سوسن فريدون

بقدر ما فرضت جائحة كورونا (كوفيد 19) من قيود وتحديات على العالم، إلا أنها خلقت فرصاً كما برز دور الذكاء الاصطناعي، لتتصدر التقنية والتكنولوجيا الحديثة المشهد الاقتصادي والإنتاجي في العالم.

يقول الرئيس التنفيذي لشركة "إنفنت وير" -وهي شركة ذكاء اصطناعي تقدم منتجات وخدمات للعديد من العملاء في جميع أنحاء العالم- أمين التاجر في حديث مع "الوطن": "يمكن تصنيف الوظائف المستقبلية لثلاث فئات، الأولى هي وظائف ستعتمد على الآلة بشكل كاملٍ لأنها تعتمد على التنفيذ ولا تتطلب مجهوداً ذهنياً أو فكرياً، والثانية هي وظائف تمزج ما بين ما هو بشري واصطناعي، أما الثالثة فهي وظائف تعتمد على الإنسان بشكل كامل لأنها تعتمد على المهارات البشرية التي لا يمكن للآلة التفوق على الإنسان فيها".



وفي ظل المخاوف من فقدان الكثيرين لوظائفهم حول العالم نتيجة سيطرة تقنيات الذكاء الاصطناعي، يتوقع أن تكون الأيدي العاملة في القطاعات الصناعية بأجور زهيدة الأكثر تضرراً في منطقة الخليج العربي خلال السنوات المقبلة، حيث يمكن إسناد الوظائف الرتيبة والتي تعتمد على التكرار للآلة، والاستغناء عن العنصر البشري في خطوةٍ نحو تعزيز الكفاءة وزيادة الإنتاجية مقابل خفض التكاليف".

المهارات التقنية والشخصية

ورداً على سؤال حول الوظائف التي ستهيمن على سوق العمل في المنطقة خلال السنوات المقبلة، يجيب: "يصعب التنبؤ بالوظائف المهيمنة لأن هناك الكثير من الأمور المتداخلة ببعضها البعض، ولكن أنصح المتخصصين في أي مجال كان بدعم تخصصاتهم بعلوم البيانات والبرمجة ومعرفة أساسيات الإحصاء".

وفي سياق الحديث عن المهارات التقنية التي يحتاج الفرد للنجاح في عصر الذكاء الاصطناعي، يشدد التاجر على أهمية امتلاك ثقافة حاسوبية. "كل شيء أصبح يدور اليوم حول التكنولوجيا، وإن لم يكن مجال عمل الفرد يتعلق بالتكنولوجيا، من المفيد امتلاك الحد الأدنى من الثقافة الحاسوبية، وهنا أنصح بتعلم لغة "البايثون" وهي المنطق البرمجي أو الخوارزميات، وهي مناسبة جداً للمبتدئين في عالم البرمجة لأنها ستعلمهم كيفية التفكير والتحليل كمبرمجين، وستمكنهم من التعامل مع الكم الهائل في البيانات، فضلاً عن استخدامها في صناعة تطبيقات الإنترنت والألعاب وغيرها".

أما بالنسبة للمهارات الشخصية، فيختزلها في امتلاك المنطق السليم ومهارات الذكاء الاجتماعي والعاطفي، مشيراً إلى أن المهارات الاجتماعية تمنح الفرد مفاتيح إدارة وقيادة زمام الأمور، وأن جزءاً كبيراً من الذكاء الاصطناعي مبني على التعرف على المشكلة قبل العمل على حلها.

ولفت التاجر إلى أن العائد المادي للعمل في تخصصات القطاع الاصطناعي مجزٍ جداً، لاسيما في ظل التوجه العالمي للحكومات والشركات نحو الأتمتة وتفعيل الذكاء الاصطناعي، والمنافسة القوية بين شركات القطاع الخاص لتقديم منتجات تدور حول الذكاء الاصطناعي والتي تخدم العملاء والمستهلكين من جهة، وتنعش قطاعات الأعمال من جهة أخرى.

مواكبة التطورات

لاشك بأن ثورة الذكاء الاصطناعي ستغير من بيئة العمل وطريقته، ولتبني هذا التغيير، يجب على الشركات والأفراد أن تغير من طريقة تفكيرها إذا أرادت مواكبة التطورات ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في أعمالها. يوضح التاجر: "معظم الشركات تنظر إلى الذكاء الاصطناعي بأنه استخدام، دون أن تدرك بأنه يتطلب بنية تحتية، وعليه فإن الخطوة الأولى هي صناعة بنية تحتية للبيانات، يتم من خلالها مسح البيانات وتحويلها من صور - على سبيل المثال - إلى نصوص، ثم إدخالها بطريقة منظمة، تساعد الشركات وحتى الحكومات في عمليات البحث المتقدم".

ويضيف: "كذلك يجب الاهتمام برأس المال البشري وتمكينهم بالمؤهلات، فالمؤهلات هي أصول تقنية تسمح للشركات بالمضي قدماً في رؤيتها، والذكاء الاصطناعي يعتمد على الممارسة والخبرة العملية، وهو عالم متغير في كل لحظة، ما يتطلب التحلي بالمرونة لمواكبة هذه التغيرات المتسارعة".