تلفزيون الشرق + وكالات


كشف تحقيق صحافي، أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، دخول العملات المشفرة ضمن قائمة أبرز الأسباب التي تتفاقم بسببها الخلافات بين الأزواج عند وصولهم إلى مرحلة تقسيم الممتلكات خلال دعاوى الطلاق، حيث يتّعمد البعض إخفاء ممتلكاته من العملات الرقمية عن الطرف الآخر.

وأوضح التقرير، أن إجراءات الطلاق أصبحت أكثر تعقيداً مع انتشار العملات المشفرة، لأن تتبع تحويلاتها عبر المحافظ الرقمية وتقدير قيمتها خلق عبئاً جديداً على عاتق المحاميين، وظهرت ضرورة جديدة للاعتماد على المختصين في مجال التتبع الإلكتروني لحركة العملات المشفرة، ما تسبب في رفع تكاليف الدعاوى بمعدل آلاف الدولارات.

وقال المحلل الجنائي بشركة CipherBlade للتحقيقات، باول سايبينك، إنه تتبع عملات رقمية قيمتها تفوق 10 ملايين دولار في دعاوى الطلاق، مشيراً إلى أنه عادة ما يحاول الزوج إخفاء استثماراته في العملات المشفرة عن زوجته عند الوصول إلى الانفصال.


"1000 بيتكوين"

وسلطت "نيويورك تايمز" الضوء على قضايا عدّة شهدت عقبات في تقسيم الممتلكات بسبب العملات المشفرة، وأبرزها كان خلافاً بين الزوجين، فرانسيس ديسوزا وإيريكا، الذي استثمر في 2013 بعض الأموال لشراء حوالي 1000 بيتكوين، وانفصلا في العام نفسه، إلا أنه أخفى الأمر عن زوجته.

مع تقسيم الممتلكات في 2017، ادّعى فرانسيس أنه خسر جزء من استثماره في منصة Mt.Gox، والتي تعرضت للإفلاس وضياع كافة عملات المتداولين في 2014، أي بعد اتخاذ الزوجين قرار الطلاق، وبالتالي أصبح الزوج في موضع حرج، لأنه لم يكشف عما يمتلكه من عملات مشفرة في ذلك الوقت، وهو ما كان من الممكن أن يصنع فارقاً لصالح زوجته.

وأوضحت المتحدثة باسم فرانسيس أنه بمجرد علمه بضياع عملاته في 2014، قام فوراً بإخبار طليقته حول الأمر، مشيرة إلى أن موكلها لم يتعمد إخفاء أي تفاصيل.

ولكن الهيئة القضائية التي تنظر دعوى الطلاق قضت بمخالفة الزوج لشروط عملية الطلاق، حيث أنه لم يصرح بممتلكاته لزوجته في وقت امتلاكه لها، مما جعلها تخسر جزء من حقوقها القانونية، لذلك تم القضاء بضرورة إعطاء "إيريكا" نصف العملات المشفرة التي كان يمتلكها قبل إفلاس منصة Mt.Gox، وذلك بقيمة تجاوزت 23 مليون دولار.

عملات منسية

وفي السياق ذاته، كشف المحقق الجنائي نيك هيمونيديس، خوضه دعوى طلاق، كانت الزوجة خلالها تدّعي أن زوجها أخفى عنها استثماراته في العملات الرقمية، وفي المقابل كان الزوج ينفي ذلك، لكن "نيك" قام بفحص الحاسوب الشخصي الخاص به، بأمر قضائي، واكتشف وجود محفظة رقمية تحوي عملات "مونيرو" بقيمة 700 ألف دولار، وتظاهر الزوج بأنه لا يعلم عنها شيئ.

ولكن في بعض الأحيان تتعقد الأمور أكثر، فيقول "نيك" إن إحدى القضايا قام الزوج بتحويل عملات رقمية بقيمة 2 مليون دولار من حسابه على منصة "كوين بيز" لتداول العملات المشفرة، إلى مجموعة من المحافظ الإلكترونية، وغادر الولايات المتحدة، وعند ذلك تمكن من الفرار من قبضة القضاء الأميركي، لأن تلك المحافظ يتم تأمينها بكلمة مرور سرية يقوم بتحديدها مالكها، وبالتالي لا يمكن الوصول إلى محتوياتها من عملات رقمية إلى بمعرفة كلمة المرور.

محاولات للتهرب

ويحكي محامي مختص بدعوى الطلاق جريجوري سالانت، أنه خاض دعوى قضائية ضد زوج تدعي زوجته، أنه يخفي عنها استثماراته في العملات المشفرة، ولإخفاء الأمر قام بتحويل عملات من حسابه لدى "كوين بيز" إلى عدد من المحافظ الرقمية.

وساعد سالانت في تلك الدعوى المحقق الجنائي مارك دي مايكل والذي قام بدراسة بيان تفصيلي كشفت عنه منصة "كوين بيز"، حيث تضمن تحويلات متعددة قام بها المدّعى عليه من حسابه لدى الخدمة إلى محافظ إلكترونية بعضها في شبكة "الدارك ويب".

و"الدارك ويب" شبكة معروفة بتداول الممنوعات والأسلحة والعديد من الخدمات غير القانونية، ولكن مع استمرار إنكار الزوج، جرى التوافق في نهاية الأمر على تسوية الدعوى مقابل حصول الزوجة على 25 ألف دولار.

وعلى الجانب الآخر، أشارت محامية مختصة بتمثيل الأزواج في دعاوى الطلاق، كيلي بيوريس، إلى أن عملائها يأتون إليها بأفكار لإخفاء ثرواتهم من العملات المشفرة، بعضها يكون ساذجاً، مثل اقتراحهم بيع عملاتهم إلى أقربائهم بمبالغ زهيدة تصل أحياناً إلى 1 دولار للعملة الواحدة، إلّا أنها ترفض تماماً تلك الفكرة.

ولكنها وصفت كذلك أفكار فريدة يأتي بها البعض وتتعلق بقيام الأزواج بتحويل مدخراتهم المالية إلى استثمارات في العملات المشفرة عبر شرائها من آلات الدفع الإلكترونية ATM، بحيث يصبح من الصعب تتبع عملية الشراء، وبالتالي لا تظهر تلك المدخرات أمام القضاء خلال تقسيم الممتلكات عند الانفصال.