في تشخيص حالة المملكة العربية السعودية بتحالفاتها الجديدة التي تبنى على المصالح العليا لها، هي مسألة في غاية الحساسية لدى الحلفاء الغربيين لأنهم غير معتادين على أن تكون خطوات الرياض بهذه الجرأة العالية في اتخاذ خطوات مصيرية ومنها الاتفاق مع إيران.

المسألة تتمحور في أن السعودية أرادت أن يكون لها حضور بمقدار ما تملكه من قدرات وتأثير على المجتمع الدولي، فالنفط والنفوذ هي أدوات عملت عليها خلال السنوات الماضية وأنها أمام عمل ضخم في تحقيق رؤيتها 2030، والتي لم يتبق منها سوى 7 سنوات، وبالتالي فإن التحدي هو إنجاز المهمة على أكمل وجه، وهذا ما يطمح له ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.

ومن الخطوات التي تفاجأ بها الكثيرون هي سعي الرياض لعودة سوريا إلى الحضن العربي من خلال بوابة المملكة العربية السعودية وأن تكون دمشق ضمن كيان جامعة الدول العربية، وسط معارضة من عدد من الدول العربية وهذا ما كشفت عنه وول ستريت جورنال، غير أن عودة سوريا ونظام بشار الأسد ستكون حتمية للوصول للغاية الأكبر وهي استقرار المحيط الجيوسياسي للسعودية بأي شكل من الأشكال. أما النقطة المهمة والتي ستسعى لها السعودية في الهدف الأكبر هو إيجاد صيغة توافقية لحل القضية الفلسطينية وقد عملت الرياض لتجميع الفصائل الفلسطينية في جدة مع نهاية شهر رمضان والتي واكبت تحركاً آخر منبثقاً من بكين حول وساطة صينية لإيجاد اتفاق فلسطيني إسرائيلي لتهدئة الأجواء في منطقة القدس الشريف.

إذاً جميع مسارات السعودية تدار بطريقة واضحة بعيدة كل البعد عن إدارة البيت الأبيض، ولكن تمثل تلك المسارات خطوة نحو استقرار شامل بالشرق الأوسط وهو الهدف الرئيس للتنمية والرؤية التي تطمح لها السعودية، ولكن في مرحلة ما، فإن الرياض ستتجه مباشرة إلى المهمة الأكبر وهي إقامة اتفاقية سلام بين السعودية وإسرائيل وهذا لن يحدث من دون نجاح مهمة الصين في تحقيق التوافق الفلسطيني الإسرائيلي، وهذا سيكون صادماً للساسة بشكل كبير.

خلاصة الموضوع، خريطة الاستقرار الجيوسياسي للمملكة العربية السعودية بدأت تتضح شيئاً فشيئاً فهي تسعى لتكون متصالحة مع جميع الأطراف وأن تكسب جيرانها بغض النظر عن عقيدتهم أو عرقهم، لأن في النهاية هناك مصالح مشتركة وإنجاز المهمة الأكبر وهي صعود الرياض إلى أن تكون اللاعب رقم 1 على مستوى الشرق الأوسط، وهذا يتطلب مجموعة من الخطوات الجريئة مع بعض التنازلات وسيتفاجأ العالم بذلك قريباً.