مشاكل المجمع العسكري الأمريكي بدأت تتضح شيئاً فشيئاً، وبحسب صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية التي نشرت تقارير تفيد بنقص حاد بمصانع الأسلحة والذخيرة والتي جاء سببها عدم دعم تلك المصانع سابقاً بعد قرارات الرئيس السابق باراك أوباما والتي تسبب بانخفاضها إلى خمسة مصانع حتى أصبحت لا تواكب احتياجات الجيش الأمريكي ولا دول الحلفاء حيث تكمن الآن الإشكالية الحقيقية في المواد الأساسية لعمل تلك المصانع والتي يتم استيرادها من قبل الصين حالياً وكانت بالسابق روسيا قبل فرض العقوبات.

فالعملية لا تقف عند هذا الحد، فإن السياسة الأمريكية تجاه الصين كشفت بمدى الترابط الاستراتيجي بين الدولتين فالسفير نيكولاس بيرنز قال إن «الإدارة الأمريكية لا تسعى للانفصال عن الصين بل من أجل إزالة المخاطر»، كما أن زميله وهو كبير مستشاري البيت الأبيض للابتكار جون بوديستا قال إن «الصين دولة لديها القدرة على التأثير على سلاسل التوريد المتعلقة بأعمال المعادن وتكرير غالبية النيكل والنحاس والموارد الأخرى فهي تجعل قرارات الإدارة الأمريكية رهينة لها».

فالواقع يتضح بأن الإدارة الأمريكية لا يمكنها بأن تتحرك من دون أن تضع في حسبانها بأن اللاعب الرئيس والمغذي لمصانعها العسكرية هي الصين، فالتصريحات التي يطلقها الرئيس جو بايدن ما هي إلا تصريحات للاستهلاك الإعلامي والواقع يختلف بتاتاً.

فقبول الولايات المتحدة الأمريكية بأن تكون الصين محوراً شرقياً ليس من باب الصدفة فهي قادرة على السيطرة على مفاصل الدولة الأمريكية من دون أي نقاش، فمهما تحركت واشنطن بأن تكون منفصلة عن بكين فهي تحتاج بوجهة نظري إلى ١٠٠ عام لكي تستقل عنها ولن تستطيع ذلك بسبب عدم توافر المواد الأساسية للصناعات العسكرية أو التقنية بشكل عام.

الخلاصة، أن الواقعية تقول إن أمريكا لا يمكنها النهوض من دون الصين وبنفس الوقت فإن الصين بمصانعها وبمخرجاتها لا يمكنها العيش من دون الفوضى الخلاقة التي تصنعها واشنطن بمعنى أن الدولتين وضعا صورة لدى الرأي العام الدولي بأنهم أعداء كجزء من فرض السطوة وهي خلق عدو لتوحيد الجبهة الداخلية وفي الحقيقة هما يكملان الآخر ولا يمكنهما الانفصال عن بعضهما في الغرف المغلقة.