إني أؤمن بأن كل ملتقى أو مؤتمر تحضره قد تنسى جزءاً من تفاصيل أعماله ومحتواه مع مرور الأعوام، لكن ما يبقى راسخاً في ذاكرتك ولا يُمحى هي الذكريات والمواقف مع الأشخاص والأماكن والمواقع حيث تبقى كعلامة داخل روحك، وذلك ما لامسناه شخصياً ونحن نحضر مؤخراً ملتقى الاتحاد العربي للإعلام السياحي في نسخته الخامسة عشرة في جمهورية مصر الشقيقة وتحديداً في كل من القاهرة وشرم الشيخ.

إلى جانب فعاليات الملتقى الذي عُقد في القاهرة واختُتم في شرم الشيخ بتوزيع جوائز الإعلام السياحي كان لافتاً مدى الإمكانيات الهائلة فيما يخص القوى العاملة المصرية التي كانت تعمل على قدم وساق لإنجاح هذا الملتقى الإقليمي الكبير في وقت قياسي وخدمة الوفود الحاضرين لأكثر من 16 دولة عربية بمعدل أكثر من 200 إعلامي إلى جانب النُخب والوزراء وأساتذة الجامعة الحاضرين، وهذا المشهد ساقنا لمعرفة أن ما طالعناه عن قرب هو جزء بسيط وصورة مصغرة من الجهود التي تتم في استضافة العديد من أكبر المؤتمرات الدولية العالمية على أرض مصر إلى جانب التحركات التي تتم لافتتاح عدد من المشاريع الضخمة التي تخدم بالتأكيد المنطقة العربية وتُسوّق لمنجزاتها، فهناك ما شاء الله خلية عمل مصرية تتحرك من خلال هيئة التنشيط السياحي ووزارة السياحة والآثار المصرية لأجل مواصلة البناء التنموي للنهوض بمصر سياحياً واقتصادياً وجعلها قبلة لتنظيم المؤتمرات والملتقيات الإقليمية والدولية.

فمن يزور مصر بالتأكيد ستكون له فكرة إيجابية عن منطقة المغرب العربي والدول الأفريقية من جانب، ومن الجانب الآخر بلاشك أنه سيتحرك فيه الفضول وحب المعرفة والاستكشاف لديه للتعرف أكثر على معالم وآثار الدول العربية الأخرى سواء الشقيقة أو المجاورة.

ولا ننسى أن هناك ارتباطاً تاريخياً بين مصر ودول الخليج العربي ودول المشرق العربي، وهذا في حد ذاته تسويق سياحي واستثماري واقتصادي بالذات لرؤوس الأموال والتجار الذين يزورون مصر للاستجمام والسياحة، فتنمية قطاع السياحة في مصر بالتأكيد له انعكاساته على المنطقة العربية ككل ولا نغفل هنا أن البشاشة وخفة الدم والكاريزما التي يظهر بها المواطن المصري تلعب دوراً أساسياً كذلك في خدمة قطاع السياحة، فنجاح التسويق السياحي يعتمد في الأساس عند السياح والزوار لتكرار التجربة واستمرار الزيارات وامتلاك العقارات والبيوت والشقق على طبيعة شعب الدولة نفسه، وهنا يفوز المصريون بأنهم من أكثر الشعوب العربية انفتاحاً وسماحة وتعاوناً وخدمة ومن أفضل من يروج للثقافة المصرية والعربية، فمصر بمدنها ومناطقها دولة لا تنام وفي كل ركن وموقع حيوي فيها حكاية وقصة، وهناك العديد من الفعاليات والأنشطة وحتى المناظر والثقافات والفنون الجميلة التي تجعل السائح يشعر بالاستجمام والاندماج في الأجواء المصرية، سواء تلك المتحضرة والثقافية أو حتى الشعبية البسيطة، وهو ما يعكس أن هناك خيارات عديدة لكافة فئات وشرائح السياح والزوار من مختلف الأعمار، فمن ينشد البساطة سيتحصل عليها بالتأكيد في شوارع القاهرة والإسكندرية والمناطق المحيطة ومن ينشد الأماكن الراقية والرفيعة المستوى أيضاً سيتحصل عليها أيضاً في القاهرة والغردقة وعين السخنة وشرم الشيخ والمواقع السياحية التي تعزز مفهوم السياحة الداخلية، وكل هذا يعد من ضمن الأسباب العديدة التي تدخل في موضوع أسباب نجاح الملتقى العربي السنوي للإعلام السياحي المنظم في مصر سنوياً وفتح آفاق التعاون والشراكات العربية مع مصر، فهذه الملتقيات منحت الفرصة للوفود الحاضرة لمطالعة جمال الثقافة المصرية والتعرف على المصريين كشعب طيب وجميل.

إحساس عابر

يحق لي القول إنني محظوظة جداً بكمية المحبة والحفاوة والكرم والضيافة التي لامستها في شعب مصر الشقيق واستشعار أننا فعلاً أمة عربية واحدة، لقد كنت أفرح وأنا أستمع لكلمات المحبة الأخوية الصادقة عندما يذكر اسم مملكة البحرين أمامهم أو يعرفون أنني أتبع الوفد البحريني المشارك بالملتقى، لقد لامست من خلال صديقتي العزيزة المخرجة المبدعة نورهان البيلي والمذيعة المتألقة ريم الشافعي الكرم وحسن الضيافة وبشاشة المرأة المصرية وثقافتها العالية وتحضرها ورقيها، وعرفت من خلال الزميل العزيز خالد خليل نائب رئيس المركز العربي للإعلام السياحي «ابن الصعيد الشهم» «الجدعنة» والشيم والأخلاق المصرية النبيلة، وعرفت من خلال الزميل مصطفى عبدالمنعم ومؤسس الاتحاد العربي للإعلام السياحي الطيب والثقافة والأسلوب الراقي للمصريين وأبناء أسوان الكرام، وعرفت من خلال الدكتورة لمياء محمود الأمين العام رئيسة اللجنة الدائمة للإذاعة باتحاد إذاعات الدول العربية العبقرية والذكاء المصري وقدرات الإعلامية المصرية، ومن خلال المذيع الكبير عبدالرحمن بسيوني الحفاوة والكرم والطيب والسماحة، وأستاذي العزيز مجدي سليم وكيل وزارة السياحة الأسبق المحبة والتقدير للخليجيين وروح الوحدة العربية، والكثير من الأصدقاء والصديقات المصريين الذين تركوا في الروح بصمة من الذكريات والكلمات والمواقف حسنة العشرة التي لا تنسى.