اخضرت البحرين هذه الأيام بالكثير من المحبة والمشاعر الأخوية الصادقة تجاه المملكة العربية السعودية بمناسبة اليوم الوطني السعودي الذي حمل شعار «نحلم ونحقق»، وكانت الاحتفالات هذه السنة الملاحظ فيها أنها شملت العديد من المدارس والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني، بالذات المراكز الثقافية، لكن الملاحظ أكثر أن العديد من المواطنين والمقيمين حرصوا على ارتداء الملابس الخضراء كرسالة حب صادقة بأن أعياد السعودية هي أعياد البحرين.

لو استعرضنا التاريخ الذي يربطنا بالشقيقة السعودية لوجدنا أننا لا نستطيع أن نوفيه حقه، فما يربطنا مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية ليس مجرد جسر محبة ممتداً على خارطة العالم كحبل سري بين السعودية والبحرين، إنما جذور تاريخية ممتدة منذ مئات السنين، إرثنا الحضاري والثقافي يحوي العديد من الشواهد بين أرضنا البحرينية وأرض السعودية، معالمنا التراثية متقاربة والمكون الاجتماعي والثقافي والتاريخي متداخل، قيادتنا الوائلية تعتبر «عيال عمومة» مع قيادتهم، وشعبنا ممتد منهم وفيهم، ولنا امتدادات عائلية وأواصر نسب بيننا وبينهم، وكثير من العوائل البحرينية التي لها امتدادات في الداخل السعودي تحمل الجنسية المزدوجة، هويتنا الخليجية وقوميتنا العربية واحدة وسياساتنا الخارجية والقومية واحدة ومشتركة، فإن كان هناك جسر واحد يربطنا بالسعودية الشقيقة الكبرى جغرافيا فهناك جسور تاريخية عريقة عديدة تربطنا بهم على خارطة التاريخ العربي وخير شاهد على متانة العلاقات الأخوية معهم، فنحن والسعودية مملكتان من التاريخ المشترك.

ومن المواقف التاريخية التي تكتب بماء الذهب في التاريخ الخليجي والعلاقات الأخوية والتي لابد أن نستحضرها مع كل مناسبة سعودية نحتفي فيها كبحرينيين الكلمة التاريخية الشهيرة لملك السعودية الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، وطيب الله ثراه، عندما قال «البحرين بنتي الصغيرة» خلال أصعب المحطات التي مرت بنا في عام 2011، حين أمر بدخول قوات درع الجزيرة لمواجهة تدخلات إيران في البحرين، وهذه الكلمة التاريخية لن ينساها البحرينيون ولن ينسوا هذا الموقف السعودي البطولي المشرف في دعم أمن واستقرار مملكة البحرين، وستظل مواقفه المشرّفة وتحركاته الدبلوماسية والسياسية محفورة دائماً في الذاكرة البحرينية، كما لا ننسى وزير خارجية السعودية وقتها الأمير سعود الفيصل رحمه الله حينما أغلق الهاتف في وجه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون بعد طلبها من السعودية عدم إرسال قوات درع الجزيرة إلى مملكة البحرين في عام 2011، وفي عام 2016 وجه جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه بتسمية أحد شوارع البحرين باسم المغفور له بإذنه الأمير سعود الفيصل رحمه الله، وهذا التوجيه الملكي السامي يمثل رسالة شكر وتقدير باسم شعب البحرين لهذه الشخصية السعودية العريقة التي توصف بالحكمة في عالم السياسة والدبلوماسية.

السعودية كانت دائماً نعم الجار ونعم الشقيق للبحرين في العديد من المحطات الهامة والمصيرية، ولكن التاريخ الحديث لابد أن يستحضر كذلك ويوثق أن من أعظم قصص الأخوة بيننا كبحرينيين وبين أهل السعودية الأوفياء والتي تدرج كحقائق تاريخية هامة في تاريخ المنطقة العربية وهذا العصر الإلكتروني، الدور الإيجابي الكبير الذي لعبه مغردو ومغردات السعودية الكرام في الدفاع عن شرعية وعروبة مملكة البحرين وإبراز قضاياها على مواقع التواصل الاجتماعي، لقد دافعوا عن البحرين في كافة الميادين الدفاعية والإلكترونية التي تستوجب تأكيد ودعم قضايا البحرين، وبالذات في حربها على الإرهاب، والضرب بيد من حديد تجاه العصابات الإرهابية التي أرادت مخططات الفوضى والتدمير، وتثبيت موقفها القومي أنها مملكة خليفية خليجية عربية، فما يربطنا مع أشقائنا في السعودية تاريخ يكتب بماء من الذهب، وكواقع الدم في الجسم أحمر والعرق أخضر.

إحساس عابر

من المباهج الاحتفالية الجميلة التي تمت خلال فعاليات اليوم الوطني السعودي في مملكة البحرين مبادرة عضو مجلس بلدي المحرق أحمد المقهوي بالنزول الميداني إلى مجمع سيف المحرق لتوزيع الهدايا التذكارية التي تحمل شعار السعودية على رواد المجمع، وبالذات العوائل السعودية، بالإضافة إلى مبادرة قيام وفد من مجلس جاسم أحمد بوطبنية بالتوجه إلى المنطقة الشرقية في السعودية للاحتفال مع الأهالي هناك وبطريقة بحرينية سعودية، حيث نظم الوفد النسائي للمجلس فقرة فلكورية تراثية بطريقة جميلة ومبتكرة ولافتة، إلى جانب تنظيم العرضة البحرينية والعديد من المباهج البحرينية الأصيلة. أدام الله أفراحنا البحرينية السعودية.