"أنت أو لا أحد".. "أكون أو لا أكون".. "يا من تسكن الأعالي ما عهدتك يوماً ستنظر لمن هو ساكن أروقة المباني".

جملٌ وعبارات كثيرة متناثرة على أسوار المدائن وأروقة الشوارع وداخل محطات القطارات وغيرها، ميزتها أنها شاهرة ظاهرة للعيان منها الرزين ومنها القبيح قادرة أن تسرق انتباهك وتأخذ حيزاً من تفكيرك وتسأل نفسك؛ يا تُرى ماذا كان يجول في خاطر ونفس هذا الإنسان الذي أراد أن يعبّر عن مكنوناته على أنقاض جدار متكسر أو عامود كهرباء أو باب كراج متهالك دون قيد أو شرط، تماماً كالذي كتب يوماً "كلميني يا اللي إنت أحلى ما فيكي أنك زي ما إنت"!

جملٌ برغم عشوائيتها فلها قافية ووزن والكثير منها يُكتب بهدف مُعلن وغير رصين، فوجهات النظر متباينة حيال هذا النوع من الفنون حيث يصنفها البعض أدباً كونها أداة للتعبير ووسيلة للتفريج عن مكنونات الذات لأناس ضاقت بهم السبل في البوح والكلام، أما البعض الآخر لا يعتبرها إلا شخبطة غوغاء تجسد أعمالاً عبثية هدفها التخريب والتشويه، يجب وبدون شك أن يعاقب فاعلها في حال كانت بشكلها غير اللائق الجميل.

ومع هذا لا ننكر المبادرات الأكاديمية والثقافية والفنية التي قامت بتلوين وتجميل جدران المدارس سواء من الداخل أو الخارج لتترك لكل من الطلبة أو المارة رسائل إيجابية تبعث على حب الخير أو العلم أو احترام الآخر. أو تلك اللوحات التي تجسد صوراً لفنانين أو أناس ذي أثر طيب في حياتنا.

فبين الأدب وقلّة الأدب وجهتا نظر لا يلتقيان يفصلهما خط رفيع ألا وهو "الفن الهادف الجميل".

لذا رسالتي إلى جمعيات الفنون في مملكة البحرين هذه الجمعيات التي تزخر بأهل الفن والرسم والريشة والقلم بألا يبخلوا علينا بتنظيم الحملات الوطنية التي تسهم في تجميل شوارع المدن الداخلية أو المؤسسات الخاصة والحكومية بأسلوب عصري وراقٍ وحديث ذي نكهة شعبية تقليدية.