.

تمسّك السياسة البحرينية بمبادئ الحوار والنهج السلمي والحضاري كسبيل وحيد لتسوية النزاعات وتوفير فرص الأمن والنماء والازدهار لشعوب المنطقة كافة، ليقابله في ذات الإطار رأي يشدد على حتمية أن ينال الشعب الفلسطيني وعلى وجه الخصوص حقه المنطقي في العيش الكريم وتحديد مصيره ضمن معالم دولة مستقلة كاملة السيادة لها شأنها الداخلي الخاص، متكاملة الأركان، يتمكّن مواطنوها من تذوق طعم السلام والأمن، دون فرض سيطرة عليه، واستهداف آماله وطموحاته المشروعة، وهذا ما تؤمن به المنامة إيماناً مطلقاً، ولا تدّخر أي جهد في سبيل عدم تفاقم الأوضاع في فلسطين، والحفاظ على المقدّسات الإسلامية في القدس الشريف كأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، إذ لا تهاون ولا تراجع في ذلك، فتجد أن المملكة قد طالبت المجتمع الدولي وبكل الوسائل على حثّ تل أبيب باحترام ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقرارات الأمم المتحدة ذات الشأن، وتحديداً قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016 المتعلق بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية الذي يستهدف وجود أهالي الضفة الغربية، فالبحرين تُدين وبشدّة وترفض الانتهاكات الإسرائيلية المستمرّة، المتمثّلة ببناء المستعمرات وتدمير ممتلكات الفلسطينيين وتهجيرهم قسراً من منازلهم وأراضيهم.

إنسانياً، ومع جميع الظروف الصعبة التي يمرُّ بها الفلسطينيون جرّاء الحروب الإسرائيلية التي تُشنُّ عليهم بين الفترة والثانية، وما يترتّب عليها من تبعات مؤلمة تزعزع أمن مأكلهم ومشربهم ومسكنهم، وتحصد العديد من الأرواح منهم وتنتج عنها إصابات بالجملة بين صفوف المدنيين، تهبّ المنامة وبتوجيهات ملكية سامية من لدن صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظّم لتقديم مساعدات عاجلة للشعب الفلسطيني ومدّ يد العون له، من باب ارتباطها العميق بقضايا الأمة العربية جمعاء، وبالقضية الفلسطينية خاصة.