تناولنا في المقال السابق أهمية فاعلية العمل البرلماني والتحديات التي تواجهه، هذا بجانب فكرة امتلاك الحقيقة المطلقة من قبل البعض وأثرها على العمل السياسي، وأبرز المحطات التي مرت على البرلمان والعلاقة الطردية بين البرلمان والحكومة.

من المعلوم أن البرلمان يمثل مصالح الشعب ويضمن أخذ هذه المصالح بعين الاعتبار من قبل الحكومة. وهذا لن يتحقق إلا من خلال تأدية وظائف البرلمان الرئيسة المتمثلة في التالي: مراجعة وتحدي عمل الحكومة «تدقيق». وضع القوانين وتغييرها «التشريع». مناقشة القضايا الهامة «مناقشة». فحص واعتماد الإنفاق الحكومي «الميزانية - الضرائب». علماً بأن الحكومة لن تكون قادرة على تمرير القوانين أو زيادة الضرائب دون موافقة البرلمان. وفي المقابل تقوم الحكومة بإدارة السياسة الحكومية، وإنفاذ التشريعات، والضرائب، وتقدم أفضل السبل لتقديم الخدمات العامة والخدمات والأنشطة التي ينبغي تخصيص التمويل لها. يمكن أن يشمل ذلك، على سبيل المثال، الخدمات والتمويل للصحة والتعليم والأمن والمحاكم. والسؤال إذا كان كل ذلك متحققاً لماذا النظرة السلبية تجاه العمل البرلمان؟

الحقائق أشياء عنيدة

«الحقائق أشياء عنيدة، ومهما كانت أمنياتنا أو رغباتنا أو ما تمليه علينا عواطفنا فهي لا تستطيع تغيير حالة الحقائق والبراهين»، «جون كوينسي آدامز».

من المؤسف إلى الآن، أن هناك أعضاء في البرلمان وسياسيين أو مقبلين على الترشح للبرلمان القادم غير مدركين التحديات المستقبلية التي تتبع جائحة كورونا (كوفيد 19)، حيث تأثرت جميع دول العالم بشكل خطير تقريباً، وإن كان ذلك مع خسائر متفاوتة في الحياة أو اضطرابات اجتماعية واقتصادية. إن التحديات الحقيقية التي لا يمكن إخفاؤها تتمثل في التحدي الاقتصادي وفرص العمل للمواطن والقطاع التجاري والحفاظ على الطبقة الوسطى والدين العام وقياس مدى الفجوة بين الواقع ورؤية البحرين الاقتصادية 2030 إن وجدت، وقياس ما تم تحقيقه وما لم يتم في آخر 8 سنوات على أقل تقدير، للوقوف على الأسباب والمسببات التي أدت إلى ذلك. لماذا المراجعة من قبل البرلمان؟ لأنها تعتبر من الخطط الاستراتيجية المتعلقة بالمجتمع والفرد والاقتصاد والتجارة التي تعهدت بها الحكومة.

إلى الآن لا نعرف سبب عدم مناقشة الخطط الاستراتيجية من قبل البرلمان! وهناك من يسأل هل تعتبر مناقشة الخطط الاستراتيجية غير مهمة لدى البرلمان، أو أن الجهة المعنية بذلك تتمثل فقط الحكومة؟

إن تسليط الضوء على مكامن الخلل والقصور أو النقد ليس ظاهرة سلبية، والاعتقاد بامتلاك الحقيقة المطلقة لجهة دون غيرها أمر لا يمكن أن يسهم في تعزيز الشراكة الناجزة، ومن جانب آخر عدم قدرة البرلمان مراجعة الخطط الاستراتيجية المتعلقة بالمجتمع والفرد والاقتصاد والتجارة التي تعهدت بها الحكومة «تقييم مخرجات مؤشرات الأداء»، يعد إخفاقاً وسبباً رئيساً للنظرة السلبية التي يراها المجتمع له.

الخلاصة

هناك اعتقاد بدول ديمقراطية عديدة سبقتنا بالعمل البرلماني والديمقراطي بعقود من الزمن، أن السلطات التنفيذية تهيمن على برلمانها بسبب سيطرتها على المعلومات والإجراءات، وأن العلاقة بين السلطة التنفيذية والبرلمان هي مشبك ينضم إلى نظام الحكم في أي بلد، فهو يحدد طبيعة السياسة الوطنية، ودور المؤسسات العامة الرئيسة، والتوازن بين الحكومة من جهة والنظام السياسي الأوسع من جهة أخرى.