مدينة المحرق بتاريخها العريق المتجذر منذ القدم هي مدينة العلم؛ حيث تعتبر واحدة من أقدم المدن في مملكة البحرين، وتتميز بثقافة أهلها الغنية بالفكر والإبداع، وذلك لأنها تحتضن العديد من المعالم التاريخية التي تجسد المراحل المختلفة من التطور الذي حدث لمملكة البحرين عبر العصور. تعود جذور التاريخ إلى العصور القديمة حيث سكنها الكثير من الثقافات والتي كان نتاجها التطور الفكري لدى أهلها الأوائل منذ بدايتها إلى اليوم، ومنها بدأت مراحل التطور في تلك المدينة التي إن استطعنا أن نكنيها بالمدينة الفاضلة التي ذكرها أفلاطون لتصبح مركزاً رئيسياً للتجارة والثقافة في المنطقة بأسرها، كما تعد مدينة المحرق مسكناً ومنزلاً للعديد من الآثار القديمة ومبانيها التاريخية ومساجدها الأثرية الشهيرة، وكانت في الماضي مركزاً تجارياً مهماً ومركزاً لصناعة اللؤلؤ من حيث صيده والتجارة فيه لما للؤلؤ البحريني من صيت وشهرة، وهذه الصناعة جعلت لتجار البحرين مكانة في الشرق «الهند» والغرب، كما تشتهر هذه المدينة المتأصلة جذورها بمناظرها الجميلة وعمارتها التقليدية العريقة. كما أنها ما زالت إلى اليوم واحدة من أهم المدن السياحية في مملكة البحرين، كما أنها أيضاً تضم العديد من المتاحف والقصور التاريخية التي تعكس تراثها العريق والتي تروي قصص الماضي الزاهر، ومن بينها قصر الشيخ عيسى بن علي «قصر عيسى الكبير» بيت الحكم الذي يقع في فريج الشيوخ، حيث عقد فيه الكثير من الاجتماعات وزاره العديد من الرؤساء والزعماء والتجار العالميين والأعيان، وحلت وربطت فيه الكثير من الأمور آنذاك.

ومن الجوانب التي تثير الإعجاب أكثر بالمحرق دورها الثقافي البارز في مجال التربية والتعليم، حيث إنها احتضنت أول صرح تعليمي على مستوى المنطقة والخليج العربي، وهو مدرسة الهداية الخليفية، وكان ذلك في عام 1919م، وجاءت فكرة تلك المدرسة من أمهات أفكار أهلها وحكامها الذين تنادوا آنذاك وهم أصحاب رأي وفكر سابق لأوانه، ومنها بدأ التطور في ازدياد شيئاً فشيئاً حتى وصلت إلى ما وصلت إليه هذه المدينة. وهي تحتضن مطار البحرين الدولي وميناء خليفة بن سلمان والشركة العربية لبناء وإصلاح السفن، وكذلك العديد من المشاريع، منها مستشفى الملك حمد والكلية الملكية للجراحين «جامعة البحرين الطبية» والمتفرع منها المراكز البحثية والكليات الجامعية والصروح الرياضية والمراكز الثقافية التي تعزز من الابتكار والتطور في مختلف المجالات، حتى أضحت مدينة مخضرمة تجمع بين الماضي والحاضر بقديمه وجديده المتطور، كما تشتهر المدينة بمناظرها الجميلة والخلابة وبحرها الجميل وعمارتها التقليدية العريقة، كما تعتبر مدينة المحرق اليوم واحدة من أهم المدن السياحية في البحرين التي يرتادها الكثير من السياح.

وتعكس رؤية سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، حيث جاء ذلك في كلمته بافتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي السادس لمجلسي الشورى والنواب بحضور سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، حيث تشرفت المحرق وأهلها بالتوجيهات السامية لسيدي جلالة الملك المعظم التي أمر من خلالها بوضع خطة إستراتيجية حول المحافظة على الهوية التاريخية والثقافية ومباني المحرق ومدن البحرين وقراها، وكذلك العمل على إحياء قصر عيسى الكبير الذي سيخصص كأحد المقار الرئيسة لمقار الحكم، كما يتطلع جلالته إلى عودة أهل المحرق إلى أرضهم الأم، لذا يمكن القول بثقة إن مدينة المحرق تعد مدينة عريقة بتاريخها العميق وثقافتها المتنوعة، وفي الوقت نفسه تعتبر مدينة العلم والابتكار في مملكة البحرين، وبهذا التوجيه الذي نعتبره نحن أهل المحرق بمثابة وسام على صدورنا، شكراً جزيلاً سيدي على هذا التكريم، والشكر موصول لسيدي سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء على الزيارة الكريمة التي تشرفت بها المحرق، وستبقى المحرق المدرسة الوطنية لكل العصور.

* مستشار

[email protected]