إنه درب مفخخ بكثير من الألغام والحفر والمكائد، إنه درب الشوك الذي عندما يختاره الشخص برغبة صادقة منه فإنه قد يجني كثيراً من المشاكل والمؤامرات والاستهدافات التي تدمر حياته وتسلبه راحته وصحته، لكن العوض أن هناك وروداً ورياحين تنتظره في الدار الأخرى دار الآخرة؛ فإسلامنا الحقيقي لا المحرف -كما نراه عند البعض- يلزمنا بالدفاع عن أوطاننا وأن صاحب الكلمة محاسب أمام الله عز وجل، كما أننا موصون في القرآن والسنة بطاعة ولاة أمورنا واتباعهم وعدم بث الفتن والتفرقة بين المسلمين ودعم أمن أوطاننا والنهي عن المنكر وتحريم قتل النفس بغير حق واستنكار المحرمات وأهمها الاعتداء الآثم على المسلمين وزعزعة أوطانهم!

وكما يقال إن أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة، وقد اختار الإعلامي الكبير سعيد الحمد رحمه الله أن يكون في ذلك محارباً، محارباً لكل من حاول تشويه صورة المواطن البحريني الأصيل وأخلاقه وقيمه ومبادئه بالذات الوطنية ورفض أن يبقى في منطقة الحياد، المنطقة الرمادية التي شاهت الوجوه فيها عام 2011 ورأينا الكثيرين ممن فيهم بعض الإعلاميين حتى يقطنوا فيها متوارين عن الأنظار وكأنهم صم بكم عمي! اختار أن يكون في واجهة الإعلام البحريني وأن يصد بإمكاناته الإعلامية المتوافرة بكل جهوده ووقته حملات الكذب والتدليس والافتراءات، ولم يكن يدافع فقط عن مملكة البحرين، بل كانت جهوده الإعلامية تدخل في مفهوم الدفاع القومي عن الدول العربية والإسلامية وكشف أقنعة عملاء إيران وفضائحهم المخزية وحقيقتهم، كان أستاذنا الفاضل سعيد رحمه الله يقول ما لا يجرؤ أحد على قوله أو معرفته، لم يكن يطرح ما على سطح بحر السياسة بل كان يغوص في أعماقه ويستخرج لنا ما هو غير مرئي ومعروف بالذات عن ملفات الفساد الأخلاقي لأعداء أوطاننا الذين كان بعضهم منغرلً جاهلاً تردي أفعالهم وانحطاطها وزيف ما يدعونه من أخلاق وقيم وتدين! ولأنه كان موجعاً ويفضحهم قادوا عليه حملات إعلامية وإلكترونية شرسة ورغم كل ما فعلوه من استهدافات فإن صيته لمع أكثر وخاصة في منطقة الخليج العربي والعالم العربي، وعلم لدى الجمهور العربي أنه إعلامي بحريني يتكلم اللهجة البحرينية المحرقية «القح»، لقد كان يلجمهم وينتصر عليهم فصاحب الحجج والأدلة الموثقة دائماً أقوى وأكثر إقناعاً.

لكن هناك شيء قد لا يعلمه الكثيرون عن هذا البطل الذي أفنى صحته وحياته لأجل مملكة البحرين وهو يقوم بكل ذلك، ففي تلك السنين أصيب بوعبدالله رحمه الله بمرض عضال ورغم ذلك لم يتوقف يوماً واحداً عن الدفاع عن مملكة البحرين.

الأستاذ سعيد الحمد رحمه الله أدى رسالته الإعلامية في هذه الحياة بكل إخلاص واختار أن يطرح الكلمة الصادقة والدفاع عن حقوق الشهداء وأبناء شعبه وعروبته دون أن يبيع قلمه لولاءات خارجية معادية للعرب، ودعم ولي أمره كما أمره الإسلام الصحيح أمام مؤامرات محو الهوية العربية من المنطقة، ولا يوجد إنسان مخلد في هذه الحياة فكلنا راحلون لكن الفرق أن هناك من اختار أن يبقى مخلداً في تاريخ وطنه بشكل مشرف مضيء وأن يكون بطلاً من أبطاله وصاحب بصمة كبيرة معطاءة في الصحافة والإذاعة والتلفزيون، رحم الله إعلامينا الكبير سعيد الحمد صاحب البطولات الوطنية المشرفة وأسكنه فسيح جناته.