من جديد يضيع أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» مناسبة احتفالات البلاد بالعيد الوطني والفرص التي تتهيأ في كل عام خلال ديسمبر الخير فلا يستغلون حالة الحكومة المنفتحة على القبول والتسامح ولا يتخذون القرارات التي يمكن أن تأخذهم إلى المساحة التي يمكن أن تشجع السلطة على الاستماع إليهم والتوصل من ثم إلى أفكار تعين على حل معظم الملفات إن لم يكن كلها. هذه المرة أيضاً أضاعوا الفرصة مثلما أضاعوها في الأعوام السابقة ومثلما يضيعونها كل عام في شهر رمضان الذي تتوفر فيه ظروف مشابهة وفيه من الأجواء الروحانية المعينة على التقارب والقبول.

للأسف لايزال تفكيرهم كما كان، ولاتزال علاقتهم بالعيد الوطني تقتصر على انتظار الإعلان عن إطلاق سراح مجموعة من السجناء، ولا يزالون يأملون الخير من البرلمان الأوروبي وغيره من البرلمانات والمنظمات الحقوقية رغم تأكدهم من أن جهدها لا يأتي بمفيد، إذ لا قيمة لدعواتها الإفراج عن هذا أو ذاك ولا قيمة لأي قرار يصدر عنها ذلك أن الأمور الداخلية لا يتم حلها بتوصيات وقرارات خارجية أياً كانت صيغتها.

وللأسف أيضاً لايزالون يأملون الخير من أنظمة يعرفون جيداً أنها لم تحتضنهم لسواد عيونهم ولكن لتستفيد منهم وتنظر إليهم على أنهم بيادق في رقعة شطرنج تحركهم بالكيفية التي تشاء في الوقت الذي تشاء وللغاية التي تريد.

استمرارهم في تفكيرهم هذا وفي نظرتهم إلى الأمور ومواقفهم السالبة لا يفيدهم بشيء ولا يعود بالنفع على الذين تسببوا في تدمير حياتهم وحياة أهاليهم، ومراهنتهم على الوقت لا يوصلهم إلى شيء لثلاثة أسباب، الأول هو أن السلطة في موقف أقوى وموقفها يزداد قوة وقد حققت نجاحات كثيرة وظلت أكثر إقناعاً، والثاني هو أن الأمور صارت واضحة أكثر وصار العالم يشكك في غاياتهم، والثالث هو أن تلك الأنظمة صارت في حال تبحث فيه لنفسها عن مخرج لمأزقها الذي أوقعت نفسها فيه وتعاني.