تناقلت وسائل الإعلام التصريحات التي أوردتها قناة «برس تي في» على لسان وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي يوم الأربعاء الموافق 19 ديسمبر 2012، وقال فيها «إن إجراء المناورة العسكرية المرتقبة في مضيق هرمز يهدف إلى حماية الأمن الإقليمي بشكل أفضل، مضيفاً بأن إيران تهدف من وراء إجراء هذه المناورة إلى توفير مزيد من الجاهزية من أجل الحفاظ على الأمن الإقليمي بشكل أفضل، مؤكداً بأنه لن يتم اختبار تدابير تكتيكية وأسلحة حديثة في التدريبات».
ليست هذه التصريحات هي الأولى من نوعها بشأن الجاهزية الإيرانية، التي تأتي على لسان وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي، فقبل ما يربو على شهر من هذا التصريح، أكد وحيدي، في تصريح آخر نقلته أيضاً قناة «برس تي في « الإيرانية على أن «قوات بلاده المسلحة مستعدة تماماً لصد أي هجوم محتمل ضد طهران، وأن القوات المسلحة في البلاد بحالة جيدة من حيث القوة العسكرية، وأنها على استعداد للرد على أي تهديد، وأن هذه التهديدات كانت موجودة دائماً، مشدداً على القدرات العالية الموجودة لدى القوات المسلحة الإيرانية للرد على مثل هذه التهديدات، مضيفاً بأن أعداء طهران يعلمون جيداً قدراتها، إلا أنهم يلجؤون إلى التهديدات من حين لآخر للتغطية على مشاكله».
ما يعطي التصريح الأول مزيداً من الأهمية أن جاء في أعقاب تصريحات أخرى، أدلى بها على نحو مستقل قائد القوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني علي فدوي، جاء فيها «أن بلاده ستجري مناورة في مضيق هرمز في نهاية العام الإيراني الجاري (بنهاية 20 مارس 2013)، مضيفاً هو الآخر، إن إيران تهدف إلى إرساء أمن دائم في مضيق هرمز أبرز ممر للطاقة في العالم، مؤكداً أن القوات الأجنبية غير قادرة على إرساء أمن دائم في المنطقة».
هذا يعني أن ما يرشح من تصريحات بشأن الجاهزية العسكرية الإيرانية، ودورها المرسوم لها في منطقة الخليج العربي على نحو ضيق، وعلى النطاق الشرق أوسطي على نحو أوسع، ليست مجرد أحاديث إعلامية، ولا مزايدات كلامية، بقدر ما هي رؤية استراتيجية متكاملة، تعود بجذورها إلى التاريخ الفارسي القديم، ليس نظام الشاه الذي أطاحت به الثورة الخمينية سوى الأقرب زمنياً فيها. يدفعنا نحو هذا الاستنتاج مجموعة من الخطوات الإيرانية المدروسة، التي ترافقت، على مدار السنوات الأخيرة الماضية، مع مجموعة متميزة نوعياً «من التدريبات العسكرية لتعزيز القدرات الدفاعية لقواتها المسلحة واختبار الأساليب والمعدات العسكرية الحديثة».
هنا لابد من الإشارة أيضاً، أنه وقبل يومين على وجه التحديد، وخلال لقائه بالوفد الاقتصادي المصري الذي يزور طهران حالياً، أبدى نائب وزير الدفاع الإيراني محمود زاده استعداد «إيران للتعاون العسكري وغير العسكري مع مصر، في مجالات الإنتاج الحربي والتدريب والتطوير التقني، ونقل الخبرات والتجارب في إزالة الألغام»، مؤكداً، وهذا هو الأهم على أن «أكثر من 90% من الأسلحة والذخيرة التي تستخدمها القوات المسلحة الإيرانية محلية الصنع إلا أن بعض الخامات نستوردها من الخارج». وقد حضر اللقاء، وهذا ما يعكس أهميته «12 مسؤولاً عسكرياً داخل مقر وزارة الدفاع الإيرانية في تخصصات التصدير والصناعات الحربية، من بينهم اللواء محمد خاني، نائب مدير هيئة الطيران الحربي، والدكتور سيد مليكار، نائب مدير هيئة الصناعات الفضائية والطائرات المقاتلة والمدنية والطائرات دون طيار، ومسؤول عن الاستخبارات العسكرية والحرب الإلكترونية، ورئيس قسم الأقمار الصناعية، ونائب هيئة الصناعات البحرية». وخلال هذا الشهر، وتحديداً ففي 4 ديسمبر 2012، وفي إطار الحديث عن «الجاهزية العسكرية الإيرانية»، أعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان صادر عنه «إن طائرة من دون طيار أمريكية من نوع «سكان إيغل ScanEagle»، كانت تقوم خلال الأيام الماضية بعملية استطلاعية في منطقة الخليج قد اصطادتها الوحدات الدفاعية وأنظمة المراقبة لسلاح البحر التابع للحرس فور دخولها المجال الجوي الإيراني، وتمكنت من السيطرة عليها وإنزالها في الأراضي الإيرانية».
