حاورها - جعفر الديري:

تؤكد الأستاذة الجامعية الشاعرة الكويتية د.نورة المليفي، أن المشهد الثقافي في الكويت شبابي بامتياز، إلا أن المبدعين منهم نادرون، "فما نشاهده اليوم ليس أكثر من مقلدين يدعون الموهبة".



وترى د.المليفي أن شباب الكويت يفتقر للصبر في زمن العولمة، فرغم أن بالكويت ناديا لرعاية المبدعين الشباب تابع لرابطة الأدباء، إلا أن المبدعين الحقيقيين، يبدون عملة نادرة.

جاء ذلك خلال لقاء معها على هامش إحيائها أمسية في أسرة الأدباء والكتاب، احتفاء بتكريم الأمم المتحدة لصاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بلقب "قائد للعمل الإنساني".

وتعتب الشاعرة على الصحافة الكويتية رعايتها غير ذوي الموهبة، وإبرازهم على حساب غيرهم من أصحاب المواهب، "حيث يسرق المتطفلون الفرص والأضواء عنهم".

وفي الوقت الذي تؤكد فيه د.المليفي دور الصحافة الثقافية في الكويت، تشير إلى افتقارها لنقاد متخصصين.

وهي لا تجد بأسا في القول إن شعر النثر أشدُّ صعوبة من القصيدة العمودية، مشيرة من جانب آخر إلى أنها كتبت كتابها النقدي "محاور التجربة في الشعر والنثر.. لك وحدك"، تحية لسيدة عظيمة هي الشاعرة د.سعاد الصباح، التي تعدُّها القامة الثقافية الأولى في الخليج. فإلى الحوار التالي:

* كيف هو المشهد الثقافي اليوم في الشقيقة الكويت؟

- المشهد الثقافي في الكويت، هذا اليوم يختلف عما كان عليه بالأمس. فاستجابة لتوصيات سيدي صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حيث قال "إني أرى بعيوني شباب المستقبل"، يبدو المشهد شبابيا.

غير أن شباب اليوم لم يعودوا كالسابق. فنحن في زمن العولمة والسرعة، فهم يفتقرون للصبر. بالأمس كان الشاعر يستهلك سنين وأياما حتَّى يطبع له ديوان شعر، أما اليوم فيكفيه أن يكتب قصيدة أو ثلاث، ليقرر أن يصدر ديوانا.

هذا الأمر ليس في صالح المبدعين. خصوصا وأن الموافقة على طباعة الكتب، تمضي بسهولة. فلا يسأل عن تاريخ صاحبها الشعري. فطالما أن لديه المال، والموافقة على النشر، يتحوَّل إلى شاعر، أو قاص أو كاتب رواية أو مسرح.

لذا نحن بحاجة ماسة لتوعية شبابنا أن الأدب ليس للترف والمظاهر. فالحاصل أن هناك العديد منهم يودُّون أن يعرفوا كشعراء، حتَّى عن طريق كتابة النثر، معتقدين أن شعر النثر يؤهلهم لذلك، فهو برأيهم خلو من الوزن والقافية. بينما هو واقعا، أصعب من الشعر العمودي، فالقافية تخدمني في نظم البيت، كذلك التفعيلة، والموسيقى، بينما شعر النثر الخلو من كل ذلك، يجهدني في التصوير والخيال المبدع.

مساهمة واضحة للمرأة

* وما نصيب المرأة الكويتية في هذا المشهد؟

- المرأة الكويتية اليوم تساهم بفعالية. لقد نالت فرصتها في عدّة مجالات، في النيابة، والصحة، وغيرها من مواقع التميز. وفي الثقافة والأدب أيضا، إذ حققت الكثير في الشعر، القصة، الرواية، في الرسم بما فيه الكاريكاتير، في الفن التشكيلي، إلاَّ أنها لم تمارس النحت، وهذا شأن الذكور أيضا، فالنحاتون الكويتيون يعدَّون على الأصابع. منهم أخي الذي يعدُّ أول كويتي ينال درجة الدكتوراه في النحت.

في الكويت أيضا نادي المبدعين الشباب، التابع لرابطة الأدباء الكويتيين، برئاسة سالم الرميضي، يقدم ندوات أسبوعية، ويهدف لرعاية مواهب الشباب بالاهتمام والتوجيه.

الشهرة وليس الإبداع

* أنت أستاذة جامعية ألم تلحظي موهبة تعد بالكثير؟

- لم أجد خلال تدريسي الجامعي مواهب حقيقية. فالمبدع الحقيقي أصبح عملة نادرة. وما نشاهده للأسف لا يعدو كونه تقليدا لا أكثر. فتجد أحدهم يشاهد تمثيلية فيها أديب، فيقرر أن يصبح أديبا. طبعا هذا لا ينفي وجود موهوبين يستحقون الظهور، لكن هناك من يرغب في الشهرة لا أكثر. وهذي النوعية تؤثر على الأدباء الحقيقيين، فهم يتطفلون عليهم ويتقمصون شخصياتهم، ويلبسون لباسا غير لباسهم. ويظهرون بشكل كبير للأسف.

صحافتنا تنشر للجميع

* وما موضع صحافتكم الثقافية؟ هل تؤدي واجبها كاملا في خدمة المبدعين والمثقفين؟

- من الإنصاف القول إن صحافتنا الثقافية تخدمنا، غير أنها تفتقر إلى وجود النقاد. والمشكلة الأكبر أن كثيرين ممن يكتبون في المجال الثقافي، غير متخصصين في اللغة عربية. وهي تُصدِّق كلَّ من يطرق بابها ويدَّعي أنه شاعر، فتنشر له وتجري معه لقاء، خصوصا بوجود المعارف والأصحاب.

وما يؤلمني في الكويت أنه من السهل نيل لقب الشاعر، تجد أحدهم يكتب حرفين ويعتبر نفسه شاعرا. وذلك على عكس الدول العربية، التي ينشر فيها الشاعر عدة دواوين حتى يحظى بالقبول. لذا أنا أخشى على هؤلاء الشباب الموهوبين ألا يجدوا فرصتهم كما وجدها غيرهم من غير الموهوبين، من الذين ينشرون كتابا واحد ويظهرون كأنَّهم شعراء.

سعاد الصباح سيدة الحرف العربي

* كتابك "محاور التجربة في الشعر والنثر.. لك وحدك"، جاء عن تجربة الشاعرة د.سعاد الصباح.. لماذا اخترت تجربتها بالذات؟

- هذا الكتاب تحية لامرأة عظيمة، أعتبرها القامة الثقافية الأولى في الخليج. لقد أتيحت لها فرصة لم تتح لغيرها من نساء الخليج، فظهر نجمها وقت كان ممنوعا فيه على المرأة الخليجية مخالطة الرجال وقول الشعر. وقد ذكرت في إهدائي هذا الكتاب: "إلى امرأة هزَّت العالم بحنانها، بأنوثتها، بكبريائها. إلى سيدة الحرف العربي الشاعرة سعاد الصباح".