تلفزيون الشرق


تترقب الأنظار بحذر وقلق العاصفة المدارية "شاهين"، التي وصلت بالفعل وفق ما تشير العديد من مراكز الأرصاد الجوية، إلى بحر العرب، ومن المتوقع أن تضرب ساحل عُمان وعدداً من المناطق بدءاً من الأحد.

ونالت هذه الظاهرة المناخية اهتماماً واسعاً، لاسيما بعد التحذيرات الثلاث التي أطلقتها السلطات في عُمان ودعت فيها السكان إلى الحيطة والحذر.

كيف بدأ إعصار شاهين؟


يُعد إعصار "شاهين" امتداداً لإعصار ظهر قبل أيام في منطقة خليج البنغال، حيث لاحظ المركز المشترك للتحذير من الأعاصير JTWC التابع للبحرية الأميركية، يوم 29 سبتمبر حدوث إعصار في تلك المنطقة متجهاً نحو الهند من بنجلاديش، وأطلقت عليه باكستان اسم "جولاب" التي تعني "وردة" باللغة الإنجليزية.

وقد أصدرت إدارة الأرصاد الجوية الهندية (IMD) تحذيراً من أن الإعصار يمكن أن يصل إلى اليابسة في مختلف المناطق الساحلية في الهند، وبالفعل لامس الإعصار المناطق الساحلية في شمال أندرا براديش، وجنوب أوديشا، وفيدهاربا، ومهاراشترا، لكنه سرعان ما بدأ تدريجياً يفقد سرعته وقوته حتى رحل تماماً من المنطقة.

وأشارت إلى أن إعصار جولاب، الذي بدأ في خليج البنغال، ظهر مرة أخرى في غضون 3 أيام فوق بحر العرب، تحت مسمى جديد أطلق عليه "شاهين"، والذي يُعد من بين نظامين مناخيين شديدين للغاية يتطوران فوق الأجزاء الشرقية والغربية للهند، ما قد يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة وواسعة النطاق.

وفقاً لموقع "يالي" المختص بالمناخ، يُعد "شاهين" أول إعصار استوائي يضرب الساحل الشمالي لعمان، مشيراً إلى أن هذا النوع من العواصف المدارية من المحتمل أن يتسبب في حدوث الفيضانات المفاجئة المدمرة، والعواصف والرياح العاتية، وهذا ما دفع السلطات إلى إعلان يومي الاثنين والثلاثاء عطلة رسمية للسماح للناس بالاستعداد للعاصفة، إلى جانب إخلاء مناطق عديدة من سكانها إلى مراكز الإيواء.

ولا يعتبر "شاهين" الإعصار الأول الذي يضرب منطقة ساحل عُمان، ففي يونيو عام 2007 ضرب إعصار "جونو" غرب بحر العرب، حيث طال الطرف الشرقي من عُمان قبل أن يتحول إلى مُنخفض استوائي جنوب إيران، حيث يُعد الإعصار المداري الوحيد والأقوى الذي تم تسجيله في ذلك البحر على الإطلاق، إذ تسبب آنذاك، بحسب الموقع ذاته، بخسائر تجاوزت 4 مليارات دولار، خاصة في عُمان وأدى إلى وفاة 78 شخصًا على الأقل.

وفي عام 2010، اتخذ إعصار "فيت" مساراً مشابهاً تقريباً نحو الطرف الشرقي لعُمان قبل أن يتجه شرقاً، متسبباً في أضرار تزيد عن 800 مليون دولار و24 حالة وفاة.

ما هي تأثيرات الإعصار؟

وتوقع "مركز التحذير المشترك من الأعاصير" السبت أن يتحرك شاهين من الغرب إلى الشمال الغربي ثم يتجه نحو الغرب والجنوب الغربي في خليج عُمان، ما قد يجعل اقترابه من العاصمة مسقط محتملاً مساء الأحد. وفي ضوء قوة الإعصار وسرعة الرياح الرجحة بـ 100 كيلو متر في الساعة، قد يضرب "شاهين" اليابسة بالقرب من مدينة صحار (عدد سكانها 220 ألف نسمة)، حيث يجري تنفيذ أحد أكبر وأسرع مشاريع تطوير الموانئ في العالم نمواً.

