مراقبة الأرض من الفضاء، فكرة يتناقلها المختصون في علوم الفضاء، ويربطونها بمختلف مجالات الحياة، وهي فكرة تعكس أهمية رؤية الأشياء من الأعلى في محاولة اكتشاف المشهد الكامل على حقيقته، على عكس النظر من زاوية واحدة.. وهذه الفكرة واحدة من مجموعة من الأفكار التي طرحها منتدى الفضاء الدولي السادس الذي أقيم أمس الأول في مملكة البحرين ولأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء، وبدعم الاتحاد الدولي للملاحة الفضائية (IAF) ووكالة الفضاء الإيطالية (ISA) استضافت هذا الحدث العالمي الكبير وعملت على إنجاح أعماله، إذ حضر المنتدى أكثر من 120 مختصاً في مجال علوم الفضاء من مختلف دول العالم، ليعكس حقيقة جميلة مفادها أن دول الخليج باتت أقرب ما تكون لتبني سياسات وتنفيذ استراتيجيات واعدة في قطاع الفضاء، معولين على كوكبة من الشباب الخليجي المبدع.

اقتصاد الفضاء حسب التوقعات سينمو من 630 مليار دولار في عام 2023 إلى أكثر من 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2035، بمعدل نمو سنوي قدره 9%. وفي العام الماضي وصل النشاط الفضائي العالمي إلى مستويات قياسية جديدة مع أكثر من 200 مهمة فضائية ناجحة، وأيضاً وصلت الاستثمارات العالمية في مجال استكشاف الفضاء إلى حوالي 272 مليار دولار منذ عام 2013، وتقدر قيمة اقتصاد الفضاء في دول مجلس التعاون الخليجي بأكثر من 10 مليارات دولار، موزعة على مختلف القطاعات.

هذه الأرقام عرضها سعادة السيد جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي وهي أرقام تؤكد أهمية الاستثمار بشكل أكبر في علوم وتطبيقات وخدمات الفضاء، بالإضافة إلى الاستثمار في رأس المال البشري، لاسيما أن العمل في هذا القطاع هو عمل جماعي يجمع الدول على أهداف منها مراقبة البيئة وتغير المناخ ودعم مجالات مختلفة مثل الصحة والطاقة والزراعة والصناعة وغيرها.

تغيير النظرة الاعتيادية لعلوم المستقبل، والاهتمام بتحفيز الشباب على الانخراط في مثل هذه العلوم أمر حتمي، وقد كان لقاء كل من رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري ووزير شؤون الشباب سلطان النيادي من دولة الإمارات العربية المتحدة بجامعة البحرين فرصة مواتية لنقل التجارب اللامعة للشباب الجامعي، وتقديمهم كنماذج يقتدى بها.

الضيوف من الدول التي قطعت أشواطاً كبيرة في مجال الفضاء كانوا ينظرون لاستضافة البحرين لأعمال المنتدى بنظرة تقدير كبيرة، وجميعهم بينوا أهمية الاستثمار الحكومي والخاص في هذا العمل الذي سيعود بالمنافع التنموية الكبيرة على دول المنطقة، فبين مراقبة الأرض والنظر في التقنيات الممكنة إليه، وبين استكشاف الفضاء بوصفه بوابة إلى الكون، ثمة رؤى وسياسات تفرض نفسها كأولوية عمل، وكل ذلك حتماً لن يستقيم إلا بالمعرفة والخبرة، فهنئاً لكوادر تعمل من أجل الغد، وترسم السياسات المبدعة وتنفذها من أجل مستقبل أكثر نجاحاً وتميزاً.. فلكل من نظم وشارك وحضر هذا المنتدى.. شكراً لكم.