من الأمور التي تجعلنا نحن كتّاب الآراء نضحك كثيراً اعتقاد البعض الذي يعتبر نفسه الصح قائماً وقاعداً أننا نحصل من الحكومة على مكافآت وجوائز تجعلنا نتسلط وندافع عنها إلى حد أن نرى أخطاءها فنقول إنه الصح الذي ما بعده صح، ومن الأمور التي تجعلنا نفرط في الضحك قيام أولئك بنشر وترويج هذه الفكرة واعتبارها حقيقة لا تقبل الشك.

للأسف فإن هذا الذي يقولونه غير صحيح وإلا لصرنا نحن الكتّاب أثرياء منذ زمن ولما احتجنا بما صرنا نمتلك من أموال وعقارات الاستمرار في الكتابة، ولأفلست الحكومة!

المؤلم أن بعض ذلك الكلام الذي يسهل تصنيفه في باب الهراء يصدر عن أناس يعرفون مبادئ الحساب ويتم تصنيفهم في باب المثقفين، لهذا يسهل أيضاً الاعتقاد بأنهم إنما ينساقون وراء عواطفهم وانتمائهم المذهبي ويؤمنون بأنهم هم الكتلة الإيمانية التي معها الحق دائماً وأن الحق من دونهم لا يستقيم ولا يتحقق.

إعلاء الكتّاب من شأن أي موقف إيجابي للحكومة أو إنجاز تحققه أو ملف تحله والإشادة به أمر يدخل في باب الواجب الوطني لأنه ببساطة يشجعها على القيام بالمزيد مما يعود على المواطنين بالخير، وانتقادها إن أخطأت أو تلكأت أو اتخذت قراراً يؤثر على معيشة المواطنين أمر يدخل في باب الواجب الوطني أيضاً. كذلك يدخل في باب الواجب الوطني انتقاد المواقف والأخطاء التي يرتكبها أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» والتنبيه إليها وفضحها لأنها تضر بالوطن.

نحن معشر الكتاب إنما نعبر عن قناعاتنا ولا نتردد عن انتقاد الحكومة إن قدرنا أنها أخطأت في هذا الأمر أو ذاك، الفارق بيننا وبين أولئك هو أننا نعرف كيف ننتقد ونجعل الآخر يتقبل نقدنا ويصلح، فالنقد لا يعني «التشتر» وإثارة العامة وإنما التنبيه لوجود الخطأ بغية إصلاحه، وهذا يمكن أن يتحقق بطريقة غير تلك التي يؤمن بها أولئك الذين يعتقدون أننا نحصل بما نكتب على أموال يصعب عدها.