رغم أنني حاولت تجنب الحديث هذا الأسبوع عما يدور تحت قبة البرلمان، إلا أن بعض السادة أعضاء المجلس أجبروني على تناول ما يطرحونه، وربما من سوء حظهم، أنني أكتب مقالي مساء الثلاثاء، أي بعد انعقاد الجلسة.

شاهدت مقترحات بقوانين مقدمة من بعض أعضاء المجلس، وعندما قرأت تفاصيلها واطلعت عليها، وجدت أنها غير مدروسة تماماً، ولم تتم دراسة آثارها سواء السلبية أو الإيجابية بشكل كافٍ، وتم النظر لها من زاوية ضيقة جداً جداً، لا ترقى لأن تكون تشريعاً.

أول موضوع يختص بفرض ضريبة على تحويلات الأجانب إلى خارج البحرين، لزيادة إيرادات الدولة، وتقليل الأموال الخارجة من البلد.. العنوان جاذب ويبين وكأنما هو في صالح الوطن، ولكن التطبيق -في حال إقراره بعد صدوره كمشروع بقانون- لن يكون كذلك.

أودّ أن ألفت عناية السادة النواب، إلى أن مثل هذا القرار له تبعات سلبية، وأنا هنا لا أتحدث عن هروب المستثمرين أو تقليل الأموال الداخلة للبحرين، ولكن عن مشكلة أخرى شاهدتها في دول عدة حول العالم.

هناك دول بالفعل، تفرض ضرائب على تحويلات الأموال منها، ولكن هذه القوانين تسببت بخلق سوق سوداء لتحويل الأموال خارج أعين الرقابة، ولا أتوقع أن بعض السادة النواب يريدون خلق سوق سوداء في البحرين.

هذه السوق السوداء إن حدثت، ستكون نكبة كبيرة على الوطن، ولن نعرف حينها ما يخرج وما يدخل من أموال، وسيتبعها بكل تأكيد زيادة عمليات التهريب، وغسيل الأموال وغيرها، وحقيقة.. كل دول العالم سواء المتقدم أو العالم الثالث، لم تستطع القضاء على السوق السوداء لتحويل الأموال، وحينها سنخلق فئة جديدة خارجة عن القانون.

المقترح بقانون الآخر يتعلق بالألقاب، وتثبيتها وعدم جواز الطعن بها بعد مرور 5 أعوام.. وهذا المقترح لم تقدم وزارتا العدل والداخلية رأيها فيه.

هذا الموضوع حساس، وله تبعات سلبية وإيجابية، ولا يمكن تبسيطه إلى هذه الدرجة، فهو موضوع شائك ومعقد، ويتعلق بامتداد قبائل في دول الخليج وحتى بعض دول العالم العربي.

تبسيطه لهذه الدرجة، وحصره فقط في أن يكون حول الطعن باللقب لفترة معينة، دون أخذ رأي ومشورة الجهات المعنية، ووجهاء القبائل وعلماء الأنساب، واللجنة المختصة للألقاب والأنساب، وغيرها من المعنيين بالأمر، لمعرفة سلبيات المقترح وإيجابياته، ومدى تقبله من المعنيين، هو أمر بحد ذاته غير منطقي، ولا أعرف كيف تم تمريره، وكان الأجدر أن يكون مشروعاً متكاملاً بعد دراسة كافية مشفوعاً برأي الجميع.

مجدداً أقول للسادة النواب، فكروا دائماً خارج الصندوق، ولكن بمقترحات لا تخلق مشاكل غير موجودة، فنصبح كمن «يبي يكحلها وعماها»، وكل مقترح بقانون، يجب أن يُدرس دراسة شافية ووافية ومنطقية ومستوفية لكافة الشروط، وليس فقط «مش حالك».. أنا أعلم جيداً أن هذه المقترحات بقوانين ستذهب إلى الحكومة، وستعود على شكل مشروع بقانون مشفوعاً برأي الحكومة سواء وافقت أو تحفظت عليه.. ولكن دعونا لا نندم على اختيار البعض منكم.. أنتم قادة رأي، يجب أن تحسبوا حساباً لكل كلمة وكل مشروع وكل مقترح يصدر منكم، فهو يحرّك الشارع الذي ربما تغيب عنه العديد من التفاصيل، ويتفاعل معكم من باب العاطفة، أو قلة المعرفة فقط.