مقالة رأي بقلم: سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى مملكة البحرين جاستين سيبيريل.

لقد أصدر وزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو الخميس في وزارة الخارجية الأمريكية تقرير العام 2018 حول الاتجار بالأشخاص، وهو المطبوعة السنوية التي توثق جهود 187 حكومة في مكافحة الاتجار بالأشخاص.

يُشكِّل الاتجار بالبشر، المعروف أيضاً بالاتجار بالأشخاص أو العبودية الحديثة، جريمة استغلال يُجبر فيها الشخص المُتاجر به على الخدمة في الدعارة أو العمل القسري أو كليهما عن طريق استخدام عدد من الممارسات القسرية أو الخداع لمنع ضحاياهم من التحدث عن وضعهم أو طلب المساعدة. وهناك ما يُقدّر بحوالي 25 مليون ضحية من ضحايا الاتجار بالبشر في جميع أنحاء العالم، محاصرين في صناعة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات تُضعف حكم القانون وتُقوي الشبكات الإجرامية.



وحصلت مملكة البحرين لأول مرة، على تصنيف Tier 1 في تقرير مكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص لعام 2018 وهي أول دولة من دول مجلس التعاون الخليجي تم الاعتراف بها بهذه الطريقة. ويستند هذا الترتيب إلى التدابير التي اتخذتها البحرين لمكافحة الاتجار بالأشخاص بما يتماشى مع المعايير المحددة في قانون حماية ضحايا الاتجار في الولايات المتحدة (TVPA).

ويحدد قانون حماية ضحايا الاتجار خطوات واضحة وقابلة للقياس وفعالة يمكن أن تتخذها الحكومة للتخفيف من احتمال أن يصبح الشخص ضحية للاتجار، من خلال ضمان مقاضاة المتاجرين، وحماية الضحايا، والوقاية من خلال تعزيز الوعي بالاتجار.

لقد تم الاعتراف بالبحرين لريادتها الواضحة والجريئة في هذه القضايا، والتي تعكس الالتزام بحماية العمال الضعفاء وضمان أن سوق العمل البحريني يساهم بشكل سليم وفعال في استراتيجية اقتصادية طموحة جعلت من البحرين أسرع نمو اقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي.

وفي عام 2015، افتتحت البحرين ملجأ معروفاً دولياً للعمال الضعفاء وضحايا الاتجار. وأُتيحت لي الفرصة مؤخراً لزيارة الملجأ، حيث التقيت مع الموظفين وعدد من العمال المغتربين الذين تلقوا الحماية والمساعدة من حكومة البحرين لحل القضايا العالقة.

وفي وقت سابق من هذا العام، أطلقت مملكة البحرين صندوق مساعدة ضحايا الاتجار من أجل تقديم المساعدة المالية إلى أي شخص يُعلن على أنه ضحية للاتجار من جانب النيابة العامة.

ويضمن هذا الصندوق، ألا يعاني ضحايا الاتجار من ضائقة مالية بالإضافة إلى التجربة الصادمة التي تعرضوا لها بالفعل على أيدي المتاجرين بهم. كما قامت مملكة البحرين بتحسين التنسيق بين المؤسسات الحكومية من خلال تطبيق آلية الإحالة الوطنية لتحديد وضع ضحايا الاتجار بالأشخاص بما يتماشى مع التزامها بالضحية والعامل والنهج الذي يركز على التصدي لجرائم الاتجار المحتملة. وبشكل حاسم، كسب الادعاء البحريني عدة قضايا متعلقة بالاتجار واستطاع الحصول على إدانات للمتاجرين.

وفي حفل إطلاق تقرير العام 2018 حول الاتجار بالأشخاص الخميس الماضي، قام الوزير بومبيو أيضاً بتكريم السيد أسامة العبسي لقيادته الاستثنائية كرئيس للجنة الوطنية البحرينية لمكافحة الاتجار بالأشخاص (NCCTIP).

وتم تكريم أسامة العبسي، الذي يشغل أيضاً منصب الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل "LMRA"، باعتباره "بطلاً في مكافحة الاتجار بالأشخاص" - وهو واحد من 10 أفراد فقط تم الاعتراف بهم بهذه الطريقة على مستوى العالم.

وخلال فترة تولي العبسي منصب رئيس مجلس إدارة اللجنة الوطنية البحرينية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، تقدمت البحرين في برنامجها الإصلاحي وتعاونت على نطاق واسع مع كل من مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، وكذلك مع المنظمة الدولية للهجرة لتطوير مؤسسات وممارسات جديدة للتعامل مع أضعف أعضاء المجتمع.

