عرفت لعبة ماينكرافت Minecraft كواحدة من أشهر ألعاب الفيديو التي طرحت نهاية السنوات العشر الأولى من الألفية الجديدة.

وكان صانع اللعبة "ماركو بيرسون" لا يقل في شهرته عنها، لميوله للإنعزال الشديد عن وسائل الإعلام، بحسب موقع "جييك واير"، الذي قدم عن قصته تقريرا يستعرض رحلته.



وحققت لعبة شهرة واسعة، حتى صنعت من شخصياتها ألعاب الليغو الخاصة بها، وأشتهرت في أحداثها بالسيف الماسي ، أو شخصية "ستيف".

وبحسب الموقع، تستحوذ على اللعبة في الوقت الحالي شركة مايكروسوفت، غير أنها تعود في الأصل لمبتكرها السويدي ماركوس بيرسون محب العزلة، الذي طرح اللعبة في البداية عبر شركة "مويانغ"Mojang التي استحوذت عليها مايكروسوفت.

وكان لبيرسون حياة غريبة حافلة بالمحطات، إذ يبلغ من العمر 42 عاما، ويحاول دوما هو وشريكاه الابتعاد عن الأضواء، إذ اختفوا عن وسائل التواصل الاجتماعي، ما عدا حساب على تويتر لبيرسون باسم Notch.

وتملك بيرسون حب البرمجة لدرجة الهوس، دون أن ينكر المقربين منه أنه يتمتع بقدر عالي من الإبداعي .

ودلل على ذلك حين ابتكر لعبة ماينكرافت عام 2009، وحين بدأت تنجح قام بتأسيس شركة "مويانغ" مع اثنين من أصدقائه. وكانت حصته في هذه الشركة تبلغ 71 بالمئة.

ونجحت اللعبة في وقت قصير في التحول بأن تصبح المصدر الأول لاهتمام مستخدميها من مختلف الاعمال، حيث حققت مبيعات تقدر بالملايين.

وكان أحد أبرز الدلائل على نجاحها أنه في عام 2014 كانت هناك 147 ألف قناة على اليوتيوب من صانعي محتوى حول العالم، يتحدثون فيها فقط عن لعبة ماينكرافت.

وفيما يخص بيرسون، قال أحد المقربين منه من المبرمجين، إن فكرة اللعبة استوحاها بيرسون من لعبتين، الأولى كانت عن بناء منجم، واللعبة الثانية كانت عن الفضاء، وما قام به أن جمع فيما بينهم.

ورغم أطواره الغريبة وعزلته، احتل بيرسون مكانة خاصة بين المعجبين، وكأن معجبي ماينكرافت أصبحوا كرابطة فكرية من نوع ما، وبيرسون هو الأب الروحي لهذه الرابطة.

وحتى الآن، مازال يوصف بيرسون بأنه مبرمج مميز مع خيال واسع وأفكار فريدة، ولكنه في نفس الوقت يوصف بالمدير السيئ الذي لا يستمع لأحد، ويثير استياء من حوله.

ويبدو أن شخصية بيرسون السيئة كمدير، جعلته يشعر بالوحدة في شركة مويانغ، وزاد فيما يبدو من امتعاضه من الوضع.

وفي عدة مناسبات حاول بيرسون تغيير نظرة من حوله له كمدير سيء، بأن اختار في عام 2011 أن يوزع كامل أرباحه الشخصية من الشركة على الموظفين، كانت أرباحه في تلك العام قرابة ثلاثة ملايين دولار، ووزعها بالكامل عليهم.

وفي السنة التالية، وفي حفلة رأس السنة، قام بإهداء كل موظف هدية نقدية قيمتها 12 ألف دولار تقريبا.

وبعد مرور 5 سنوات من إطلاق اللعبة، تسلسل السأم لنفس بيرسون منها، إذ لم يعد يحتمل فيما يبدو كثرة النقد والهجوم على اللعبة على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عزلته الاجتماعية داخل الشركة، لذلك وفي يوم 17 يونيو 2014، كتب تغريدة على تويتر يقول فيها: "هل هناك أحد يرغب بشراء حصتي في شركة مويانغ؟ لا يمكنني أن أتحمل الكراهية التي تنصب علي وأنا أحاول أن أقوم بالشيء الصحيح".

وفور أن كتب ماركوس تغريدته انهالت عليه الاتصالات، وبعد حوالي 3 أشهر من التغريدة، وتم بيع الشركة إلى مايكروسوفت مقابل 2.5 مليار دولار.

وفي وداعه للموظفين بشركته علل ماركوس اتخاذه لقرار بيع الشركة بأنه راجع لرغبته في الحفاظ على صحته العقلية وليس سعيا منه للمال، كما جاء في تغريدته الوداعية للموظفين الذين وجه لهم الشكر على عملهم معه.

وبعد أن أصبح ماركوس مليارديرا، اتجه فورا ليعيش حياة باذخة مترفة، وكعلامة على بذخه الشديد اتجه فورا إلى منطقة بيفرلي هيلز في لوس أنجلونس التي يقطنها الأثرياء، واشترى أغلى منزل هناك على الإطلاق، بقيمة تتجاوز السبعين مليون دولار، وتغلب في ذلك على مغني الراب جي زي وزوجته المغنية الشهيرة بيونسيه، اللذين كانا يريدان شراء المنزل.

وبحسب موقع "جييك واير"، قام بيرسون في نفس العام بشراء أغلى شقة في مدينة ستوكهولم على الإطلاق من حيث سعر المتر، مساحتها 140 مترا، ووصلت قيمتها لنحو 3 ملايين ونصف مليون دولار.

وحين وجهت له أسألة عن نمط عيشه في التغريدات كان يرد بقوله أنه من الغريب أن تكون مليارديرا، ولكن للأمر العديد من الإيجابيات.

كما قام بيرسون بتأسيس شركة ألعاب جديدة مع صديق له، كل شيء في هذه الشركة باذخ، من حيث مساحة المكاتب إلى التأثيث وغير ذلك.

ولكن الشركة على مر السنين لم تدر أي دخل يذكر، وحينما سأله أحدهم عن شركته أجاب: "إنها تنزف مالا كالعادة، دون أي مشاريع مربحة على الإطلاق". ومنذ إطلاقها، خسرت الشركة ما يقارب 6 ملايين دولار.

ويقول عنها بيرسون: "شركتنا أصبحت كحضانة للكبار، تأتينا فكرة جديدة، نعمل عليها يومين، ثم نتركها ونعود لنلعب".

وبالرغم من حياة البذخ هذه، فإن بيرسون نفسه انتقدها، قائلا: "المشكلة حينما تمتلك كل شيء هو أنه لن يكون لديك شيء لتقاتل من أجله، كما أن العلاقات الاجتماعية ستصبح مستحيلة بسبب عدم التكافؤ".

وأجاب مرة أحد متابعيه على تويتر بالقول: "حرفيا كل شيئ في الحياة أثمن من المال، الناس تريد المال لأنه قابل للاستبدال بأشياء أخرى كثيرة غير المال".

وكتب في تغريدة أخرى: "إذا أردت أن تسمع أفكاري الآن: المال بالتأكيد لا يشتري السعادة".