الفيديو القصير الذي انتشر أخيراً ويظهر شباباً إيرانيين يرتدون ملابس عمال النظافة وهم يجولون في مدينة الكاظمية لفت إلى أمر لا يفوت العراقيين والسؤال عن السبب الذي يجعل النظام الإيراني يرسلهم تحت هذه الهيئة، فلا عاقل يصدق أنهم إنما جاؤوا لخدمة الزوار في ذكرى سيد الشهداء عليه السلام، فمثل هذه الخدمة يمكن أن تتحقق بمبادرات فردية ومن دون ارتداء تلك الملابس، وهي من مسؤوليات الحكومة العراقية والعراقيين.

لم يعد النظام الإيراني في حاجة إلى أعذار لتواجد عناصر الحرس الثوري في العراق ولكن إنزالهم بتلك الطريقة والهيئة سبب كافٍ لاستفزاز العراقيين الرافضين لتدخله في شؤون بلادهم، والغالب بل الأكيد أنهم لن يغادروا العراق بعد انتهاء المناسبة لأنهم ببساطة لم يتم جلبهم من أجل هذا الغرض «قيل إنهم نحو 4000 شاب». هذا ما يقوله المنطق وتؤكده الأحداث التي شهدها العراق خلال العقدين الماضيين، فالنظام الإيراني لا يتواجد في العراق من أجل سواد عيون العراقيين ولا من أجل خدمة زوار الإمام الحسين عليه السلام كما يدعي وإنما لتحقيق أهداف يتم تنفيذها بالاستفادة من عواطف العراقيين ومن قبول بعضهم بيع نفسه، فالذيب لا يهرول عبثاً.

واقع الحال يؤكد أن الذين دخلوا العراق أخيراً تحت تلك الهيئة وربما هيئات أخرى لن يغادروا العراق إلا بعد انتهائهم من المهام الموكلة إليهم، وأن الجهات المعنية برصدهم لن تتمكن من التأكد من مغادرتهم أو عودتهم تحت هيئة أخرى.

مشكلة العراق أنه صار اليوم دون القدرة على اتخاذ قرار كالذي اتخذته ألبانيا الأسبوع الماضي حيث قطعت علاقاتها بإيران وقررت طرد دبلوماسييها وأمرت بمغادرتهم خلال 24 ساعة فور التأكد من وقوف النظام الإيراني وراء الهجوم الإلكتروني الذي استهدف تيرانا قبل نحو شهرين.

مناسبات العراق كثيرة، وكذلك الهيئات التي يمكن للحرس الثوري التواجد بها في مدنه وقراه. النظام الإيراني صار متغلغلاً في العراق ومتمكناً منه.