وتتحمل الحكومات الوطنية المسؤولية الأساسية في مكافحة الاتجار بالبشر، لكنها لا تستطيع أن تفعل ذلك بمفردها. هذا العام، يسلط تقرير الاتجار بالأشخاص للعام 2018 الضوء على أهمية المجتمعات المحلية في حماية الأماكن التي يسمونها منازلهم من التأثيرات الخبيثة للاتجار بالأشخاص. هذا يشجع الحكومات الوطنية على دعم وتمكين أولئك الناس الأقرب من المشكلة فيما يواجهون تحديات وعواقب العبودية الحديثة.

يمكن أن تأتي القوة الدافعة للعمل المجتمعي من عدد من المصادر- مسؤول محلي معني، أو منظمة غير حكومية تدق ناقوس الخطر، أو مسؤولي تطبيق القانون الذين يحققون في الجريمة، أو شخص يريد ببساطة أن يكون جزءاً من الحل. وبعد الحصول على الدعم، هناك العديد من الخطوات المهمة التي يستطيع المجتمع اتخاذها لتعزيز استجابته.

أولاً، من المهم أن تقوم المجتمعات المحلية ببناء شراكات متعددة مع الأطراف المعنية على جميع المستويات الحكومية من المستوى الوطني إلى المستوى المحلي وبين مسؤولي تطبيق القانون ومقدمي الخدمات والناجين من الاتجار بالأشخاص وغيرهم من الجهات الفاعلة الرئيسة في المجتمع. وقد يكون إنشاء فريق عمل من أفضل الطرق لضمان التنسيق بين الجوانب العديدة لاستراتيجية شاملة لمكافحة الاتجار بالأشخاص.

ثانياً، بإمكان المجتمعات وبدعم من حكوماتها الوطنية إجراء دراسة تقييمية للمساعدة في فهم أفضل لمن هم الأكثر تعرضاً للاتجار بالأشخاص، وما هي الخدمات الموجودة حالياً، وما هي الثغرات التي يجب معالجتها.

ثالثاً، تعتبر الجهود الهادفة إلى تدريب وتوعية أولئك الذين قد يتعاملون مع ضحايا الاتجار بالأشخاص أموراً بالغة الأهمية بالنسبة للاستجابة المحلية. ينبغي تدريب المهنيين، وخاصة أولئك المحتمل أن يتفاعلوا مع الضحايا مثل الأطباء والمعلمين والمسؤولين القضائيين ومسؤولي تطبيق القانون وأصحاب شركات الأعمال، على التعرف على مؤشرات الاتجار بالأشخاص ومعرفة كيفية طلب المساعدة.

علاوة على ذلك، فإن المنظمات المجتمعية مثل منظمة الدفاع عن النساء المهاجرات والمجموعات الدينية، هي في وضع يتيح لها رفع مستوى الوعي بين أعضائها، الذين غالباً ما يكونون عيون وآذان مجتمعاتهم المحلية.

رابعاً، تستطيع المجتمعات تطوير العمليات والبروتوكولات التي تضمن التعرف على الضحايا بشكل استباقي وتقديم الرعاية الطارئة القصيرة الشاملة والطويلة الأجل.

وبإمكان هذا البروتوكول المساعدة في الاستفادة من الموارد والخبرات، ووضع معايير للنهج الذي يركز على الضحية ويستند إلى معرفة تأثير الصدمة، وأن يكون قناة لتبادل المعلومات.

وفي نهاية المطاف، تتحدث رسالة تقرير هذا العام عن قوة المعرفة المحلية وصلابة الروابط المجتمعية. العبودية الحديثة حقيقة في كل منطقة وبلد من العالم و لكن يمكننا جميعاً إيجاد طرق للمساهمة في الحل. ومن خلال القيام بذلك، يمكننا جميعاً أن نتخذ خطوات لوضع حد لجريمة الاتجار بالأشخاص.

إن حكومة الولايات المتحدة تدعم بشدة الجهود الجارية في البحرين لمعالجة ضعف العمال ومكافحة الاتجار بالأشخاص. بالنيابة عن حكومتي، أعرب عن تقديري لقيادة حكومة مملكة البحرين بشأن هذه القضايا الحيوية وأتطلع إلى تعميق شراكتنا في الأشهر والسنوات القادمة.