تطرّق الكتّاب والمسؤولون خلال الأيام الماضية إلى موضوع تطبيق العقوبات البديلة والسجون المفتوحة من جوانب اجتماعية وإنسانية، والأثر الكبير الذي سيُحدثه على استقرار المجتمع من حيث انخفاض معدلات الجريمة، إلا أن الأثر الاقتصادي لهذا القرار لم يوضع على طاولة البحث بشكل متخصص.

فقد كشفت السنوات الماضية وبعد دخول الإنسان إلى عوالم الفضاء الإلكتروني، بروز نوع مستحدَث من الجرائم دخل إلى المجتمعات ليصطف إلى تصنيف الجرائم الكلاسيكي المعروف منذ القِدم، وهو العنف والسرقة ثم شهد تطوراً بعد ظهور المخدرات، واستقر على هذا الحال منذ عقود.

ولذلك فإن الوضع الحالي للعوالم الجديدة يفتح المجال أمام ارتفاع معدلات الجرائم من النوعية المستحدثة وهي الجرائم الإلكترونية التي تتفرع لعدة محاور تأتي في مقدمتها الجرائم الإلكترونية الاقتصادية، حيث يمكن لمجرم وحيد أن يحدث زلزالاً اقتصادياً في دولة بحركة مؤشر أو لمسة شاشة.

وهذه النوعية من المجرمين ليسوا أمثال أصحاب الجرائم الأخرى من حيث طريقة التفكير أو حتى تطبيق العقوبة، ويمكن رصد ذلك بسهولة من قبل المتخصصين في وزارة الداخلية والباحثين في علم الجريمة.

ولذلك أرى من وجهة نظري أن تطبيق السجون المفتوحة سيبرز أثره بصورة أكبر على هذه النوعية من المحكومين الذين يمتلكون القدرة على إحداث تغيير إيجابي، في حال تغيير قناعاتهم واستخدام قدراتهم في خدمة الوطن وتحويل مسارات الجريمة التي يفكرون فيها إلى مشروعات ريادية تخدم المجتمع وتسهم في دعم الاقتصاد.

ولعل من أنجح الخطط التي وضعتها وزارة الداخلية لتنفيذ هذا المشروع الابتكاري، هو أنها لم تتوقف عند تغيير بيئة السجن فقط، ولكنها خرجت منه لتعقد شراكات مع 23 جهة من القطاع العام و12 جهة تابعة للقطاع الخاص لتوفير فرص عمل للمستفيدين بعد الانتهاء من إتمام العقوبة البديلة، وكذلك شراكة مع جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لإمداد المستفيد بكافة المعلومات المتعلقة بريادة الأعمال.

وسنشهد بعد فترة ليست بالبعيدة نتائج واعدة لكوادر متميزة من المحكومين الذين دخلوا في برامج السجون المفتوحة والعقوبات البديلة، والذين يمتلكون قدرات تكنولوجية، في خدمة وطنهم الذي منحهم الفرصة الذهبية للتحول من الفشل إلى النجاح، وسيكون هناك عائد اقتصادي كبير للمملكة عندما نستغل هذه المواهب في مجالات مثل الأمن السيبراني وقواعد البيانات وحماية الحسابات البنكية للمواطنين والكثير الذي ربما لن نستطيع رصد عوائده في أرقام، إلا أنها سترفع من مستوى البحرين عالمياً في علوم أمن المستقبل.