لا أعلم لماذا يصرّ بعض ممثلي الشعب لمجلس النواب والمجالس البلدية على تقديم أفكار ومقترحات غريبة وغير منطقية تجعلهم تحت مرمى سهام النقد، فالمواطن بات يشعر بالأسى والحزن من أداء بعض الذين افترض فيهم القدرة على التعبير عن طموحاتهم، والقدرة على تطويع ما بين أيديهم من أدوات دستورية وقانونية والتعاون مع الحكومة الموقرة، من أجل حياة أكثر طمأنينة وراحة واستقرار.

فلم نكد ننتهي من حالة السخرية المجتمعية من أفكار بعض النواب عن بناء فنادق وجسور فوق القبور وغيرها، حتى نجد تصريحاً لأحد السادة البلديين بأنه سيخاطب وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية لاقتطاع جزء من مدرسة حفصة الابتدائية للبنات بمجمع 814 في مدينة عيسى، والأغرب من مجرد التفكير في اقتطاع جزء من حرم مدرسة هو السبب وراء ذلك، إذ إنه يأتي من أجل «داعوس»!.. إي نعم، حيث يلاصق سور المدرسة ممر ضيق معروف باسم «داعوس من سبق لبق» يعرفه الجميع في منطقة مدينة عيسى.

الغريب في المسألة، هو أن العضو البلدي، والذي نقدره ونحترمه على المستوى الشخصي، بدلاً من أن يناقش أثر «الداعوس» على حركة المرور، والسلبيات الناشئة عنه في خلق زحام خانق يتسبب في بعض الأحيان إلى مشاجرات على أولوية المرور داخله، وبدلاً من أن يدعو إلى إيجاد حل للطرق والشوارع الداخلية في المنطقة، نجد العضو يتجه إلى المطالبة بتوسعته باقتطاع جزء من حرم مدرسة، فهل هذا يُعقل؟! وبالنظر إلى الشارع أعتقد التوسع في الداعوس سوف يسبب مشاكل أكبر للمنطقة.

إن قانون البلديات والمجلس البلدي ينص في إحدى فقرات المادة «19» على أن المجلس البلدي يختص «باقـتراح المشروعات ذات الطابع المحلي التي تدخل في نطاقها والمتعلقة بالمياه والطرق والمتـنزهات والصرف الصحي والإنارة وإقامة المدارس والمساكن والمراكز الصحية ومواقـف السيارات وغيرها من المنافــع والخدمات العامة والمشروعات التي تهم المواطنين»، فهل هذه الفكرة تتوافق وأحكام هذا القانون، والذي يضع بين مسؤوليات البلديين اقتراح إقامة المدارس وليس الاقتطاع منها؟

نحن لا نتصيد للسادة النواب والبلديين الأخطاء والهنّات، وبالتأكيد فإن نواياهم طيبة وغاياتهم نبيلة، لكننا في ذات الوقت نتمنى منهم أن يتريثوا قليلًا قبل تقديم المقترحات، وأن يتواصلوا مع أبناء دوائرهم قبل مجرد التفكير في أي تحرك أو مبادرة، وأن يتم خلال هذا التواصل تحديد قائمة الأولويات والمشروعات المطلوبة، ومن ثم التنسيق مع النواب والحكومة لتحقيقها.

إننا نحتاج من مجالسنا البلدية بذل مزيد من الجهود والمتابعة مستمرة لحالة الطرقات والشوارع ومختلف المرافق البلدية، ومن ثم عرضها داخل المجلس البلدي وأمانة العاصمة وتدارس الحلول الكفيلة بتنفيذها، فالجميع يتحمل هذه الأمانة أمام الله عز وجل وسوف يسأل عنها يوم القيامة.. حفظ الله مملكة البحرين وأدام عليها وشعبها الأمن والاستقرار.