ورغم نفي البحرية الأمريكية، لفقدان «أية طائرة من دون طيار فوق منطقة الخليج مؤخراً»، لكن سبق لواشنطن أن أعلنت في نوفمبر 2012، عن قيام «طائرات حربية إيرانية بإطلاق النيران على طائرة مراقبة أمريكية دون طيار كانت تحلق في 'المجال الجوي الدولي». وفي اليوم ذاته «4 ديسمبر 2012»، كان نائب قائد القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، الأميرال علي رضا تنكسيري، قد اعترف بأن «الغواصات التابعة للحرس الثوري ستدخل الخدمة قريباً في مياه الخليج»، منوهاً إلى تنامي قدرات القوات البحرية الإيرانية مقارنة بالماضي، معلناً استعداد هذه القوات لتأمين أمن واستقرار منطقة الخليج، مضيفاً أنه في المستقبل القريب ستنضم الغواصات الإيرانية إلى القدرات الدفاعية للقوات البحرية التابعة للحرس الثوري، ولم ينسَ القائد العسكري الإيراني أن يلفت إلى ما أسماه بـ»محاولات القوى الأجنبية لإثارة الفتن في المنطقة»، مضيفاً أن استراتيجية القوى الأجنبية في المنطقة تتمثل في التخويف من إيران، من أجل إثارة الخلافات الطائفية واختلاق النعرات القومية، وتقويتها وتأجيج بعض الصراعات الجغرافية والحدودية. وقبل ذلك، وتحديداً في سبتمبر 2012، تناقلت وسائل الإعلام ما نسبته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» إلى قائد سلاح البحر في الجيش الإيراني الأدميرال حبيب الله سياري، قوله «إن إيران أرسلت وحدات من أسطولها إلى المياه الإقليمية، والدولية 21 مرة خلال الأعوام الـ3 الماضية للقيام بمهمات، ما يؤكد قوة ومتانة الإمكانات الدفاعية الإيرانية، مؤكداً على أن إرسال وحدات من البحرية الإيرانية للقيام بمهمات إلى المياه البعيدة يأتي انطلاقاً من توصيات قائد الثورة الإسلامية، القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية علي خامنئي، مضيفاً أن البحرية الإيرانية تقف دائماً على استعداد تام للقيام بكافة المهمات، وبأن إرسال وحدات من الأسطول الإيراني إلى المياه الإقليمية والدولية يأتي بإطار رفع جهوزية هذه القوات لتنفيذ كافة المهمات بأقصى سرعة، وأن سلاح البحر الإيراني يعمل دوماً على توفير الأمن لجميع الناقلات، والسفن التجارية في المنطقة الخطيرة الواقعة على 10 درجات شمالاً، وأن التواجد الإيراني يمهد الطريق لانتشار الثقافة الإيرانية في موانئ المنطقة».
وقبل ذلك، وفي شهر أغسطس من العام ذاته أكد وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي أن «إسرائيل ليست في وضع يمكنها من تهديد إيران، مشيراً إلى أن التهديدات التي يطلقها الكيان الإسرائيلي ضد بلاده تنطوي على جوانب نفسية ودعائية، مضيفاً في تصريح له على هامش اجتماع مجلس الوزراء الإيراني، أن إيران لديها الجاهزية اللازمة للرد على هذه التهديدات ورد المسؤولين الإيرانيين على التهديدات الإسرائيلية لا يعني بالضرورة أنها جادة وإنما المسؤولية هي التي تفرض ذلك».