قبل الميلاد بستمائة عام تقريباً كان؛ نبي بني إسرائيل «حبقوق» من سبط لاوي ساخطاً على وضع اليهود من فسادهم وتجبرهم، فلم تكن تلك الأمة التي حلم يوماً ذلك النبي أن يراها بهذا الشكل إلى أن سلط الله عليهم الكلدانيين، حتى بدأ ذلك النبي يحث شعبه بالعودة إلى الله مجدداً، فقد كان «حبقوق» تقياً ذا قدرة على القيادة ويتمتع بقوة بدنية وله فكر ورؤية خاصة، حسب الرواية التوراتية.
في عام 1999 حزم شاؤل بن عاموس، أحد مدربي ناشئي كرة القدم في تل أبيب أمتعته استعداداً للتوجه إلى القارة السمراء، وتحديداً أوغندا، كبداية لرحلة تضم دول غرب ووسط أفريقيا لمتابعة شركاته ومشاريعه، كما إنه يمتلك حق التنقيب عن المعادن في تلك الدول، وأثناء استراحته في أحد أيام العمل الشاقة جذب انتباهه مهارات وسرعة مجموعة من الصغار العاملين معه، والذين يلعبون كرة القدم، فتقرب منهم بحكم حبه الشديد لكرة القدم، وبدأ بن عاموس مشاركة الصغار في تمرير الكرة وتصويبها نحو المرمى، واتفق معهم على المشاركة في مباريات أخرى، ولكن يجب أن يرتدوا الملابس الرياضية أثناء ممارسة اللعب، ولكن فقر الصغار كان يمنعهم حتى من ارتداء حذاء في القدم، فقدم لهم بن عاموس ملابس رياضية كهدية لهم، وقد كان على جميع تلك الملابس علامة نجمة «إسرائيل». وبعد أن استدعى بن عاموس سماسرة وكشافين من «إسرائيل»؛ بدأ في ترتيب معسكر رياضي لهؤلاء الصغار، ولم يغلب كثيراً بن عاموس في وضع اسم للمعسكر، فكان «العهد القديم» حاضراً في ذهنة دائماً، فعلق على المعسكر يافطة بعنوان «معسكر حبقوق»، وبالفعل بدأ المعسكر نشاطه وزادت فرحة الصغار، ومع الوقت بدأ بن عاموس يكلمهم عن «وطنه إسرائيل» وعن جمال تلك الدولة، حتى إنه رفع علم «إسرائيل» في قلب المعسكر.
ومع كل صباح يصطف الصغار مرتدين الملابس الرياضية التي تحمل نجمة داود أمام العلم كي يقدموا له التحية وقسم الولاء لدولة «إسرائيل»، وما أن اشتد عود الصغار وثبتت أقدامهم في المستطيل الأخضر؛ حتى وضعت أقدامهم على الرحلات الجوية المسافرة لـ«إسرائيل» والاحتراف بأندية تل أبيب ونتانيا، حتى أصبح كل من أندية مكابي حيفا ومكابي تل أبيب وهابويل تل أبيب قبلة كل من هؤلاء الصغار وعقد بخمسمائة دولار، وهو أقصى أمانيهم، ولكن مهارة وقوة الصغار وذكاء بن عاموس رفع من سقف أحلامهم وطموحاتهم، فبدأ سماسرة أوروبا يذهبون إلى «إسرائيل» إعجابا بهؤلاء الصغار بعد عمل دعاية لهم من أنديتهم «الإسرائيلية»، وأصبح مشهد سوق عكاظ سماسرة أوروبا معتاداً في تل أبيب، فتجد كشاف نادي جينت البلجيكي يطلب ضم اللاعب الغاني رقم عشرة، ثم يعلن سمسار نادي الكمار الهولندي موافقته على ضم ذلك المدافع الجابوني، ثم يأتي فاكس لإدارة النادي «الإسرائيلي» لضم الظهير الأيسر النيجيري السريع إلى تولوز الفرنسي.
وهكذا أصبحت أندية تل أبيب سوقاً لسماسرة القارة العجوز، وأصبح النادي «الإسرائيلي» يتربح أضعافاً مع احتراف كل لاعب بجانب احتراف لاعبين «إسرائيليين» في أكبر أندية أوروبا بعد منح هؤلاء الأفارقة الجنسية «الإسرائيلية».
أما بالنسبة لبن عاموس؛ فصارت معسكراته تنتشر في دول غرب ووسط وجنوب أفريقيا كالجراد، وصارت أعلام «إسرائيل» ترفرف كل يوم في بلد ومدينة أفريقية جديدة. ويتم استقباله الآن في تل أبيب كقائد، أو بن جوريون جديد، ويتصل به ضباط الموساد قبل الإعلاميين والسماسرة، وأصبحت خطة انتشار وعمل معسكرات «حبقوق» مدعومة من اتحاد الكرة «الإسرائيلي» مباشرة.
في صيف 2006، أي موسم عودة اللاعبين العرب الذين احترفوا في بداية نفس العام بسبب عدم تأقلمهم في أجواء الاحتراف الأوروبي، كان اللاعب الغاني جون بينتسيل، المحترف في صفوف نادي هابويل تل أبيب، ومن قبله نادي مكابي تل أبيب يحزم أمتعته استعداداً للسفر إلى ألمانيا مع منتخب بلاده لخوض غمار مباريات كأس العالم، وما أن اهتزت شباك منافسهم المنتخب التشيكي بهدفي أسامواه ومونتاري؛ حتى رفع جون بينتسيل علم «إسرائيل» تحية للبلد التي أنعمت عليه وعلى رفاقة، في مشهد صدم كل مشاهد عربي.
فكرة القدم في نظرنا أداة للتسلية، أما في نظر الأوروبيين صناعة، وفي نظر «الإسرائيليين» أحد أسلحة القوى الناعمة وأداة جديدة لاستعمار مزيد من الدول.