مازلت أنظر إلى تلك «الحكاية» التي انطلقت من مبادرة مجتمعية جميلة من المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، على أنها «حكاية أيام الحياة» وحكاية كل مُكافح ومُنجز في أيام عمره، وحكاية كل شغوف في عمل الخير، فلم تعد أيام الحياة أياماً عادية بقدر ما هي أيام عطاء وإنجاز ومُبادرات مؤثرة، وأيام كفاح وإلهام حياتي، وأيام أثر جميل نتركه ليمتد أثره إلى أجيال مُتعاقبة ستتحدث عنها يوماً ما، وستتحدث عن إنجازات نفخر بها في سياق «حكايتي». نعم حكايتي التي أعتز بها لأرويها لكل من أحب، وأرويها للكون كله ولوطني الذي أعتز بأنه الأرض التي نشأت عليها وترعرعت في ضفافها، وأستنشق عبير عطائها. وطني الذي هو امتداد «لحكايتي» التي بدأت منذ أن خرجت إلى هذه الدنيا حتى أكون أو لا أكون. اليوم هي حكاية أفخر بها، وأفخر بأن أتحدث عن أثرها في كل حين، وأسترسل في سطورها لأكون أثراً جميلاً في عطاء «اللحظات».

فكرة «حكايتي» فكرة امتد أثرها لسنوات طويلة، في محطة جمعتني مع زملاء «الأثر» في محطة عملي الإنسانية، فطلبت من كل واحد أن يكتب «حكايته» ليوثقها في سطور مختصرة تحكي «سيرته الذاتية» بإبداع خارج إطار المعتاد. بالفعل وجدت حينها إبداعاً يفوق التصور الذي وضعته في مخيلتي، فقد استرسل كل واحد ليقص أحاديث نفسه، وأحاديث حياته ومواقف الأيام وإنجازاته، ليرويها بامتياز في «حكايته» التي يعتز بأن يكون هو بطلها. هنا يكمن النجاح بأن تستطيع أن تفخر بإنجازاتك وأنت تتحدث عن ذاتك التي غفلت عنها لسنوات طويلة، وتتحدث عن حياة عطاء نُسيت في فترة ما، وتتحدث عن كون فسيح فيه مساحات شاسعة تقدم فيها الخير وتنشر الأثر بلا توقف. «حكايتي» إنما هي أيام «سعادة» تكفي لكي نعيش بأثر عطاءاتنا المختلفة، فلا ينبغي أن يظل المرء اليوم حبيس أحزان الحياة، ولا حبيس تخبطات الأيام، فذاتك اليوم هي التي تدفعك لتكون «طاقة متجددة من العطاء الإيجابي»، وتحوّل المحنة إلى منحة، وتنتج لكي تكون الأثر السعيد في حياة الآخرين، ولا تظل مُتباكياً على اللبن المسكوب، وتعيش في ظلام الإحباطات والأحداث المؤلمة، فإنما أنت حينها تقضي على أي سعادة أو تفاعل أو نظرات إيجابية مُتعقلة للقادم الجميل.

«حكايتي» اليوم تمتزج مع حكايات أحباب لي في أسرتي الصغيرة وعائلتي الكبيرة، وأحباب قلبي من زملاء الأثر الجميل، ومن أحباب أحسبهم من أهلي فما زلت أتواصل معهم لنروي معاً ذكريات «حكايات جميلة في سابق الأيام» كانت بالنسبة لنا أثراً ممتداً في التربية والعطاء الوطني والحياتي. حكايتي تمتزج مع مشاعرهم التي تُروى لكي يتحدثوا عن إلهامهم مهما كان صغيراً. حكايتي تروي عطاء الأثر «المدفون» أحياناً لأيام مضت، وعن أثر جميل كنا قد ترددنا كثيراً ليكون صورة مرئية أمام الآخرين بحجج واهية! اليوم يحق لأبطال «حكايتي» أن يمدوا أياديهم معي فخراً وانتصاراً على نفس ترددت كثيراً وجاءت اليوم لتلهم الحياة بعطائها الجميل وأثرها الملهم للنفوس، فتبرز كل صغيرة وكبيرة في مساحات الحياة لإيمانها العميق بأن تصنع «مبادرات جديدة» لجمهور أكبر ولمساحات أوسع في حياة البشرية جمعاء. فالحكاية ليست صغيرة تتردد بأن تنشر سطورها، أو أن تكون في مساحات ضيقة، بل هي إطار واسع لإنسانية الحياة كلها، ومنها تكون «سعادة الحياة».

الجميل في «حكايتي» أننا أحيينا همم العطاء من جديد لأناس ترددوا كثيراً ليكونوا قامات خير في المجتمع، وأحيينا إلهامات سطور جميلة لأفراد تحدوا الصعاب، وظلت روايات حكايتهم مخفية في حقائبهم المهمشة! فقد بادلونا «بحب وسعادة» قصصهم وبادلونا العطاء، واستطعنا أن نضع النقاط فوق الحروف ونضع حداً فاصلاً لشخوص «نرجسيين» مازالوا يقفون حجر عثرة في طريق نجاحاتنا في أصداء حكايتنا السعيدة. استطعنا أن نقول «لا» لكل حجر عثرة ولكل فرد مازال يترنح في مسيرنا، لأننا على يقين بأننا وصلنا إلى محطة إنجاز حقيقية في «حكايتي» وفي أجواء يومنا الوطني الجميل، وعلى مشارف سنة جديدة من أعمارنا، بدأنا من جديد حكاية جديدة.

ومضة أمل

تهانينا المُعطرة بالمحبة والتقدير والعطاء لوطننا الحبيب ولمليكنا المعظم ولولي عهدنا رئيس مجلس الوزراء الموقر وللأسرة المالكة ولشعبنا الحبيب، فأنتم أجمل رموز «حكايتي» التي أرويها كل يوم لطاقة الحياة. تهانينا لكم بمناسبة ذكرى يومنا الوطني المجيد، أعاده المولى علينا باليمن والسعادة والخير والبركات والأمن والأمان.