صادق الملك تشارلز يوم الخميس الماضي على مشروع القانون المعروف بـ"سلامة رواندا" الذي أعده ريشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا ليصبح بذلك قانوناً نافذاً. وبعد التصديق الملكي مباشرة أعلن سوناك عن تسيير رحلات جوية إلى رواندا الأفريقية تقل المهاجرين غير الشرعيين والذين ضاق بهم أغلب البريطانيين ذرعاً وسببوا قلقاً متزايداً للحكومات المتعاقبة.

وتشير الإحصائيات أن الإيرانيين كانوا يشكلون النسبة الأكبر من المهاجرين غير الشرعيين القادمين عبر القوارب إلى بريطانيا ما بين 2018 و2020 بعد ذلك أصبحت النسبة الأكبر للمهاجرين من أفغانستان وألبانيا والهند وتركيا وسوريا. وهؤلاء استطاعوا اختراق أوروبا بطريقة أو أخرى ومن ثم قرروا العبور إلى بريطانيا من حدود فرنسا عبر بحر المانش.

وفي إيطاليا سمحت حكومة جورجيا ميلوني بدخول 300 عامل من لبنان وساحل العاج و إثيوبيا من خلال برنامج "ممرات العمل" الذي تشرف عليه منظمة مسيحية خيرية والذي يضمن توفير عمل للأجانب من بلدانهم الأصلية وتدريبهم على مهارات العمل واللغة الإيطالية ومن ثم نقلهم إلى إيطاليا بطريقة شرعية. ويأتي ذلك في مقابل تشديد كبير تقوده الحكومة نفسها ويطال المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط قادمين من شمال أفريقيا ويطال أيضاً المنظمات الخيرية التي تتعاطف مع المهاجرين غير الشرعيين وتسهل دخولهم إلى إيطاليا بحجة حقوق الإنسان والمساواة بين البشر.

وقد ازدادت مصاعب إيطاليا التي تعتبر البوابة الأولى لهجرة الأفارقة الراغبين في دخول أوروبا بعد أن تدهورت الأوضاع الاقتصادية في تونس وعدم الاستقرار السياسي في ليبيا مما سبب تدفقاً كبيراً للمهاجرين أشبه بالفيضان البشري من هذين البلدين ومن المتسللين من بلدان إفريقيا أخرى اتخذوا هذين البلدين كمحطة للعبور إلى أوروبا الثرية بحثاً عن حياة أفضل. حيث صنفت حالة التدفق الكبير للمهاجرين هذه بالأزمة على مدى السنوات الماضية وهي كانت سبباً لوصول ميلوني لسدة الحكم بعد أن وعدت الناخبين باتباع سياسة متشددة تجاه الهجرة غير الشرعية.

والواقع يقول إن أوروبا البيضاء المسيحية تواجه حالياً غزواً مكثفاً من الهاربين من آسيا وأفريقيا في طريقه إلى أن يؤدي إلى أكبر تغير ديموغرافي تشهده في تاريخها وهو أمر ملموس يلحظه الزائر والمقيم مما يدفعها للإسراع في اتخاذ إجراءات صارمة تجاه اختراقات الأفواج البشرية التي تعاني منها حدودها البحرية. كما أن المرونة الكبيرة التي طالما تحلت بها أوروبا في قضايا حقوق الإنسان بدأت تتحول إلى تشدد وإلى عزل ورفض لما هو غير أبيض وغير مسيحي بدون التصريح العلني بذلك. وصحيح أن إيطاليا وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية بحاجة إلى أيدٍ عاملة رخيصة لكنها كدول استوعبت أنها لا تستطيع توطين الأعداد الكبيرة من المهاجرين خاصة الذين لا ينتمون إلى دينها وعرقها، فالتكلفة ستكون باهظة للغاية وعلى جميع الأصعدة.