أكد المستشار المساعد بهيئة التشريع والرأي القانوني طلال الكعبي على ضرورة وجود قاضٍ متخصص في المجال الرياضي نظراً للانتشار المهول والتطور الكبير الذي تشهده الرياضة بكافة أنواعها، وقال إنه في ظل عدم وجود آلية قانونية معترف بها لحل النزاعات الرياضية، فستكون النتيجة الحتمية هي لجوء الرياضيين إلى المحاكم العادية، مشدداً على الحاجة الملحة لوجود نظام للفصل بين الأطراف المتنازعة في مجال الرياضة بعد أن أصبحت من المساهمين البارزين في بناء الاقتصاد.

جاء ذلك عبر محاضرة نظمتها هيئة التشريع والرأي القانوني بعنوان «الجريمة الرياضية في القوانين المقارنة»، حيث أوضح الكعبي ضرورة وجود قاضٍ متخصص في المجال الرياضي، ولاسيما في ظل الانتشار المهول والتطور الكبير الذي تشهده الرياضة بكافة أنواعها، حيث أصبحت المساهم الأكبر في بناء الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل ومكافحة البطالة، ودعم السياحة والتجارة، وتشهد إقبالاً جماهيرياً كثيفاً لا يوجد في غيرها من الميادين.

وقال إن الميدان الرياضي اليوم يزخر بالكثير من الجوانب القانونية مثل صياغة وتفسير اللوائح التنظيمية المتعلقة بالهيئات الرياضية والنوادي الرياضية والحكام وملاك الأندية والمحاكم واللجان التأديبية وعقود انتقال اللاعبين وحماية حقوق الملكية الفكرية وحقوق نقل المباريات. وأكد أن القانون الرياضي ليس ببعيد عن القوانين الأخرى فهو يتداخل إلى حد كبير مع قانون العمل والمسؤولية العقدية وقانون المنافسة ومنع الاحتكار والمسؤولية التقصيرية، لافتاً إلى أن بعض الاتجاهات اعتبرت عقد لاعب كرة القدم «عقد مقاولة» يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآجر، وهو عقد رضائي غير شكلي وملزم للجانبين، وينفصل عن عقدين هما الايجار والعمل.



ونوه المستشار إلى أن أهم أهداف الرياضة هو تنشئة جيل سليم بسلوك سليم، ولا يتم ذلك إلا بضوابط تحكم هذه العلاقات في جميع المراحل وهذا لا يتم إلا بإجراءات قانونية تتناسب مع التوجهات المنشودة، وأضاف: من هنا كان التلازم بين القانون والرياضة أمراً مهماً، فعند غياب سلطة القانون من أي نشاط كان تصبح الساحة الرياضية في نوع من اللهو والفوضى الذي ينشأ من خلاله الانحراف والفساد المالي والإداري.

وعرف بالمحكمة الرياضية الدولية التي أنشئت سنة 1984 في سويسرا وتضم 300 محكم من 87 بلداً، لحل النزاعات الرياضية، لافتاً إلى أن اللجوء إلى هذه المحكمة أمراً اختيارياً مرتبطاً بإرادة طرفي النزاع حيث لا يمكن تقديم أي قضية أمامها إلا إذا كان هناك اتفاق بين الطرفين، وقال إن جميع الاتحادات الأولمبية الدولية واللجان الأولمبية الوطنية للدول اعترفت بالولاية القضائية للمحكمة في حل المنازعات، وتحظى قراراتها التحكيمية بقوة إنفاذ الأحكام ذاتها الصادرة عن المحاكم العادية، ويمكن الطعن في قراراتها لدى المحكمة العليا الفدرالية السويسرية.

أما على الصعيد الإقليمي فقد أنشئت أول محكمة لفض النزاعات الرياضية في العراق عام 2014 بهيئة شبه قضائية دولية متخصصة في النزاعات المتعلقة بالرياضة، وتعتبر سلطة متخصصة قادرة على البت في النزاعات الدولية من خلال آلية قضاء مرنة وغير مكلفة، وتحظى قرارتها التحكيمية باحترام المؤسسات الرياضية في العالم.

وحول مفهوم الجريمة الرياضية قال إن قانون العقوبات العراقي عرف الجريمة الرياضية على أنها «ارتكاب فعل جرمه القانون»، والقانون المصري على أنها «إتيان فعل معاقب عليه أو ترك فعل مأمور به أو معاقب على تركه بحد أو تعزير»، وأشار إلى أن الأفعال الرياضية لا يمكن حصرها بحسب طبيعة الحركات التي يؤديها الرياضي والتي قد يشوبها العنف مثل الملاكمة والكاراتيه او الالعاب القتالية بشكل عام، وتبرز الصعوبة من زاوية ارتكاب هذه الأفعال من غير الرياضي إذا ما اخذنا بعين الاعتبار الرأي القائل بأن للجماهير الرياضية نصيب في شمولهم بالأفعال أو السلوكيات التي قد تصل إلى درجة العدوانية وذلك أثناء اللعبة أو بسببها كما هو الحاصل في الميادين الرياضية الأمر الذي يحتاج فيه التشريع الرياضي إلى تحديد ضابط يميز هذا الفعل الرياضي عن غيره لإضفاء الصفة عليه تمهيداً لتجريمه.

وأوضح أن الافعال العدوانية المرتكبة من الجمهور بسبب وأثناء اللعبة تعتبر جريمة رياضية لكن في القانون العراقي تخلو النصوص من معالجة هذا الجانب من المشاكل القانونية، ورأي في القانون المصري الرأي الصائب بعدم اعتبار الافعال المضرة والسلبية الناجمة عن الجماهير أثناء أو بسبب اللعبة أفعال أو جرائم رياضية لسد الباب على المستفيد من حصانة الرياضة كظرف مخفف.

وتطرق إلى سلطة القاضي الرياضي في تكييف الجريمة الرياضية لافتاً إلى أن أغلب القوانين الدولية الحاكمة على الأفعال الرياضية تعاقب بالغرامة المالية أكثر من أي عقوبة أخرى مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الأفعال الجرمية واقعة في الميدان الرياضي.