وأشار الموقع إلى أنه "إذا كان شاهين سيصل إلى الشمال، فقد يؤثر ذلك على ميناء الفجيرة، في دولة الإمارات، ثاني أكبر مركز لتزويد السفن بالوقود في العالم".

ويمكن أن يُفرغ شاهين الأمطار الغزيرة فوق التضاريس الجافة، ما ينتج عنه فيضانات مفاجئة وخطيرة، في وقت قد تعزز الجغرافيا المُقعرة لهذه الجبال التدفق الإعصاري لشاهين مع اقتراب العاصفة.

وفي حسابه على تويتر، قال الخبير في أسواق الطاقة أنس الحجي إن مجرد وجود إعصار "شاهين" في المنطقة بدون حدوث أي دمار للمنشآت النفطية، سيؤخر مرور السفن عبر، ما قد يؤثر على حجم إمدادات النفط والغاز. وتوقع الحجي أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز المسال.



وحذر المركز الوطني للإنذار المبكر من الأخطار المتعددة في عمان، من تهديدات الفيضانات الشديدة والرياح التي تتراوح سرعتها بين 45 و70 ميلاً في الساعة، والعواصف الساحلية والأمواج الهائلة التي قد تصل إلى 8-12 متراً. وقال المركز إن أجزاء من شمال غرب عمان يمكن أن تتلقى 200 إلى 500 ملم من الأمطار (8 إلى 20 بوصة). بالنسبة للمنظور، يبلغ متوسط هطول الأمطار السنوي في صحار 4.28 بوصة فقط، ولا تسقط أي أمطار تقريباً من يونيو إلى أكتوبر.

وذكرت دراسة نُشرت بمجلة Nature Climate Change عام 2015 وتستهدف استكشاف الأعاصير بين عامي 1980 و2010، أنه "على الرغم من أن تطور الأعاصير المدارية محدود في منطقة الخليج العربي، إلا أن هناك تهديداً ربما يكون شديد الخطورة نتيجة تغيرات دوران الغلاف الجوي في المنطقة، إذ قد يؤدي ارتفاع درجة حرارة المحيط إلى زيادة فرصة ضرب الخليج العربي بعاصفة شديدة".

تسمية الأعاصير

بحسب موقع latestly، الهندي اقترحت دولة قطر اسم "شاهين" على الإعصار المداري الذي يضرب المنطقة هذه الأيام، والكلمة تُشير إلى أحد أسماء الصقر في اللغة العربية، وقالت إدارة الأرصاد الجوية الهندية، إن حدوث إعصارين في منطقة شمال المحيط الهندي لا يُعد أمراً غير مسبوق.

وأضافت أن هناك 5 أعاصير بعد "جولاب" ستحدث فوق البقعة الجغرافية ذاتها، بما في ذلك خليج البنغال وبحر العرب، وهي: إعصار شاهين، وجواد، وأساني، وسيترانج، وماندوس.

ورغم أنها تشير إلى الظاهرة المناخية نفسها، لكن تسميات الأعاصير تختلف من منطقة إلى أخرى، ففي الدول التي تقع غرب المحيط الهادئ، كالصين واليابان والفلبين يُطلق على الإعصار "تيفون" (Typhoon)، كما يُسمّى في شمال المحيط الأطلسي وشمال شرق المحيط الهادئ باسم (Hurricanes)، في حين يُطلق عليه في دول جنوب غرب المحيط الهادئ والمحيط الهندي باسم "الأعاصير المدارية" (Tropical cyclones).

بدلاً من استخدام المصطلحات والأرقام الفنية، بدأت تسمية العواصف والأعاصير بهدف المساعدة في التعرف على هذه الظواهر بشكل سهل وسريع، وخاصة في ما يتعلق برسائل التحذير،

وقالت إدارة الأرصاد الجوية الهندية إن شاهين وجولاب وتيج وأجني وآج من بين 169 اسماً اختارتهم 13 دولة للأعاصير المستقبلية في شمال المحيط الهندي وبحر العرب، على أن يكون الاسم المقترح محايداً للسياسة والشخصيات الرسمية والتاريخية والمعتقدات الدينية والثقافات والجنس.

