لن أكل ولن أمل في الحديث عن "مؤسستي الجميلة" التي أعتز بالانتماء إليها، وإن تكرر المقال والمقام في الحديث عن جزئيات صغيرة عنها، فهي في الواقع جزئيات مؤثرة لا يعرف قيمتها إلا من يعاشرها ويستمتع بأثرها الجميل. في كل سطور أخطها أستذكر مواقف إنسانية نبيلة، بل أعيش مُبادرات جميلة، وأتعرض فيها لمواقف إدارية عديدة، هي في الحقيقة واقع خبرة حياتية وإدارية أستمتع بأن أعرض قطوفها في دورات إدارية، ووسط أناس يفقهون معاني التميز والأثر الجميل. المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية هي حقبة جميلة في مسير حياتي، وهي أثر متجدد أستمتع به في كل لحظة وفي كل يوم أستنشق عبق "الإنسانية". اليوم أسميها بمؤسسة "حمد" الإنسانية، تخليداً لمن أمر بتأسيسها وأمر بأن تكون محضناً مربياً شامخاً في سماء الإنسانية، وهي اليوم تسير بأثر لامع وصدقة جارية محمودة أنجزت الكثير في عوالم الإنسانية. مؤسسة تحتضن الأرامل والأيتام وترعى شؤونهم، وتعين المحتاجين وتنفس كروبهم، وتمشي في حاجة الملهوفين، وتساعد الشباب ليشيدوا أسر الخير في مجتمع المحبة، وتساعد المرضى لكي يتنفسوا العافية وينعموا بحياة الأصحاء كما كانوا، وتوفر الأجهزة الطبية التي تعين الأطفال والكبار ليمارسوا حياتهم الطبيعية، وتقدم الدعم الأسري وتنمي المهارات الحياتية والقيادية لدى الأسر المكفولة، وتعطي دروساً حياتية في الصبر والكفاح والتحدي "بحكايات النجاج والإلهام" لأفراد بذلوا الصعاب للوصول إلى قمم التميز، وتسارع في أوقات قياسية في تقديم العون والسند وفقاً لتوجيهات "حمد الإنسان" لنصرة الشعوب التي تتعرض لويلات الحروب والكوارث، وتفتح ذراعيها لطلبة المدارس ليكونوا معها شركاء في الخير "بمبادرات" نوعية يعانقون فيها سحائب الأحلام، ويبرزوا مهاراتهم ليؤدوا دورهم في الحياة كما لو كانوا يعملون بين أروقة مكاتبها.

أسسها "حمد الخير" لترتقي اليوم إلى مصاف العالمية الإنسانية، ولتؤدي دورها المنشود في خدمة أصغر فرد في المجتمع. مُبادرتها تتجدد في كل يوم، ولا تقف "الفكرة المُبدعة" عند حد الدراسة والتمحيص والدوران الممل، بل تنطلق في طريق إبداعها في خدمة الإنسانية. هكذا تعلّمنا من مدرسة "حمد الإنسانية" أسسنا في سنواتها الأولى منهج التعليم والأنشطة والكفالات والمساعدات والتربية الأسرية، ونواصل المنهج اليوم لنؤسس لمنهجيات مؤطرة بالعمل المؤسسي كاستراتيجية مُثمرة لمستقبلها بإذن الله تعالى. اليوم تتواصل المُبادرات المُلهمة، وتنطلق "مُبادرة إسعاد" لإسعاد أسر الأرمل والأيتام والفئات المحتاجة في تأثيث منازلها الجديدة تكاملاً وتظافراً للجهود المجتمعية في خدمة "المواطن البحريني". اليوم يحرص سعادة د. مصطفى السيد على زيارة أم مكفولة في المؤسسة، ليحتفل معها في منزلها بفرحتها بتأثيث منزلها الذي حصلت عليه مؤخراً ولم تستطع أن تسكن فيه لظروف الحياة المعيشية. هذه الزيارة وهذا التقدير وهذه المنهجية هي أطر أساسية في عمل المؤسسة تحرص من خلالها على أن تكون قريبة من القلوب، وهي رسالة من "حمد الإنسان" و"ناصر الخير" من أجل أن تكون المؤسسة القلب النابض "بالإنسانية" في مجتمع البحرين.

نفخر بمؤسسة تزخر بالكفاءات التي تعمل "بحُب" من أجل إنسانية الأثر الجميل. فهذه زيارة تقوم بها موظفات المؤسسة لطفلة صغيرة حرصت المؤسسة على إعادة الأمل إلى حياتها وحياة أسرتها بزراعة "القوقعة" لتسمع أصوات الحياة الجميلة. فرحت الطفلة بهذه الزيارة وأهدت سمو الشيخ ناصر كلمات جميلة: "أجريت لي عملية زراعة القوقعة حتى أستطيع أن أسمع. ولديّ أمنية بأن أراك لأشكرك على ما قدمتموه لي". وهناك من الموظفات المُخلصات اللاتي يعملن "بصمت" من أجل جودة جزئيات صغيرة من أجل "إسعاد" الأسر، وهن في المقابل لا ينتظرن إلا ابتسامة تطل عليهن من أولئك المحرومين. مؤسسة تفخر بكفاءات حريصة على استثمار "ساعاتها الإنسانية" لتكون عوناً لكل محتاج.

تبقى مؤسسة "حمد الإنسانية" مؤسسة أثر جميل في بحرين العطاء، بما تقدمه وتسعى من أجله للمحافظة على كرامة العيش وإنسانية الحياة، تبقى مساعيها مُنيرة في حياة الآخرين، فهي تبذل وما زالت، وتعطي وما زالت، وفي جعبتها الكثير لتكون منارة إشعاع في المجتمع، وتمد يدها للجميع ليكونوا معها شركاء في صنع الأثر، شراكة نفخر بها جميعاً من أجل تقوية اللحمة المجتمعية، وتوحيد الجهود، فالجميع مسؤول في خدمة الوطن. شراكة بيت التمويل الكويتي في تركيب 71 مضخة أنسولين لمرضى السكر، وشراكة "مجوهرات عائشة" في دعم تركيب (ثلاث قوقعات) للإعاقة السمعية، ودعم كافٍ الإنسانية بالتبرع بست سيارات إسعاف لخدمة أهلنا في غزة، ودعم مجموعة الفطيم في توفير الحواسيب المحمولة لطلبة البعثات الدراسية بالمؤسسة. هي شراكة لا تقف عند حد.

ومضة أمل

هنيئاً لكل قلب صادق مُحب للخير ولصنع الأثر، أن يكون عاملاً مُخلصاً مُجداً في مساحات "حمد الإنسانية".