وتجري عملية اختيار أسماء الأعاصير في المنطقة من قبل 13 دولة هي: الهند، وبنجلاديش، وميانمار، وباكستان، وجزر المالديف، وعمان، وسريلانكا، وتايلاند، وإيران، وقطر والمملكة العربية السعودية، والإمارات، واليمن. وفقاً للمعايير، يتم اختيار الأسماء بحيث يسهل تذكرها ولا تحمل أي معاني تحريضية.

ما هو الإعصار؟

تُستخدم كلمة "إعصار" لوصف الظاهرة المناخية التي يتشكّل فيها نظام دائريّ من الغيوم والعواصف الرعدية ذات الدوران المُغلق والمُستوى المُنخفض.

وتتشكّل الأعاصير عادة عندما تكون مياه المحيط دافئة، وبشكل عام عندما تكون درجة حرارة المُحيط السطحية لا تقل عن 27 درجة مئوية، ويعود ذلك إلى أنّ الحرارة الدافئة لمياه المحيطات بالإضافة إلى كميات التبخّر فوق سطحها تؤدّي إلى تزويد الإعصار بالطاقة اللازمة لاستمراره وبقائه، ولا يتطلّب تحرّك الأعاصير بعد نشوئها وجود المياه الدافئة، حيث يستطيع التحرّك عبر المياه الباردة. كما تتطلّب الأعاصير أن تكون سرعة الرياح مُتماثلة ومُتساوية على جميع الارتفاعات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى اتجاهها.

وقد يتعرّض الإعصار لما يُطلق عليه خبراء الأرصاد الجوية بقطع الرأس بالإنجليزية (Head cut off)، وذلك في حال افتقار الرياح السائدة عبر الغلاف الجوي لخاصية السرعة والاتجاه المُتماثل والموحد، سواء كانت على ارتفاعات عالية أم منخفضة. وتسبق الأعاصير حدوث مجموعة من العواصف الرعدية فوق المحيطات.

كيف تٌصنف الأعاصير؟

بحسب المركز الأميركي للأعاصير، يتم قياس الأعاصير بمقياس "سافير سيمبسون" الذي طوّر في سبعينيات القرن الماضي على يد المهندس هربرت سافير، ومدير المركز الوطني للأعاصير في الولايات المتحدة آنذاك روبرت سيمبسون.

ويحدد المقياس سرعة الرياح التي ترافق الأعاصير فقط، ولا يوفر أي معلومات عن الفيضانات أو الزوابع التي قد تسببها، لكنه يعطي فكرة عن حجم الدمار الذي يهدد المناطق التي قد يمر منها، حيث يمكن من جميع الفئات عواصف مميتة، وفيضانات ناتجة عن الأمطار، وتتطلب هذه المخاطر اتخاذ إجراءات وقائية، بما في ذلك الإخلاء من المناطق المعرضة للأضرار.

وفي حين أن جميع الأعاصير تنتج رياحاً تهدد الحياة، فإن الأعاصير المصنفة من الفئة 3 وما فوق تُعرف باسم الأعاصير الرئيسية، وقد تُسبب خسائر كبيرة في الأرواح.

الدرجة الأولى:

سرعة الرياح تكون بين 119 و153 كيلو متراً في الساعة، وقد تُسبب تدمير المنازل وتناثر الحطام وتعرض خطوط وأعمدة الكهرباء للتلف.

الدرجة الثانية:

سرعة الرياح تكون بين 154 و177 كيلومتراً في الساعة، وفي هذا المستوى ترتفع مخاطر وقوع أضرار جسيمة بما في ذلك سد الطرق.

الدرجة الثالثة:

سرعة الرياح تكون بين 178 و208 كيلومترات في الساعة، وهناك مخاطر مرتفعة لوقوع إصابات ووفيات وانقطاع الطاقة (الماء والكهرباء).

الدرجة الرابعة:

سرعة الرياح تكون بين 209 و251 كيلومتراً في الساعة، ما قد يؤدي إلى تهدم المباني وتناثرها واقتلاع الأشجار وحدوث إصابات ووفيات.

الدرجة الخامسة:

سرعة الرياح تكون بقوة 252 كيلومتراً أو ما يزيد على ذلك، ما قد يُسبب بخسائر كبيرة في الأرواح ويجعل المناطق غير صالحة للسكن.